انتشار عسكري في اللاذقية وطرطوس
نشرت قوات حكومية في مدينتي اللاذقية وطرطوس عقب احتجاجات تصاعدت إلى اشتباكات دامية أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ما لا يقل عن ستةون آخرين. جاء التدخّل العسكري في ظل تحوّلات سياسية تهدِف إلى استعادة الاستقرار وإعادة تأهيل البلاد على الصعيد الدولي بعد أربعة عشر عاماً من الحرب الأهلية المدمّرة.
أعلنت وزارة الدفاع السورية أن وحدات من الجيش مزوّدة بدبابات وآليات مدرعة دخلت مراكز المدن الواقعة على الساحل الغربي للبلاد استجابةً لما وصفتها بهجمات من “مجموعات خارجة عن القانون” استُهدِفت بها مدنيوّن وعناصر الأمن، مع مهمة معلنة لإعادة الأمن والنظام.
ونقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن مسؤولين قولهم إنّ تلك الهجمات نفّذتها “بقايا النظام المنصرف” خلال التظاهرات في اللاذقية. وأضافت الوكالة أن ستين شخصاً أصيبوا بجروح ناجمة عن طعنات ورُمَي بالحجارة وإطلاق نار استهدف عناصر الأمن والمدنيين على حد سواء.
وفقاً للتقارير، اندلعت المواجهات عندما اصطدم المتظاهرون بمناصرين للحكومة، فيما أطلق مسلحون ملثمون النار على عناصر الأمن. وذكرت وزارة الداخلية أن من بين القتلى كان هناك ضابط شرطة، وأكّدت فرق صحفية سقوط أعيرة نارية باتجاه قوات الأمن عند دوار الأزهر في اللاذقية، كما جُرح عنصران من الأمن في طرطوس بعد أن ألقي مجهولون قنبلة يدوية على مركز شرطة العنازة في بانياس.
احتجاجات العلويين
تزامنت هذه الأحداث مع تظاهرات حاشدة خرجت فيها آلاف العلويين في مناطقهم التقليدية في الوسط والساحل احتجاجاً على ما وصفوه بالعنف والتمييز. دعا إلى تلك المسيرات زعيم روحي علوي مقيم في الخارج، غزال غزال، مطالباً “بإظهار للعالم أن المجتمع العلوي لا يمكن إذلاله أو تهميشه” بعد التفجير الذي استهدَف مسجداً في حمص وأسفَر عن سقوط قتلى.
كان تفجير المسجد، الذي أعلن مسؤولية مجموعة سنية تُعرف بـ”سرايا أنصار السنة”، قد أوقع ثمانية قتلى وعشرات الجرحى، وهو أحدث حلقة من أعمال العنف التي تستهدف الأقلية العلوية، ذات المكانة البارزة خلال سنوات حكم الرئيس الأسبق المخلوع بشار الأسد.
المتظاهرون طالبوا بتنفيذ نظام فيدرالي يمنح هامشاً أوسع من الحكم الذاتي للمناطق المحلية ويركّز السلطة بعيداً عن دمشق، إضافة إلى المطالبة بالإفراج عن سجناء علويين. وقال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي في الداخل والخارج، في رسالة مسجّلة على فيسبوك: “لا نريد حرباً أهلية، نريد فيدرالية سياسية. لا نريد إرهابكم. نريد أن نقرّر مصيرنا بأنفسنا.”
“نريد فيدرالية”
قال أحد المحتجين المعارضين للحكومة، علي حسن، إن المطالب الأساسية تتمثّل في وضع حدّ للعنف المتواصل ضد المجتمع العلوي: “نريد أن ننام بسلام ونعمل بسلام، ونريد فيدرالية. إذا استمر الوضع هكذا فنحن نطالب بالفدرالية. لماذا يُقتل منا عشرةٌ كل يوم أو كل يومين؟”
من جهة مقابلة، خرج معارضون للمحتجين يؤيدون السلطة. وقد صرّح محمد بَكّور أنه حضر لإظهار دعمه للحكومة الجديدة، التي دعا مؤسسوها منذ اليوم الأول إلى السلام ومنح العفو للمجرمين، متّهماً المعارضين بمحاولة “إفشال المسار الجديد نحو إعادة بناء الوطن”. وأضاف: “الشعب كله يدعو إلى شعب واحد ووطن واحد، لكن هؤلاء يريدون الطائفية والفوضى والمصالح الشخصية وفدرلة تضرّ بالوحدة الوطنية.”
تستمر الأجواء مشحونة مع ترقّب تحرّكات مستقبلية، في ظل مخاوف متزايدة من اتساع دائرة العنف وتصاعد خطابات الاستقطاب الطائفي والسياسي.