حكم قاضٍ فدرالي بأن مسؤولين في إدارة ترامب أساءوا استعمال سلطاتهم لتهديد ونفي ناشطين طلابيين مؤيدين للفلسطينيين، في محاولة لقمع نقدٍ مشروع وإخضاع حرية التعبير لِلترهيب.
القاضِي الفدرالي ويليام يونغ — المعين في عهد الرئيس رونالد ريغان — قرَّر يوم الثلاثاء أن وزير الخارجية ماركو روبيو ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم استغلا صلاحياتهما في حملة طرد تستهدف طلاباً أجانب، بغرض إسكات معارضي سياسات إسرائيل، بما يُعد اعتداءً على حقّهم الدستوري في حرية التعبير.
قال يونغ في قرار مكتوب: «لقد فُعل ذلك لإثارة الخوف في نفوس أفراد غير مواطنين في وضع مماثل، مما أدى بشكل استباقي (وبنجاح) إلى تقييد الخطاب القانوني المؤيد للفلسطينيين وإنكار حرية التعبير التي تُعتبر حقاً لهم». وأضاف: «والأثر المتمثل في هذه الإجراءاتّ الموجهة لا يزال حتى اليوم يُخيف بحرية التعبير بصورة غير دستورية».
يُعدُّ الحكم توبيخاً قانونياً بارزاً لمحاولات إدارة ترامب معاقبة غير المواطنين الذين شاركوا في نشاط طلابي ضد الحرب في غزة العام الماضي. وروبيو اعترف بأنه ألغى تأشيرات مئات الطلاب — بينهم مقيمون دائمون قانونياً — بحجة نشاطهم pro-Palestine.
رفعت القضية رابطة أساتذة الجامعات الأمريكية التي كانت تقود مقاومة أمام محاولة الإدارة إعادة تشكيل التعليم العالي وفق منظومات أيديولوجية يمينية.
خلال جلسات المحاكمة اعترف مسؤولو الحكومة بأنهم اعتمدوا على موقع “كاناري ميشن” لتجميع معلومات وفضح طلاب أجانب بصيغة تُسهل إزاحتهم من البلاد؛ الموقع الذي وُصف من قِبل منتقديه بأنه أداة لتعرية ومطاردة النشطاء.
من بين أوائل من استُهدفوا كان محمود خليل من جامعة كولومبيا، الذي احتُجز في مركز للهجرة ثلاثة أشهر وفاته ولادة ابنه الأول قبل أن يأمر قاضٍ بالإفراج عنه. وفي قضية بارزة أخرى، اعتُقلَت الباحثة التركية من جامعة توفتس، روميصة أوزتورك، على يد عناصر اتحادية ملثمة وقضت أسابيع في السجن بعد أن شاركت في كتابة مقال رأي في صحيفة جامعتها يدعو إدارة الجامعة إلى تنفيذ قرار مجلس الطلاب، بما في ذلك دعوات للانسحاب الاستثماري من شركات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان في إسرائيل.
أمرت محكمة فدرالية بالإفراج عن أوزتورك في مايو، لكنها — ومحمود وآخرون — ما زالوا يواجهون إجراءات طرد لم تُحسم بعد. لا يزال غير واضح كيف سيؤثر حكم الثلاثاء على كل ملفٍ على حدة.
استندت إدارة روبيو في حملة الطرد إلى نص نادر الاستعمال من قانون الهجرة والجنسية، زاعمةً أن وجود هؤلاء الطلاب يُلحِق «أضراراً» بالسياسة الخارجية الأمريكية. وطرحت الإدارة حججاً مفادها أن الطلاب الأجانب وغير المواطنين يتمتعون بحقوق محدودة ويمكن إبعادهم إذا أساؤوا استخدام الامتيازات الممنوحة لهم بالإقامة في الولايات المتحدة. ووجهت اتهامات — من دون أدلة مقنعة — بأن بعض الطلاب يدعمون «الإرهاب» أو يروجون لمعاداة السامية أو ينشرون دعاية لحماس.
ورغم أن القاضي يونغ أقر بأن غير المواطنين هم ضيوف على هذا البلد، شدد على أنهم محميون دستورياً. في كلماته: «طريقة تعاملنا مع ضيوفنا مسألة ذات امتداد دستوري؛ لأن من نحن كشعبٍ وأمة يمثل جزءاً محورياً من كيفية تفسير القوانين الأساسية التي تقيدنا». وختم قائلاً: «لسنا، ويجب ألا نصبح، أمة تسجن أو تطرد الناس لأننا نخشى ما قد يقولونه لنا».
كما رفض يونغ مساواة النقد الموجه إلى إسرائيل بدعم «الإرهاب»: «إذا فُسِّرَت كلمة “إرهابي” لتشمل مناصري القضية الفلسطينية أو المعارضين لإسرائيل، وإذا عُدَّت “الدعم” شمولاً لكل خطاب سياسي، فإن الحقوق الأساسية لحرية التعبير ستكون في مهب الخطر».