أوغندا وافقت مبدئياً على استقبال مواطنين أجانب تُعيدهم الولايات المتحدة من أراضيها، في إطار ترتيب أوسع صاغته إدارة الرئيس دونالد ترامب لتسريع عمليات ترحيل المهاجرين المثيرة للجدل.
ما الذي اتفقت عليه أوغندا؟
في بيان نشره سكرتير وزارة الخارجية الأوغندية الدائم، باجيري فنسنت وايسوا، عبر منصةٍ إلكترونية، قالت الوزارة إن كيبالا أبرمت “تنسيقاً موقتة” مع واشنطن لاستقبال رعايا دول ثالثة تواجه أوامر ترحيل من الولايات المتحدة ولكنها ترفض العودة إلى أوطانها. الاتفاق يحمل شروطاً: استثناء الأشخاص ذوي السوابق الجنائية والأطفال غير المصحوبين، وتفضيل أن يكون المستفيدون من الاتفاق من أصول أفريقية. وأضاف البيان أن “الطرفين يعملان على وضع الضوابط التفصيلية لتنفيذ الاتفاق”.
السلطات الأميركية قالت إن الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ناقشا عبر الهاتف قضايا متعلقة بالهجرة والتبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية. الإعلان جاء بعد أيام من تقارير في الصحافه المحلية الأوغندية عن احتمالات قبول أوغندا لمُرحَّلين أميركيين، وهو ما أنكره وزير الخارجية حينها قبل أن يتراجع الخط الرسمي لاحقاً.
ما الذي قد تكسبه أوغندا؟
البيان الرسمي لم يذكر مقابل الاتفاق، لكن تقارير تربط مثل هذه التسويات بخفض رسوم جمركية أو تسهيلات تجارية. أوغندا تُواجه حالياً رسوم استيراد قدرها 15% على بعض منتجاتها إلى الولايات المتحدة، في سياق حرب الرسوم المقابلة التي أطلقها ترامب، وهو ما هدد صادراتها خصوصاً الزراعية — القهوة والفانيليا وحبوب الكاكاو ومنتجات بترولية من بين الصادرات الأساسية إلى السوق الأميركية. أوغندا تطمح إلى زيادة صادرات القهوة إلى الولايات المتحدة ومنافسة موردين كبار مثل كولومبيا، في حين تستورد من الولايات المتحدة آلات وقطع غيار تُخضعها أوغندا لرسوم استيراد تبلغ حوالي 18%.
العلاقات بين البلدين تاريخياً كانت ودّية، لكن توتّرت بعد إصدار أوغندا قانوناً مضاداً للمثلية الجنسية عام 2023، ما دفع واشنطن لقطع تمويل برامج مرتبطة بفيروس نقص المناعة (HIV) وفرض قيود على تأشيرات مسؤولين متّهمين بتقويض العملية الديمقراطية، إضافة إلى إقصاء أوغندا من برنامج النمو والفرص الإفريقي (AGOA). البنك الدولي بدوره فرض قيوداً على الاقتراض الأوغندي لفترة ثم رفعها في يونيو الماضي.
ردود الفعل واعتبارات حقوق الإنسان
منظمات حقوقية وخبراء قانون أدانوا خطط ترامب لترحيل ملايين المهاجرين، ولفتوا إلى أن بعض المرحَّلين كانوا قد أُعيدوا تحت ذريعة أنهم مجرمون مُدانون أو “وحوش وحشيون” وفق تعبيرات صادرة عن البيت الأبيض. محامون وناشطون حذّروا من أن الاتفاقيات من هذا النوع تنتهك القانون الدولي وتترك وضع المرحَّلين القانوني غامضاً — هل هم لاجئون أم سجناء؟ — وتحوّل البشر إلى أوراق مساومة سياسية.
نقطة على لسان المحامي الحقوقي نيكولاس أوبيو كانت حادة: نحن نضحي بالبشر من أجل مكاسب سياسية؛ “أبقِ لي سجناءك إذا دفعتَ لي” — تساؤل يقرّب هذه الممارسة من الاتجار بالبشر في مضمونها.
هل تستضيف أوغندا لاجئين بالفعل؟
نعم. أوغندا هي أكبر دولة إفريقية تستقبل لاجئين، وتستضيف نحو 1.7 مليون لاجئ، غالبهم من جنوب السودان والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية التي تشهد نزاعاً مسلحاً واضطراباً. الأمم المتحدة أشادت سابقاً بسياسة أوغندا للجوّء واعتبرتها “تقدّمية” وذات نهج مفتوح للأبواب.
لكن مع ذلك، يثار قلق المعارضة بشأن سجل الحكومة في حقوق الإنسان؛ حكم موسيفيني مستمر منذ 1986، والانتخابات يُنظر إليها على أنها مشوبة بالتزوير أحياناً، والمعارضون والصحفيون يتعرّضون للاعتقال وحتى للتعذيب بحسب تقارير. نواب معارضون يقولون إن قبول الاتفاقية قد يمنح شرعية غربية إضافية لحكومة موسيفيني قبيل انتخابات 2026، وأن الهدف من وراء الصفقة قد يكون تحسين الصورة الدولية للأغلبية الحاكمة بينما يدفع ثمن ذلك المحتجزون والمُرحَّلون. ودعا إلى ألا تتجاهل الولايات المتحده ما وصفه بأنه قضايا تتعلق بحقوق الإنسان في أوغندا.
جاسمين راميريز تحمل صورة ابنها أنجيلو إسكالونا خلال تظاهرة نظمتها الحكومة احتجاجاً على ترحيل مشتبه بكونهم أعضاء عصابة «ترين دي أراجوا» الفنزويلية، والذين نُقلوا إلى سجن في السلفادور، في كاراكاس، فنزويلا، الثلاثاء 18 مارس 2025 (أريانا كيبيّوس/أسوشييتد برس).
إلى أي دول أرسلت الولايات المتحدة أشخاصًا؟
– دخلت إسواتينى، رواندا وجنوب السودان في اتفاقيات مماثلة مع الولايات المتحدة.
– في يوليو، قبلت إسواتينى خمسة رجال لم يُكشف عن أسمائهم ومنحدرون من فيتنام، جامايكا، لاوس، كوبا واليمن.
– وصفت تريشا ماكلولين، مساعدة وزير الأمن الداخلي، هؤلاء بأنهم «أفراد هم من طراز همجي فريد لدرجة أن دولهم رفضت إعادة استقبالهم». وأضافت أنهم أدينوا بجرائم تتراوح بين اغتصاب أطفال والقتل، وقد يواجهون أحكامًا تصل إلى 25 سنة سجن. ويقضون الآن فترة حجز وسيعادون إلى بلدانهم بحسب مسؤولين لم يحددوا جدولاً زمنياً.
– يتهم ناشطون حكومة إسواتينى بالموافقة على الصفقة مقابل خفض تعريفات جمركية من الولايات المتحدة. البلد الصغير، الذي يصدر الملابس والفواكه والمكسرات والسكر الخام إلى السوق الأمريكية، كان قد فُرضت عليه رسمًا قدره 10 في المئة.
– قال سيمولاني من مركز القانون الجنوبي الإفريقي، الذي يقود قضية قضائية مستمرة للطعن في قرار حكومة إسواتينى، لقناة الجزيرة: «لا ينبغي لأي دولة أن تُجبر على انتهاك القوانين الدولية لحقوق الإنسان، أو حتى قوانينها الداخلية، لإرضاء الدول الغنية باسم التجارة». وأضاف أن الخطوة تخالف دستور البلاد الذي يشترط أن تمر الاتفاقيات الدولية عبر البرلمان. واختتم بقوله: «ما نريده أساسًا هو نشر الاتفاقية للفحص العام، ليتسنى للجمهور التأكد مما إذا كانت تتوافق فعلًا مع المصلحة الوطنية. ونريد أيضًا إعلان الاتفاقية غير دستورية لعدم موافقة البرلمان عليها».
– استدعت جنوب أفريقيا، التي تحد إسواتينى من ثلاث جهات، دبلوماسيي الدولة الصغيرة في أوائل أغسطس لرفع مخاوف أمنية حول الترتيب.
– بالمثل، أرسلت الولايات المتحدة ثمانية مجرمين وصفتهم الوزارة بأنهم «همجيون» إلى جنوب السودان في يوليو. وسجلت وزارة الأمن الداخلي أنهم من كوبا وميانمار وفيتنام ولاوس والمكسيك وجنوب السودان، وأدينوا بجرائم مثل القتل من الدرجة الأولى والسرقة والاتجار بالمخدرات والاعتداء الجنسي.
– تم تحويلهم في البداية إلى جيبوتي لعدة شهور أثناء نظر طعن قانوني في الولايات المتحدة، لكن المحكمة العليا الأمريكية أذنت في أواخر يونيو بنقلهم إلى جنوب السودان.
– أكدت رواندا كذلك أنها ستستقبل 250 مرحّلًا من الولايات المتحدة في تاريخ لم يُعلن بعد. وذكرت المتحدثة باسم الحكومة يولاند ماكولو أن المرحّلين سيحصلون على «تدريب مهني، رعاية صحية وسكن». سبق لرواندا أن أبرمت صفقة مثيرة للجدل لقبول مهاجرين مقابل أجر مع المملكة المتحدة، لكنها انهارت بعد انتخاب حكومة العمال الجديدة في بريطانيا عام 2024.
– خارج أفريقيا، استقبلت السلفادور 300 مهاجر، معظمهم من فنزويلا، مقابل رسوم قدرها 6 ملايين دولار.
– قبلت كوستاريكا 200 طالب لجوء من أفغانستان والصين وغانا والهند وفيتنام؛ أعيد معظمهم إلى بلدانهم، إلا أن نحو 28 شخصًا ظلوا محتجزين حتى يونيو. ولا تزال التفاصيل المتعلقة بما قدمته الولايات المتحدة مقابل ذلك غير واضحة.
– وفي فبراير أُرسل ما يقرب من 300 شخص من دول مثل أفغانستان وباكستان وإيران والصين إلى بنما.