كيف يُعيدُ التعاطفُ الرقميُّ تشكيلَ التعليمِ الإلكترونيّ

تحويل الدروس الإلكترونية إلى فضاءات تواصل

نور، معلمة لغة إنجليزية، تدخل إلى نظام إدارة التعلم (LMS) وتجد لوحة القيادة مزدحمة بالإشعارات: إعلانات تحتاج نشرًا، وحدات دراسية تتطلب تحديثًا، وواجبات تنتظر التصحيح. بين كل هذه الإشعارات تلمح رسالة خاصة من طالبة تقول: «آسفة لأنني فوتت موعد التسليم مرة أخرى. الأمور صعبة في البيت، ولا أدري إن كنت سأستطيع المواكبة بعد الآن». تتوقف نور لحظة تتردَّد: هل تلتزم بقاعدة الدورة «لا يُقبل العمل المتأخر» أم تردّ بردّ رحيم؟ لا تستطيع رؤية وجه الطالبة المتعب أو سماع نبرة حزنها؛ كل ما لديها كلمات على شاشة.

هذه هي الحقيقة اليومية للتدريس عبر الإنترنت. المنصات الرقمية والمنصات الاجتماعية تنظّم العملية التعليمية وتمنحها بنية، لكنها لا تنقل دفء الحضور البشري. أمام المعلمين ومصممي المواد التعليمية تحدٍ واضح وعاجل: كيف نجعل المساحات الرقمية أكثر إنسانية، داعمة وآمنة للتعلّم؟ الجواب يبدأ بمفهوم واحد: التعاطف الرقمي.

تحديد المشكلة

ربما لو تخيّلنا نور في صف حضوري، لتدفّق تعاطفها بشكل طبيعي: ترى التعب في ملامح الطلاب، تلمس الشرارة في أعينهم عند الفهم، وتسمع التردد في أصواتهم حين يتلعثمون. هذه الإشارات الصغيرة تُرشدها متى تتدخل بكلمات تشجيع، أو طمأنة، أو دفعة رقيقة.

لكن في التعليم عن بُعد كثير من هذه الدلائل مخفية. لا رؤية للغة الجسد، ولا سماع لنبرة الصوت دائمًا. ومع ذلك فالعواطف ما تزال حاضرة؛ الطلاب أيضاً يشعرون بالقلق والفضول والفخر أو الإرهاق. بعض الأدلة في الصف الرقمي تختلف شكلها لكنها قابلة للقراءة إذا انتبهنا إليها:

– طالب كان نشيطًا فجأة يتوقف عن المشاركة في المنتديات.
– ردود قصيرة جدًا بكلمتين في مناقشات كانت مفصّلة سابقًا.
– تسليم واجبات متأخرة دون تفسير.

يقرأ  السلطات تعتقل ١٣ مشتبهًا بقتل مسؤولين في مكسيكو سيتي — أخبار الجريمة

هذه ليست مجرد خروقات لقواعد أو قضايا امتثال؛ إنها إشارات، رسائل تحت السطح، أحيانًا صرخات صامتة للمساعدة أو علامات ضغط. المعلم المتعاطف لا يراها مسائل تُصحّح فقط، بل فرص للتواصل. وربما هذا ما تحتاج نور —كما كثيرون من المعلمين الرقميين— لتعلّمه: كيف تُمارس التعاطف في عالم رقمي.

طرق عملية لإظهار التعاطف الرقمي

إظهار التعاطف عبر الشاشات ليس سهلاً دائمًا، لكنه ممكن عبر ممارسات عملية تساعد المعلمين على بناء بيئة تعلم أكثر إنسانية ودعمًا.

1) تقدير الجهد قبل الإشارة إلى الخطأ
بدلاً من كتابة «مراجعك مفقودة»، قد تكتب نور: «طرحتِ أفكارًا قوية هنا. لنضيف المراجع لتتألق ورقتك أكثر». هذا التغيير البسيط يجعل الطالبة تشعر بأن جهدها مقدّر، لا أن موضوعها مجرد أخطاء تُحصى.

2) تلطيف الإعلانات
الأخبار الرسمية ليست مجرد مواعيد نهائية؛ يمكن أن تحمل دفءً بسيطًا. مثال: «مادة هذا الأسبوع ثقيلة بعض الشيء. تذكّروا أن تأخذوا استراحات، وإذا شعرتم بالإرهاق تواصلوا معي. لستم وحدكم في هذا». كلمات صغيرة كهذه تذكر الطلاب بأهمية رفاهيتهم بجانب الأداء الأكاديمي.

3) المرونة كأداة تعاطف
الحياة تحمل تحديات —مرض، مسؤوليات عائلية، أو مشكلات تقنية. عندما يشارك الطالب صعوباته، فإن منح تمديد بسيط أو تعديل طفيف قد يعني الفرق بين الاستمرار في المقرر أو الانسحاب. أفعال اللطف الصغيرة كثيرًا ما تمنع مشكلات أكبر لاحقًا.

4) تشجيع الدعم بين الطلاب
التعاطف لا يقتصر على المعلم. فقرة يكتب فيها زميل «مررت بنفس الموقف، وهذه النصائح نَجَحت معي» قد تكون نافعة بنفس قدر ملاحظات المعلم الرسمية. نور يمكنها تشجيع هذه الثقافة عبر توفير مساحات للنقاش والدعم المتبادل.

5) أن تكون نور نموذجًا للتعاطف
دورها لا يقتصر على إيصال الدرس فحسب، بل على نمذجة سلوك الحيادية والدفء والصبر والتفهّم في تواصلها. أسلوب المعلمة يحدد النغمة الصفية؛ عندما تبدي نور تسامحًا وصبرًا، يتبعها الطلاب وتتحول الجلسة إلى مساحة آمنة ومحترمة.

يقرأ  عرض اليوم — انضم إلى برنامج «الميل اليومي» وادخل السحب لربح رحلة مجانية!

نقاط مهمة للالتزام بها

– رُؤْية الجهد قبل الأخطاء
دوّن تقديرًا للتقدّم قبل أن تشير إلى النواقص.
– تأنيس الإعلانات
شارك كلمات تشجيع واهتمام، لا مجرد مواعيد وتعليمات.
– المرونة
افهم أن الطلاب يواجهون ظروفًا شخصية وتقنية؛ تعديلات صغيرة تساعد على إبقائهم مشاركين.
– بناء تعاطف جماعي
حفّز الطلاب على دعم بعضهم بعضًا؛ التعاطف بين الأقران قوي بقدر ملاحظات المعلم.
– كونك نموذجًا
طريقة تواصلك تضع النبرة. الدفء والصبر والتفهّم يدفعون الطلاب لأن يكونوا مثل ذلك.

خاتمة

التعليم الإلكتروني يمنح إمكانيات جديدة متعددة، لكنه قد يشعر بالبعد والبرود. خلف كل شاشة طالب حقيقي، أحيانًا متعب، أحيانًا متحمّس، أحيانًا قلِق، وأحيانًا فخور. التعاطف هو جسر هذا البُعد.

عندما يلحظ المعلم الجهد قبل الخطأ، ويضيف دفءَ في رسائله، ويُبقي على المرونة عند الصعوبات، ويشجّع الطلبة على دعم بعضهم البعض، تصبح الصفوف الإلكترونية أكثر إنسانية وترحيبًا. كما أن تصميم المقرّر له دور: إن كانت المواد واضحة وشاملة وسهلة الاستخدام شعر الطلاب بدعم أكبر.

في النهاية، التعاطف الرقمي ليس أن تكون كاملًا أو متاحًا دومًا، بل مجموعة تصرفات بسيطة ومتواضعة تُظهر للطالب أنه مرئيّ، مُقدَّر، وليس وحيدًا. متابعه صغيرة أحيانًا تصنع فرقًا كبيرًا.