باحتفالات حاشدة، ستُنقل يوم الثلاثاء كنيسه خشبية حمراء تاريخية تُعدّ من أجمل مباني السويد من موطنها القديم في بلدة كيرونا القطبية، لإفساح المجال لتوسعة أكبر منجم تحت سطح الأرض في أوروبا.
كنيسة Kiruna Kyrka اللوثرية، التي بُنيت عام 1912، يبلغ وزن هيكلها 672 طناً. ستُحمل على منصّات مسطّحة مُسيّرة عن بُعد لتقطع مسافة خمسة كيلو متر، على مدى يومَي الثلاثاء والأربعاء، بزحفٍ بطيء لا يتجاوز نصف كيلومتر في الساعة نحو مركز كيرونا الجديد.
هذه العملية اللوجستية المعقّدة والمكلفة، التي يفترض أن تنطلق عند الساعة الثامنة صباحاً (06:00 بتوقيت غرينتش) بعد مراسم بركة، أثارت اهتماماً واسعاً، مع توقع تزيّن شوارع البلدة — التي يبلغ عدد سكانها نحو 18 ألف نسمة — بأكثر من 10 آلاف متفرّج.
سيحضر الملك كارل السادس عشر غوستاف جزءاً من الفعاليات بعد الانتقال، فيما ستبثّ التلفزة السويدية الرحلة كاملةً مباشرةً عبر 30 كاميرا مُوزعة على طول المسار، في نسخة جديدة من صيحة “التلفزيون البطيء”.
ينقل مركز البلدة بكامله لأن منجم خام الحديد العملاق التابع لشركة LKAB يهيمن على المنطقة، وحفره المتواصل على أعماق متزايدة أضعف التربة وزاد مخاطر الانهيار في بعض المناطق.
بدأت عملية نقل المدينة قبل قرابة عقدين من الزمن ولا تزال مستمرة، وقد دُشّن المركز الجديد رسمياً في سبتمبر 2022. ونقلت شركة LKAB على عاتقها تكلفة نقل الكنيسة وحدها، التي تُقدَّر بنحو 500 مليون كرون (حوالي 52 مليون دولار).
صمّم المعماري السويدي غوستاف ويكمان هذا الصرح الشامخ الذي يصل ارتفاعه إلى نحو 40 متراً، ويجمع في تصميمه بين تأثيرات عدة، منها نقوش مستوحاة من ثقافة سامي المحليّة على المقاعد. يظهر الخارج بطابع قوطي-جديد مع أسقف مائلة ونوافذ على الجانبين، أما الداخل الداكن فيحمل سمات الرومانسية الوطنية ولوحة مذبح على طريقة الفن الجديد.
تُعدّ الكنيسة أحد 23 مبنى ثقافياً تُنقل في إطار عملية كيرونا؛ ووصفته LKAB بأنه “حدث فريد في تاريخ العالم”. وإن كانت أحجام وأوزان أكبر قد نُقلت سابقاً، فذلك عادةً كان في موانئ أو مناطق صناعية وليس عبر شوارع بلدات صغيرة.
وسّعت الشركة الطرق على طول المسار من عرض 9 أمتار إلى 24 متراً وسوّتها لتوفير انسيابية للحركة، في عمل استغرق سنة كاملة. وقد عرضت LKAB على المتضرّرين خيارَ التعويض المالي أو إعادة بناء مساكنهم ومبانيهم.
قال مدير مشروع LKAB ستيفان هولمبلاد يوهانسون لوكالة فرانس برس: “عندما جاء الأمر إلى الكنيسة، قررنا أنه من الأفضل نقلها قطعة واحدة. رأينا قيمة ذلك.” وأضاف: “بتبجيل كبير شرعنا في هذا المشروع… هذا ليس مبنى عاديّاً، إنها كنيسة.”
أوضح مصدر في الشركة أن المبنى خضع لفحوص دقيقة قبل النقل للحفاظ على عناصره الثقافية قدر الإمكان، وبخاصة لوحة المذبح والاورغن. لقد غُلّفت لوحة المذبح — التي رسمها الأمير السويدي يوجين (1865-1947) وتمثّل مناخات لونية مستوحاة من سفره إلى توسكانا الإيطالية وغرب السويد — بعناية، وكذلك الأُورغن الكبير الذي يضم أكثر من ألفي أنبوب.
حفر المهندسون حول موقع الكنيسة الحالي لوضع عوارض كبيرة تحتها ورفعها، ثم أدخلوا صفّين من المقطورات المنزلقة ليُسلَّقان تحت العوارض. وعند انطلاقها الثلاثاء سيبلغ الحمل الإجمالي نحو 1200 طن، بحسب LKAB. وسيتم نقل برج الجرس، القائم بشكل منفصل إلى جانب المبنى، الأسبوع التالي.
من المتوقع أن يتحوّل النقل إلى احتفال شارعي، حيث توفّر الشركة للجموع وجبات خفيفة ومشروبات وعروضاً حية، في مشهد يجمع بين الهندسة الدقيقة والروح المجتمعية.