كوريا الجنوبية تحظر السفر إلى أجزاء من كمبوديا وتعيد مواطنين متورطين بقضايا احتيال إلكتروني
أعلنت سيول حظراً على سفر مواطنيها إلى مناطق محددة في كمبوديا على خلفية تصاعد المخاوف من تنامي صناعة الاحتيال الإلكتروني في البلاد. وعادت دفعات من المواطنين الكوريين الذين احتُجزوا في كمبوديا للاشتباه بتورطهم في عمليات احتيال إلكتروني، وتم توقيفهم فور وصولهم إلى الوطن، بحسب السلطات الكورية.
قال مسؤول في الشرطة الكورية لوكالة الأنباء إن أفراداً من الأجهزة الأمنية اعتقلوا المشتبه بهم على متن رحلة خاصة أُرسلت لنقلهم من كمبوديا. ووصل “مجموع 64 مواطناً” إلى مطار إنتشون الدولي على متن رحلة مستأجرة، وقد وُضعوا جميعاً رهن الحبس كمشتبه فيهم جنائياً.
أرسلت سول فريقاً إلى كمبوديا مؤخراً للتحقيق في حالات عدد من مواطنيها الذين قيل إنهم اختُطفوا أو جُلبوا قسراً للعمل في دوائر الاحتيال عبر الإنترنت. وأوضح مستشار الأمن القومي الكوري وي سونغ-لاك أن المحتجزين شملوا مشاركين “طوعاً وقسراً” في هذه الشبكات.
من جهتها وصفت وزارة الداخلية الكمبودية إعادة المواطنين بأنها “ثمرة تعاون جيد” بين البلدين في جهود قمع عمليات الاحتيال. وتوضح التحقيقات أن مراكز احتيال واسعة النطاق ازدهرت في كمبوديا منذ جائحة كوفيد-19، حين تحولت بعض الكازينوهات والفنادق المملوكة لصينيين إلى أنشطة غير مشروعة.
تعمل مئات مراكز الاحتيال الصناعية بمئات الآلاف من العمال، وتنفذ عمليات نصب روتينية تُعرف بأسلوب “تسمين الضحية ثم ذبحها” (pig‑butchering)، لا سيما عبر الاحتيال العاطفي والاستثمار في عملات مشفرة وهمية؛ وهي عمليات تجلب أرباحاً طائلة وتُسهم بسرقة عشرات المليارات من الدولارات سنوياً. وظهر نشاط مماثل في لاوس والفلبين وميانمار، حيث سُجّلت أسوأ حوادث الاحتجاز والتعذيب داخل مراكز الاحتيال.
تقدّر المصادر وجود نحو 200 ألف عامل في عشرات مركبات الاحتيال الكبيرة بكامبوديا، يمتلك العديد منها أو ترتبط فيها شخصيات ثرية وذات نفوذ سياسي، ويُعتقد أن نحو ألف مواطن كوري جنوبي من بينهم. وفي تحرك دولي، فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا عقوبات واسعة على شبكة إجرامية متعددة الجنسيات مقرها كمبوديا تُعرف باسم مجموعة برنس، التي تدير سلسلة مراكز احتيال في المنطقة. وصادرت السلطات البريطانية 19 عقاراً بلندن تزيد قيمتها عن 100 مليون جنيه إسترليني مرتبطة بهذه المجموعة.
قال المدعون إن رئيس مجموعة برنس، الملياردير الصيني الكمبودي تشن تشي، كان يتباهى بأن عمليات الاحتيال تحقق عائداً يصل إلى 30 مليون دولار يومياً. وتفيد السلطات الأمريكية والبريطانية أنه مطلوب بتهم الاحتيال عبر وسائل الاتصال وغسيل الأموال، وقد يواجه عقوبة سجنية تصل إلى 40 عاماً إذا أُدين.
جاءت هذه الإجراءات الدولية بينما أعلنت كوريا الجنوبية حظراً على السفر إلى أجزاء من كمبوديا وسط مخاوف متنامية من تجنيد مواطنيها في شبكات الاحتيال. كما أكدت الشرطة الكورية أنها ستشارك في تحقيق مشترك بشأن وفاة طالب جامعي كوري يشتبه بأنه اختُطف وعُذّب على يد عصابة إجرامية في كمبوديا. وعُثر على الجثة في شاحنة صغيرة في مقاطعة كامبوت الجنوبية في الثامن من أغسطس، وأظهرت نتائج التشريح أن الوفاة كانت نتيجة تعذيب شديد مع وجود رضوض وإصابات متعددة في الجسد.