كوبا تدين الموقف الأمريكي «العدائي» تجاه فنزويلا مع تفاقم التوترات

كوبا تتهم الولايات المتحدة بالسعي لإزاحة قيادة فنزويلا بالقوة

اتهمت كوبا الولايات المتحدة بالتقدم نحو محاولة إزاحة قيادة فنزويلا بعنف، محذرة من أن الانتشار المتزايد للقوات العسكرية الأميركية في منطقة الكاريبي يمثل تهديداً «مبالغاً فيه وعدوانياً» لاستقرار المنطقة.

«نناشد شعب الولايات المتحدة أن يوقف هذا الجنون» — قال وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز في بيان يوم الثلاثاء.

حذر رودريغيز من أن «الحكومة الأميركية قد تتسبب في عدد لا يحصى من الوفيات وتخلق سيناريو عنف وعدم استقرار في نصف الكرة ستكون عواقبه لا تُتصور»، مضيفاً أن مثل هذه الإجراءات ستنتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

في تغريدة باللغة الإسبانية شددت كوبا على إدانتها لتصعيد الوجود العسكري في الكاريبي وأكدت دعمها الكامل لفنزويلا، متسائلاً متهكماً عن موقع وزير الخارجية الأميركي في حال اندلاع حرب: هل سيذهب لمرافقة الجنود الشباب أم لا؟

الخلفية والتصعيد الأخير

تأتي هذه اللحظة بينما يدرس الرئيس الأميركي اتخاذ إجراءات إضافية ضد رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو، فيما لم تستبعد إدارة البيت الأبيض خطوات أكثر حدة. وقد اتهمت إدارة ترامب مادورو مراراً بتوجيه حملة لتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، من دون أن تقدم أدلة تثبت هذه الادعاءات.

خلال الشهرين الماضيين، قصفت الولايات المتحدة 21 زورقاً في مياه البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، ما أودى بحياة ما لا يقل عن 83 شخصاً، وزعمت واشطن أن هذه الزوارق متورطة في تهريب المخدرات، لكن السلطات لم تُصدر أدلة تُظهر وجود مخدرات على متنها، ويؤكد باحثون قانونيون أن غارات كهذه قد تخرق القانون الدولي حتى لو عُثر على مخدرات.

الوجود العسكري والتصريحات الرسمية

أصبح الوجود العسكري الأميركي في المنطقة الأكبر منذ عقود، مع وجود نحو 15,000 عنصر أميركي منتشرين في أنحاء الكاريبي. ورغم أن ترامب يصرّ على أنه لا يسعى لإسقاط الحكومة الفنزويلية، فقد أثارت تطورات أخيرة مخاوف متجددة من احتمال تدخل أميركي مباشر.

يقرأ  وزير الدفاع الإسرائيلي: «غزة تشتعل» مع تكثيف الغارات

أفادت وكالة رويترز نقلاً عن أربعة مسؤولين أميركيين أن واشنطن تتهيأ لدخول مرحلة جديدة من العمليات المرتبطة بفنزويلا، وأكد اثنان من هؤلاء المسؤولين أن الخيارات شملت محاولة الإطاحة بمادوروو.

عمليات سرية ومكافآت

في الشهر الماضي، فوّض ترامب وكالة الاستخبارات المركزية للقيام بعمليات سرية في فنزويلا. كما حافظت الولايات المتحدة على مكافأة قدرها 50 مليون دولار مقابل معلومات عن مادورو، وهي حافز نما كثيراً منذ الولاية الأولى لترامب.

الموقف الفنزويلي والاقتراب من التصنيف كمنظمة إرهابية

يؤكد مادورو، الذي يحكم منذ 2013، أن واشنطن تسعى لإزاحته وأن الجيش والشعب الفنزويليين سيقاومان مثل هذه المحاولات. تفاقمت التوترات هذا الأسبوع بعد أن أدرجت الولايات المتحدة ما يُعرف بـ«كارتل دي لوس سوليس» — أو «كارتل الشمس» — في قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية. يُستخدم مصطلح «كارتل دي لوس سوليس» محلياً لوصف مستويات عليا من الفساد بين صفوف المسؤولين، لكنه ليس عصابة منظّمة بالمعنى التقليدي.

جولة عسكرية أميركية في الكاريبي

وسط هذه الأجواء المتوترة، بدأ كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين جولة في دول الكاريبي للقاء قادة المنطقة. زار دان كاين، أكبر ضباط القوات المسلحة الأميركية، ترينيداد وتوباغو حيث التقى رئيسة الوزراء كاملا بيرساد-بيسيسار، مؤكداً التزام الولايات المتحدة بمواجهة التهديدات المشتركة وتعزيز التعاون الإقليمي في مواجهة تأثّر المنطقة بآثار المخدرات والأنشطة الإجرامية العابرة للحدود.

كما شملت الجولة توقفاً في بورتو ريكو حيث التقى كاين قوات أميركية، ومن المقرر أن يواصل وزير الدفاع بيت هيغسِث جولته بمحادثات مع قادة في جمهورية الدومينيكان لتعزيز العلاقات الدفاعية وإعادة تأكيد التزام واشطن بالدفاع عن أمنها القومي.

ردود فعل إقليمية

أعربت غالبية قادة دول الكاريبي عن موقف متحفظ تجاه الضربات الأميركية على الزوارق المزعومة، داعين إلى ضبط النفس والحوار، بينما أعربت بيرساد-بيسيسار عن دعمها العلني لتلك الضربات، وهو ما أثار انتقادات داخلية وخارجية ووصفت شخصيات إقليمية مثل أَميري براون، وزير خارجية ترينيداد السابق، خطاب رئيسة الوزراء بأنه «متهور» ومسبب لابتعاد ترينيداد وتوباغو عن كتلة CARICOM.

يقرأ  استراتيجياتبناء ثقافةالمشاركة المستمرة

الختام

التصعيد الأخير كشف عن مسار خطير يحتمل أن يعيد تشكيل ديناميكيات السلطة والاستقرار في نصف الكرة الغربي، ويضع الحكومات والهيئات الدولية أمام اختبار قدرتها على السعي للحلول الدبلوماسية وتفادي مسارات العنف التي قد تكون لها عواقب إنسانية وقانونية جسيمة.

أضف تعليق