«قتلوا طفولته» — عائلة من الضفة الغربية تنعى طفلاً قُتل على يد إسرائيل

الريحية، الضفة الغربية المحتلة — في صباح السادس عشر من أكتوبر، استيقظ الطفل محمد الحلاق، الذي لم يتجاوز تسعة أعوام، على يوم جديد في قريته الصغيرة جنوب الخليل. أعدت والدته علياء ملابسه وفطوره، ووضعت ثلاث شرائح بيتزا إضافية في حقيبته ليشاركها مع أصدقائه كما طلب هو.

عاد محمد من المدرسة وقد حمل حقيبة جديدة وضع فيها كتبه وكراسه، متحمسًا ليأخذها معه بعد عطلة نهاية الأسبوع. تناول قليلاً من الطعام، ثم خرج ليشاهد الطيور كما اعتاد، فتى يسرّه أبسط الأشياء ويحيطه فضول دائم تجاه العالم.

بعد أن عاد ليلعب بين الزيتون ثم خرج للعب كرة القدم مع أصدقائه، لم يعد محمد إلى البيت.

انهال الحزن والصدمة على القرية حين علموا أن قوات إسرائيلية أطلقت النار على محمد وهو يلعب مع رفاقه.

«محمد اختفى»

في محل البقالة تلقت علياء اتصالًا من عمها أحمد يسأل عمّا إذا كان هناك اشتباكات في المنطقة. صرخت بلا وعي: «ابني محمد، ابني محمد!»؛ فغريزة الأم لم تخطئ. سمعت الأخت الكبرى ميس البالغة أربعة عشر عامًا إطلاق النار وركضت إلى الخارج. أبلغت العائلة في البداية أن الولد أصيب، فتوجهت علياء الى المستشفى، وقيل لها إنه أصيب برصاصة وأن حالته جيدة وسيُنزع الرصاصة. لكن الهمسات عن توقف النبض بدأت تنتشر، ومنعت من دخول غرفة العمليات بينما الأطباء يكافحون لإنقاذ حياته. ثم سمعت صوت جهاز المراقبة ينبض طويلًا حادًا — كان الخبر أن محمد قد فارق الحياة برصاص القوات العاملة في قريته.

«محمد رحل، ومعه كل الخير»

رد فعل الأمم المتحدة

وصف مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة مقتل محمد بأنه أمر مروع، وأشار إلى أن محمد هو الفلسطيني رقم 1001 الذي قُتل على يد قوات إسرائيلية أو مستوطنين في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر 2023، بينهم 213 طفلاً. وذكرت الأمم المتحدة أن أصغر طفل قُتل في الضفة كان طفلة تبلغ عامين اسمها ليلى الخطيب، أُطلقت النار عليها في منزلها في جنين خلال اقتحام في يناير.

يقرأ  الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني يصعّد الضغوط على ميرتس لدفعه إلى تأييد عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل

قال المكتب إن المعايير الدولية تفرض على إسرائيل إجراء تحقيق مستقل وفعّال في جميع الحوادث التي تُقتل فيها أشخاص في ظروف عنيفة أو مشبوهة. وأضاف أن الأعداد الكبيرة للقتلى، وانتشار استخدام القوة غير المشروع، والدعم المتوافر للعنف الاستيطاني، والافلات المستشري من العقاب، كلها عوامل تشير إلى أن استخدام القوة القاتلة أو المحتمل أن تكون قاتلة يُستعمل كأداة للسيطرة وقمع الفلسطينيين بدلاً من أن يكون الملاذ الأخير لاستعادة النظام وحماية الحياة المدنية.

السياق العسكري

تعتقد السلطات المحلية أن محمد وأصدقاءه بدأوا بالركض عندما رأوا آليات عسكرية قريبة منهم، ثم شرع الجنود بإطلاق النار. وجاء في بيان أولي للجيش الإسرائيلي أن قواته كانت تتعامل مع مشتبهين يرجمون الحجارة، رغم أن التقارير المحلية لا تشير إلى وقوع رمي حجارة، ولا إلى ضلوع محمد أو رفاقه في ذلك. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية لاحقًا أن تحقيقًا مبدئيًا أظهر أن إطلاق النار «انحرف عن قواعد الاشتباك» وأن هناك «استخدامًا غير مناسب للسلاح».

فراغ كبير في البيت

نادراً ما تُحاسَب القوات الإسرائيلية على عمليات قتل فلسطينيين في الضفة، فتُترك القرى مثل الريحية لالتقاط شظايا الحياة بعد مثل هذه المأساة. كان محمد ثالث أخوته الخمسة: ميس الكبرى، ثم جدي (12 عامًا)، سيلا (ست سنوات)، وإلياس (أربع سنوات). غيابه ترك ألمًا لا يطاق في قلوب الجميع.

العباءة البيضاء التي كان يرتديها لصلاة الجمعة ما زالت مطوية بجانب سريره، وزجاجة عطر صغيرة قربها، وكتبه مصطفة حيث تركها. أشارت علياء إلى المكان الفارغ قائلة: «هنا كان ينام محمد. لقد قتلوا طفولته».

تتعامل العائلة مع الفقد كلٌ بطريقته؛ ترفض سيلا العودة إلى المدرسة لأن أخاها كان يسير معها دائمًا. انهارت ميس عندما سمعت بخبر الوفاة: «لم يكن محمد مجرد أخ، كان صديقي. كان يأتي من المدرسة ويطلب مني أن أعلمه، وإذا تأخرت غضب وقال “علّمني أولًا”». ليلتها كانت يبقى معها حتى تغفو، ثم ينام بجانبها.

يقرأ  ترامب مستعد لفرض عقوبات على روسيا إذا امتنعت دول حلف الناتو عن شراء نفطها

ما زالت الحقيبة التي استلمها في آخر يوم مدرسة معلّقة على مسمار بجانب سريره. يمرّ والده بهجت حول الغرفة يلمس سريره ويتشمم ثياب ابنه. قال بهجت: «ترك رحيله فراغًا هائلًا. أراه في كل زاوية من البيت: على طاولة الطعام، في ركن دراسته ومنطقة اللعب».

«لا أصدق أنه رحل»، قالت ميس. «أتخيله في الجنة لعبًا وضحكًا كما كان. لا أصدق أنه رحل… ولن أصدق ذالك أبدا.» لم أستلم أي نص لأعيد صياغته أو لترجمته. الرجاء إرسال النص المطلوب حتى أتمكن من المتابعة.

أضف تعليق