كوريا الجنوبية تغدق الهدايا على ترامب بينما تسعى إلى اتفاق تجاري أكثر مرونة

أحرزت الولايات المتحده وكوريا الجنوبية تقدماً في محادثات تجارية متقدمة، تناولت تفاصيل استثمارات بقيمة 350 مليار دولار مُتوقَّع ضخها في الاقتصاد الأميركي، عقب جولات تفاوضية واحتفالات تخللتها إهداء ميدالية ذهبية وتاج للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

كلا الهديتين كانتا من طرف رئيس كوريا، لي جاي ميونغ، الذي لم يبخل بمجاملة مضاعفة بينما عملت واشنطن وسيول على تثبيت وعود مالية خلال المحطة الأخيرة من جولة ترامب الآسيوية.

رغم إعلان الجانبين تحقيق تقدم — واصفاً ترامب المسائل بأنها «قائمة على وشك الانتهاء» — لم يتم توقيع أي اتفاق بعد. يتضمن إطار العمل استثمارات متدرجة، وتعاوناً في بناء السفن، وخفض تعريفات ترامب على صادرات السيارات الكورية إلى الولايات المتحدة، بحسب كيم يونغ-بوم، رئيس مكتب لي للشؤون السياسية. ولم تُدْلِ البيت الأبيض برد فوري على طلب للتعليق.

أوضح كيم أن البلدين اتفقا على إبقاء الرسوم المتبادلة عند 15 بالمئة، كما هي منذ أغسطس، واتفقا كذلك على تطبيق هذا المعدل على السيارات وقطع غيارها، وهي أكبر الصادرات الكورية إلى الولايات المتحدة. كانت السيارات وقطع الغيار تُخضع لتعريفة قدرها 25 بالمئة، ما وضع شركات مثل هيونداي وكيا في موقفٍ غير مُواتٍ مقارنة بمنافسيها اليابانيين والأوروبيين الذين يخضعون لتعرفة 15 بالمئة.

ومع غياب تأكيد فوري من مسؤولين أميركيين على هذه النقاط، بدا واضحاً أن تقدماً تحقق في قضايا شائكة بعد يومٍ ملأه التبجيل للرئيس الضيف من مضيفيه.

تضمن الغداء قوائم خاصة قدمت لحم بقر تربى في الولايات المتحدة وحلوى براوني مزينة بالذهب. كما عزفت فرقة موسيقية أنشودة حملة ترامب «YMCA» عند نزوله من الطائرة الرئاسية. وقال لي لترامب: «أنت حقاً تعيد لأميركا مجدها».

يعرف عن ترامب طبيعته المتقلبة والمطالبة، لكنه يكنّ ميلاً واضحاً لطقوس البهرجة والمظاهر. وقد أُعجب بشكل خاص بعرض منسق لأعلام ملونة أثناء مروره على السجادة الحمراء.

يقرأ  ألمانيا تقرّ ميزانية مؤقتة لعام 2025 في إطار مساعي التعافي الاقتصادي

قال ترامب للي خلال لقائهما: «يا لها من لوحة! مشاهد جميلة حقاً، كانت كاملة وبلا عيب».

وفي وقت سابق من اليوم، خفف ترامب من لهجته تجاه التجارة الدولية التي عادة ما يصف فيها المسألة بلغة افتراسية تفيد أن هناك من يحاول دائماً استغلال الولايات المتحدة.

قال خلال منتدى أعمال: «أفضل الصفقات هي الصفقات التي تنجح للجميع».

المخاطر على كوريا الجنوبية

زار ترامب بينما تستضيف كوريا الجنوبية قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) في مدينة قيونغجو التاريخية. وكان قد توقف سابقاً في اليابان، حيث طوَّر علاقة مع رئيس الوزراء الجديد، وفي ماليزيا لحضور قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا.

يسعى الرئيس الجمهوري إلى إبرام صفقات تجارية خلال جولته، حريصاً على إظهار أن نهجه التصادمي القائم على التعريفات يعود بالفائدة على الأميركيين القلقين بشأن سوق العمل ومتابعين لإغلاق حكومي اتحادي يمتد للأسبوع الخامس.

لكن كوريا الجنوبية كانت من أصعب الشركاء اختراقاً، مع عقدة رئيسية تمثلت في مطلب ترامب باستثمارات مباشرة بقيمة 350 مليار دولار في الولايات المتحدة.

يؤكد المسؤولون الكوريون أن ضخ مبالغ نقدية بهذه الضخامة قد يزعزع استقرار اقتصادهم، وأنهم يفضلون تقديم قروض وضمانات قروض بدلاً من دفع أموال مباشرة. كما أن البلد سيحتاج إلى خط مبادلة لإدارة تدفُّق عملته إلى الولايات المتحدة.

بعد لقائه لي، قال ترامب: «لقد جعلنا اتفاقنا شبه مكتمل». ولم يفصح عن تفاصيل.

قالت أوه هيونجو، نائبة مدير الأمن القومي لكوريا الجنوبية، للصحافيين في وقت سابق من الأسبوع إن المفاوضات «تمضي بوتيرة أبطأ قليلاً» مما كان متوقعاً.

وأضافت الاثنين: «لم نتمكّن بعد من التوصل إلى اتفاق بشأن هيكلة الاستثمارات، وصيغها، وكيفية توزيع الأرباح».

ويُقَارن هذا بما أُحرز في اليابان، حيث سعت الحكومة إلى تنفيذ الاستثمارات التي تعهدت بها بقيمة 550 مليار دولار كجزء من اتفاق تجاري سابق. وكان وزير التجارة الأميركي قد أعلن عن تعهدات محددة تصل إلى 490 مليار دولار خلال حفل عشاء مع قادة أعمال في طوكيو.

يقرأ  تقرير: مصر تقرّر تقليص التنسيق مع إسرائيل عقب الغارة على قطر

وحذّر لي، متحدثاً في منتدى الأعمال قبل وصول ترامب، من مخاطر الحواجز التجارية.

قال: «في زمن يتزايد فيه الحمائية والقومية وتركز الدول على بقائها الآني، قد تبدو كلمات مثل ‹التعاون› و‹التعايش› و‹النمو الشامل› جوفاء. ومع ذلك، ومن المفارقات، في أوقات الأزمات كهذه يلمع دور APEC كمنصة للتضامن».

سيل الهدايا

تولى لي منصبه في يونيو، وأجرى لقاءً دافئاً مع ترامب في البيت الأبيض في أغسطس، حين أشاد بتجديدات المكتب البيضاوي واقترح بناء برج ترامب في كوريا الشمالية.

واتبع نهجاً مشابهاً عند زيارة ترامب يوم الأربعاء. تمثل الميدالية الذهبية المُقدمة لترامب وسام «موغونغهوا» الكبير، أعلى تكريم في البلاد، ويُعد ترامب أول رئيس أميركي يتلقى هذا الوسام.

قال ترامب: «إنه جميل إلى أقصى حد ممكن» و«أود ارتداؤه الآن».

تلا ذلك نموذج لتاج ملكي من مملكة شيلا التي قامت بين 57 قبل الميلاد و935 ميلادية، وقد عُثر على التاج الأصلي في إحدى المقابر في قيونغجو، عاصمة المملكة.

بخلاف الخلافات التجارية، ظهرت نقاط توتر أخرى بين واشنطن وسيول هذا العام. فقد أُوقِف أكثر من 300 كوري جنوبي خلال مداهمة هجرة أميركية على مصنع لشركة هيونداي في ولاية جورجيا في سبتمبر، ما أثار سخطاً وشعوراً بالخيانة.

قال لي حينها إن الشركات قد تتردد في القيام باستثمارات مستقبلية ما لم يتحسّن نظام التأشيرات.

وأضاف: «إذا لم يكن ذلك ممكنًا، فسترافق إقامة مصنع محلي في الولايات المتحدة إما عوائق كبيرة أو ستصبح مهمة جداً لشركاتنا».

وعند سؤاله الاثنين عن مداهمة الهجرة، قال ترامب: «كنت ضد إخراجهم»، وأضاف أن نظام تأشيرات محسناً سيُسهّل على الشركات جلب العمال المهرة.

ومن المقرر أيضاً أن يجري ترامب في كوريا الجنوبية اجتماعاً مرتقَباً مع الزعيم الصيني شي جينبينغ، وسط إشارات من واشنطن وبكين على استعداد لتخفيض حدة التوترات التجارية.

يقرأ  رحلة تبنّي الذكاء الاصطناعي — حكاية ثلاث مؤسسات

قال ترامب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية يوم الأربعاء إنه يتوقع خفض الرسوم الجمركية الموجهة إلى الصين فيما يتعلق بمكوّنات تُستخدم في تصنيع مادة الفنتانيل.

قال: «سيفعلون ما بوسعهم»، وأضاف أن «الصين ستعمل معي».

أضف تعليق