كيف تبني الشركات جسورًا متينة مع الفصول الدراسية — إنداستري توداي

المجلد 28 | العدد 4

استراتيجيات للشركات لبناء علاقات فاعلة مع الصفوف الدراسية

يخضع سوق العمل العالمي لتحوّل عميق. تُشير التوقعات إلى خلق أكثر من 170 مليون وظيفة جديدة عالمياً بحلول عام 2030، بينما يتوقع قطاع التصنيع في الولايات المتحدة وحده فتح نحو 4 ملايين وظيفة خلال العقد المقبل. ومع ذلك، يواجه خطّ المواهب ضغوطاً متزايدة: قد يعاني قطاع التصنيع من نقص يصل إلى 1.9 مليون عامل ماهر بحلول 2033 إذا استمرت الاتجاهات الراهنة. وهذه الفجوة لا تخصّ التصنيع وحده؛ فأصحاب العمل في شتى القطاعات يذكرون باستمرار وجود فجوات مهارية تتعاظم مع تأثير التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي.

تمتلك الفصول الدراسية إمكانيّة فعلية لمعالجة عجز العمالة الماهرة. كيف؟ ببساطة: بالرغم من أن التعليم قبل الجامعي يركّز، بحقه، على التحصيل الأكاديمي وفق معايير staats وطنيّة، فإن متطلبات سوق العمل السريعة التغير تطلب أكثر من ذلك. أرباب العمل يقدّرون اليوم الأفراد المرنين القادرين على توظيف المعرفة لحلّ مشكلات العالم الحقيقي وتلبية احتياجات السوق.

تشير الدراسات إلى أن 83% من الطلاب يقولون إنهم لا يستطيعون ربط ما يتعلّمونه في المدرسة بوظائف المستقبل. هذا الانفصال لا يؤثر فقط على جاهزية القوى العاملة، بل يضعف دافعية الطلاب. فبحسب أبحاث، يجد 92% من الطلاب الدروس أكثر متعة عندما يدركون صلتها بالواقع — وهو محفّز قوي على التعلّم.

ربط المسارات المهنية بالصف الدراسي يعالج المسألتين معاً. حين يفهم الطلاب كيف ترتبط الرياضيات بالهندسة أو كيف تؤثر مهارات التواصل في القطاع الصحي، تتحوّل المدرسة إلى بوابة لفرص حقيقية. التعلم المرتبط بالمهنة يعزّز الثقة، يمنح غاية، ويزوّد الطلاب بمهارات دائمة مثل حل المشكلات، العمل التعاوني، التواصل وكفاءات أخرى تعتبرها الشركات حاسمة للنجاح.

يقرأ  عودة بول بوغبا من إيقاف المنشطات… أول ظهور له مع موناكو في الدوري الفرنسي

في عملي أتعاون مع علامات تجارية عالمية تسعى لبناء قوة عمل مؤثرة. معاً نعدّ الطلاب للمستقبل عبر فرص تعلم مبتكرة وواقعية تغذي الفضول. فيما يلي استراتيجيتان يمكن للشركات تبنّيهما لبناء جسور متينة مع المدارس.

الاستراتيجية الأولى: وصلات صفية عبر متطوعي الموظفين

لا يمكن للطلاب أن يطمحوا إلى وظائف لا يعرفون بوجودها. المعارض المهنية، والشراكات الصناعية، والتجارب الافتراضية توسّع الآفاق خارج المألوف. لقاء المهنيين يساعد الطلاب على تصوّر أنفسهم في تلك الأدوار.

من خلال منصات مثل Career Connect، تحصل المدارس على تجربة تطوّع افتراضية تربط الموظفين مباشرة بالفصول، ليشرحوا للطلاب طبيعة عملهم. هذه اللقاءات تعزّز الدروس الصفية بربطها بمهن ممكنة وأشخاص يمارسونها فعلياً. كما تفتح الباب أمام التوجيه المهني وتطوير الطلاقة المهنية، مما يتيح للطلاب ممارسة مهارات الشبكات والتواصل قبل خوضهم أول مقابلة عمل. وبما أن التفاعلات افتراضية، فإن طلاباً من مختلف المناطق يستطيعون لقاء محترفين صناعيين من أي مكان، ما يضمن شمولية الوصول إلى فوائد الربط المهني.

بالنسبة للشركات، يعطي عرض فرص التطوع صورة إيجابية عن ثقافة المؤسسة لدى المرشحين. وفقاً لمسح لشركة Deloitte، يرى 70% من العاملين في الولايات المتحدة أن الشركات التي ترعى أنشطة تطوعية تتمتّع بجو عمل أكثر إيجابية. مؤسسات مثل Genentech، وAmerican Society of Mechanical Engineers، وLockheed Martin، وProLogis، وDuPont، وNucor، وTrane، وCapital Power، وThe Home Depot وغيرها، تستخدم Career Connect لتعزيز مشاركة الموظفين عبر التطوّع.

الاستراتيجية الثانية: تحويل مهام العمل اليومية إلى موارد صفية

طريقة أخرى فعّالة لربط الشركات بالصفوف هي تحويل تجارب العمل اليومية للمهنيين في مجالات متنوعة إلى موارد وخطط دروس للمعلمين. هذا الجسر بين الصناعة والمدرسة يلهم الجيل القادم ويقدّم أمثلة واقعية للتطبيق.

يقرأ  بوتين: روسيا لا تتفق مع أجزاء من خطة الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا

ثمة عدة سبل لتحقيق ذلك، وسأبرز اثنتين:

– غمر الطلاب في بيئات تعلم تفاعلية: استثمرت شركة Verizon في قوة الاتصال والتقنية لتطوير “TimePod Adventures” — تجربة واقع معزّز بحجم حيّ تغمر طلاب المراحل الأساسية والعالية في الكون الافتراضي عبر متصفّح أو كرومبوك أو جهاز محمول. كل ما يحتاجه الطلاب هو اتصال إنترنت وصوت، ما يوسّع من إمكانية الوصول إلى الواقع المعزّز. يقود التجربة مساعد مدعوم بالذكاء الاصطناعي، وتتضمن خطط دروس متناسبة مع مستويات الصفوف ومتاحة باللغتين الإنجليزية والإسبانية، لتدعم المعلمين في تنمية مهارات جديدة وتشجيع الطلاب على الاستكشاف وحلّ تحديات مركّبة. كما ترافقها مواد تطوير مهني تساعد المعلمين على تبنّي تقنيات تدريس مبتكرة مع إمكانية الحصول على اعتمادات إضافية.

– معالجة سلامة السائقين المراهقين: أطلقت شركة Honda في 2023 مبادرة سلامة وطنية متعددة السنوات تُدعى “Honda Safety Driven” تهدف إلى تقليل نسب الوفيات المرورية بين السائقين الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً، والذين يشكلون نحو ثلث حالات الوفاة سنوياً في الطرق الأمريكية. وصلت المبادرة إلى ما يقرب من مليون طالب وتوظف تطبيقات عملية لمبادئ STEAM لتزويد الطلاب بمهارات القيادة الآمنة كمسار لصنع قرارات مسؤولة. الموارد الصفية الأحدث تضمنت مشاركة مهندسي Honda Racing Corporation إلى جانب سائقَي IndyCar وبطل Indy 500، سكوت ديكسون، ونجمي موتوكروس جيت وهانتر لورنس، لشرح مبادئ السلامة عملياً.

الطلاب يحتاجونكم الآن

مستقبل العمل يُبنى اليوم. من خلال ربط المسارات المهنية بالصف الدراسي، يمكننا إلهام الجيل القادم، تلبية احتياجات القوة العاملة الحرجة، وبناء اقتصاد أكثر مرونة. البرامج التي تدمج خبرة الصناعة في التعليم تساعد الطلاب على رؤية وفرص ممارسة ما يمكن أن يصبحوا عليه.

الاستثمار في التعليم استثمار استراتيجي طويل الأمد في كل من الأعمال والمجتمع. يمكن للشراكات المؤسسية أن تقوّي مسار المواهب، تحسّن مهارات واحتفاظ الموظفين، وتسرّع وتيرة الابتكار.

يقرأ  مساهمو تسلا يوافقون على حزمة تعويضات لإيلون ماسك بقيمة تريليون دولار

السؤال ليس إن كنّا نستطيع تحمّل تكلفة إقامة هذه الروابط، بل إن كنا نستطيع تحمّل عدم فعل ذلك. إن فوتنا الفرصة سيكون ثمنه إمكانات ضائعة: ملايين من الطلاب سيغادرون المدرسة بلا ثقة أو مهارات أو رؤية لمستقبلهم، سيدخلون عالم الفرص بلا أدوات لاقتناصها. الأمر هنا لا يقتصر على التعليم فحسب؛ إنما على ضمان أن يحصل كل متعلّم على فرصة للتفوق في اقتصاد سريع التغيّر.

عن الكاتبة:
كاثرين دانلوب قيادية مخضرمة في النمو والشراكات تملك أكثر من 25 عاماً من الخبرة في بناء فرق عالية الأداء ودفع العائد عبر منظمات ذات مهمات اجتماعية وتقنية. في دورها الحالي، تصمم دانلوب استراتيجيات لربط تعليم ما قبل المدرسة وحتى الصف الثاني عشر بالقطاعين العام والخاص، فتخلق شراكات مؤسسية ومجتمعية تُدخل محتوى العالم الحقيقي إلى المناهج المدرسية. وبمشاركة زملائها، تُغذّي دانلوب الفضول في الفصول حول العالم عبر حلول تقنية متقدمة وتجارب عملية تركز على جاهزية القوى العاملة، والتعليم STEM، والبيئة، والثقافة المالية، وغيرها.

قبيل انضمامها إلى Discovery Education شغلت دانلوب مناصب قيادية في Bonterra وNetwork for Good، حيث طوّرت حلولاً تقنية تدعم جمع التبرعات ومشاركة الجهات غير الربحية، وبنت شراكات مجدية مع شركات مثل Walmart وGoogle وFacebook وPatagonia لتعزيز أهدافها الخيرية.

أضف تعليق