كانت المهمة تُنفَّذ في أقصى درجات السرية. فريق من المتسلِّقين الأميركيين، انتقاهم جهاز المخابرات المركزي بعناية لأجل مهاراتهم في الجبال — ولانضباطهم في السكوت — شقّوا طريقهم نحو أحد أعلى قمم الهيمالايا، محاطين برياح عاتية وحواف ثلجية حادة.
خطوة تلو الأخرى، زحفوا على حافة تشبه لسان المنشار، تثبت خرابيش أحذيتهم داخل الجليد بصعوبة. خطأ واحد في وضع القدم، زلّة صغيرة، تعني سقوطاً هائلاً بعمق نحو ألفي قدم. قرب القمة، أعدَّ الأمريكيون ورفاقهم الهنود هوائيّات وكوابل، والأهم من ذلك مولّد سناب-19سي المحمول — جهاز طوّر في مختبر سري ويعمل بوقود مشع، من نوعية شبيهة بما يُستخدم في استكشاف أعماق البحار والفضاء الخارجي.
الخطة كانت تجسساً على الصين عقب تجربتها النووية الأولى. مذعورين من ذلك الانفجار، كلفت الـ C.I.A. المتسلّقين بوضع هذه التجهيزات — ومن بينها جهاز نووي يزن نحو خمسين رطلاً وحجمه يشبه كرة الشاطئ — على سقف العالم لالتقاط إشارات من مركز قيادة الصواريخ الصيني.
لكن الطقس تغيّر فجأة. هبت عواصف ثلجية، انخفضت الغيوم حتى بللت الرؤية، وغمر الأبيض قمة جبل نندا ديفي فجأة. من معسكر القاعدة المتقدّم، شاهد القبطان م. س. كوهلي، أعلى ضابط هندي في المهمة، المشهد بخوف، وهو يصرخ في جهاز اللاسلكي طالبًا رسالة من المعسكر الرابع. لسنوات يروى كيف جاء الصوت خافتًا، متقطعًا عبر الضجيج: «نعم… هذا… المعسكر… الرابع.» ثم أعطاهم أمراً حاسماً على أساس إنقاذ الأرواح: «أمّنوا العتاد. لا تنزلوا المعدات.»
نفّذ المتسلّقون الأمر. قضوا ليلة سريعة يربطون الصناديق في مغارة ثلجية عند المعسكر الرابع، ثم هربوا إلى الأسفل تاركين المُولّد هناك — جهاز نووي صغير يحتوى نحو ثلث نسبة البلوتونيوم المستخدمة في قنبلة ناغازاكي. ومنذ ذلك الحين، اختفى.
كان ذلك في عام 1965.
ما حدث لذلك الجهاز الذي يحوي Pu‑239، وإلى جانبها كميات أكبر من Pu‑238 ذات النشاط الإشعاعي العالي؟ لا أحد يعرف. وبعد ستين عامًا لا تزال الحكومة الأميركية تَتنصّل من أي اعتراف رسمي بوقائع ذلك اليوم.
منذ البداية، غُلفت العملية بزِغْرِيف من الخداع. صندوق من الملفات اكتُشِف مؤخرًا في مرآب بولاية مونتانا، كشف كيف أن مصورًا شهيرًا في ناشونال جيوغرافيك أبدع غطاءً مفصّلًا للمهمة السرّية — وكيف انهار جميع المخططات على الجبل. مقابلات واسعة مع المشاركين وملفات سريّة آنذاك بين أرشيفي الولايات المتحدة والهند توضح مَدى السقوط، والجهود اللاحقة لطمس الأمر على أعلى المستويات، حتى وصل الأمر إلى محاولات التغطية من قبل رؤساء دول لاحقين.
الوثائق ترسم حالة القلق التي انتشرت في واشنطن ونيو دلهي: الولايات المتحدة والهند، رغم أنهما أكبر ديمقراطيتين في العالم، كانتا تحملان علاقة معقّدة آنذاك كما الآن. كلاهما كانا يخشيان تطوّر القدرات النووية الصينية، وكلاهما يرصد نوايا الاتحاد السوفييتي في أفغانستان. الفضيحة المحتملة جراء فقدان جهاز نووي بهذا القرب من منابع الغانج كانت قادرة على تقويض علاقتهما. ومع ذلك، توضح الملفات كيف أن الرئيس جيمي كارتر ورئيس الوزراء الهندي مورارجي ديزاي تجاوبا سرًّا لتفادي انفجار سياسي عام.
الموجة الأولى للفضيحة اندلعت في السبعينيات، وما زال الناس في الهند يطالبون بالإجابات. سكان القرى النائية، ناشطون بيئيون وسياسيون يخشون أن يتحرّك الجهاز ويُنهي به المطاف في مجرى ثلجي يتفرّع إلى منابع نهر الغانج، نهر مقدّس يعيش عليه مئات الملايين. حجم المياه الهائل قد يخفّف أي تلوّث، لكن البلوتونيوم مادة شديدة السميّة وقد تُسبّب السرطان في الكبد والرئتين والعظام. ومع ذوبان الأنهار الجليدية، قد يظهر المولّد مُعرّضًا للخطر — خصوصًا إن تضرّر — ومحفوفًا بالسيناريو المرعب الذي يُستخدَم فيه البلوتونيوم لصنع «قنبلة قذرة».
الناشط الهندي البارز الذي أعاد الموضوع إلى التداول الصيف الماضي حذّر على منصات التواصل من خطورته، وقال في مقابلة: «لماذا يجب على شعب الهند أن يتحمّل الثمن؟» رجال حملوا الجهاز قبل عقود، ممن أقسموا الصمت، عاشوا منذ ذلك الحين بخوف مرير. قابلت صحيفة نيويورك تايمز بعضهم قبل وفاتهم؛ جيم مكارثي، آخر متسلّق أميركي باقٍ، لم ينسَ اللحظة التي ترك فيها كوهلي الجهاز: «جاءني إحساس داخلي أننا سنفقده.» ذكر أنه قال لكوهلي حينها: «تقوم بخطأ فادح. عليك أن تنزل ذلك المولّد.»
في الستينيات كانت هذه الأجهزة مُقدَّرة لتغذية آلات بعيدة بلا صيانة في ظروف قاسية، مثل الفضاء. تعمل بتحويل حرارة المواد المشعة إلى كهرباء؛ ومولدات من هذه الفئة مكّنت مركبات فضائية مثل فوياجر للاستمرار بالاتصال بالأرض عبر عقود. لكن في منتصف الستينات، انقلبت واحدة من تطبيقاتها إلى مجال التجسس.
بعد تفجير الصين قنبلتها عام 1964، اشتدّ قلق واشنطن. خطة جريئة نوقشت في رحى حفلة: العميد العام كيرتس ليماي، أحد معماري الاستراتيجية النووية الأميركية، سمع من المصور وبطل تسلّق الجبال باري بيشوب عن الإطلالات الممتدة من قمم جبال الهمالايا عميقًا إلى التبت والصين. فكّر كيف يمكن استخدام قمة جبلية لوضع محطة تنصّت غير مأهولة.
تطوّعت مجموعة من المتسلقين الأميركيين المحترفين، قادهم باري بيشوب وجيم مكارثي، وتعاونت وكالة الاستخبارات مع جهات هندية محدودة المعرفة بالمشروع. أُجريت تدريبات على جبل ماكينلي، وجرّب المتسلقون تجميع المولّد. أرسلت كبسولات الوقود المشع من مختبرات ماوند في أوهايو في يوليو 1965 «لمحطات قياس عن بُعد».
وصل الفريق إلى نيودلهي في سبتمبر 1965، ثم جُلب بالهليكوبتر إلى سفح نندا ديفي، وكان عليهم أن يختصروا زمن التأقلم مع الارتفاع. نتيجة ذلك: إصابة معظمهم بداء المرتفعات، غثيان، صداع وإرهاق شديد. رغم ذلك، طَرِبَ حاملو الشحن بدفء كبسولات البلوتونيوم نفسها — حتى أن بعض الشيربا وضعوها داخل خيامهم لأنّها كانت تصدر حرارة، فدعوها «جورو رينبوتشي» بلطف.
مع ذلك، انهارت الأمور في أكتوبر حين ضربت عاصفة ثلجية عند المحاولة صوب القمة. وصف سونام ونجال كيف كانوا «تسعة وتسعين بالمئة ميتين»: لا ماء، لا طعام، ثلوج حتى أفخاذهم ولا رؤيا إلى الرجل المجاور. تواصل القبطان كوهلي إذاعاته من قاعدة متقدمة طالبًا عودتهم العاجلة؛ ولأجل إنقاذ الأرواح أُعطي الأمر بترك المعدات المربوطة على الرف الصخري بالجبل والهرب. ثارت معارك كلامية؛ مكارثي صرخ: «عليك أن تنزل ذلك المولّد!» لكن القرار كان نهائيًا: إنقاذ الناس أولًا.
في ربيع 1966 عادوا للبحث فوجدوا أن الرّف الذي رُبطت عليه المعدات قد انقضّ بسبب انهيار جليدي؛ ولا أثر للمولّد سوى بعض أسلاك. ظنّ البعض أنه انجرف و«غاص إلى أعماق النهر الجليدي» بفعل حرارته. بحثت فرق لاحقة بأجهزة قياس الإشعاع ومناظير حرارية وكواشف معدنية في سنتي 1967 و1968 بلا جدوى.
الفضيحة خرجت للعلن عام 1978 عبر تقرير صحفي لكاتب شاب، هاوارد كون، بعد أن أجرى تحقيقات وأعاد فتح ملفات ومقابلات. كشف المقال تفاصيل العملية، فأحدث ذلك uproar في نيودلهي؛ احتجاجات شعبية، استدعاء السفير الأميركي، واستنكار برلماني. الهند، التي لطالما روّجت للحركة عدم الانحياز، وجدت نفسها متورطة في عملية أجنبية على أراضيها.
تبادل قادة لاحقون، بمن فيهم كارتر وديزاي، رسائل سرية؛ كارتر أشاد بتصرّف ديزاي في «التعاطي مع مشكلة الجهاز الهيمالاي» وحرص على إبقائها محمولة على هامش الدبلوماسية. وثائق سرية وإن لم تكُ منشورَة علنًا، تُشرِف على صورة تعاون سري لتفادي تصدُّع العلاقات.
القلق البيئي ظلّ حاضراً: منشور حكومي هندي من 1979 قال إن عينات مياه أظهرت عدم وجود تلوث، لكن التحريات لم تكن بالقدر الكافي أو الشفافية المطلوبة. علماء يؤكدون أن كميات المياه في رافد الغانج قد تُخفّف أي تلوّث، لكن البلوتونيوم لو تسرب محليًا قد يسبب أضرارًا داخلية مدمرة — وهنالك خوف من أن يتحول جزء منه إلى «قنبلة قذرة» إن وقع في الأيدي الخاطئة.
الذاكرة المحلية وُصِفَت بصرخة خوف عميق، خصوصًا بعد كارثة في فبراير 2021 حين انشق جبل قرب نندا ديفي مسببًا انهيارًا أرضيًّا هائلًا في وادي الرشيجانغا وغمر قرى ومشروعات طاقة بحلول مميتة. خرجت مطبات جديدة من تلك الأحداث؛ بعض القرويين وظنّوا أن حرارة المولد قد ساهمت في إذابة الجليد أو إضعاف تماسك الجليد، وإن لم تُدعم هذه الفرضية بأدلة قاطعة.
طوال العقود، عايشت أجيال من السكان المحليين، علماء وسياسيين حيرة واحدة: أين الجهاز؟ ومن الذي ينبغي أن يتحمّل المسؤولية عن استعادته؟ مطالبات متكررة من نواب محليين ووزراء بفتح تحقيق شامل وحفر الموقع لإخراج الجهاز قُدِّمت مرارًا. في المقابل، تقول السلطات إن سجلاتها لا تُظهر معلومات حديثة عن الجهاز المفقود.
أخيرًا، اكتشف صندوق بملفات باري بيشوب في مرآب عائلة بوزمان وثّق الكثير من تفاصيل المهمة: بطاقات عمل مزيفة، قوائم طعام، جداول تدريب وبنود معدات، ورسائل داخلية توضّح درجة التنسيق مع ناشونال جيوغرافيك والجهات الأميركية. ابن بيشوب قال إنه فخور بوالده وبالفريق، بينما القبطان كوهلي ظلّ هو الآخر يحمل غصة وندمًا: «لو عِرفت ما خطره، لما تركته هناك. لم أكن لأتصرف بهذه الطريقة لو عِدْتُ القيام بها.»
القضية، بعد ستين سنة، لم تُطفأ من الذاكرة؛ هي فصل مُذهل من الحرب الباردة لم يُغلق بعد. المطلوب اليوم ليس فقط سردًا تاريخيًا، بل قرارًا جريئًا: بحثٌ علمي محايد في جبال نندا ديفي، فحص شامل لمنابع الغانج، وشفافية دولية حول مخاطر المواد المشعة، حتى تُطمئن مئات الملايين الذين تعتمد حياتهم على مياه هذا النهر. من دون ذلك، سيبقى هذا الفصل القديم وردةً مؤلمة في ذاكرة المنطقة والعالم ككل.