لا صناديق قمامة في شوارع طوكيو لماذا اضطررت كسائح للمرة الأولى لاكتشاف السبب؟

تتمتع اليابان بسمعة راسخة كواحدة من أنظف دول العالم: القطارات تلمع، والأرصفة لا عيب فيها، وحتى في أزحم أحياء طوكيو يصعب العثور على بقايا قمامة. لكن أمراً واحداً أذهلني عند زيارتي الأولى كسائح: نادراً ما ترى حاويات نفايات عمومية. هذا يربك خصوصاً الزوار من دولٍ اعتاد أهلها التجول وهم يتناولون الوجبات الخفيفة أو يحملون أكواباً ورقية — فأين يُلقى الفضلات؟

أظهر تقرير حديث لمنظمة السياحة الوطنية اليابانية، نقلته CNN، أن الشكوى اللوجستية الأولى لدى المسافرين لم تكن حواجز اللغة أو الاكتظاظ، بل غياب الحاويات. أكثر من عشرين بالمئة من الزوار صرّحوا أن العثور على مكان لرمي الأغلفة والزجاجات كان أكثر ما أزعجهم في رحلتهم. فما السبيل؟

الأدب الاجتماعي قبل الراحة
تلعب الأعراف الثقافية دوراً محورياً في الإجابة. الأكل أثناء المشي يُعتبر سلوكاً غير لائق، وفي بعض المدن يُمنع منعاً باتاً. العادة لدى السكان المحليين أن يأخذوا طعامهم إلى المنزل أو إلى مكان العمل قبل تناوله، ثم يتخلصون من الفضلات هناك. وحتى عند التهام شيء أثناء التنقل، يحمل كثيرون حقيبة صغيرة لتجميع النفايات إلى أن يجدوا مكاناً مناسباً للتخلص الآمن منها — وسرعان ما تعلمت فعل ذلك عند زيارتي أيضاً.

السياحة تفرض ضغوطاً
هذا النظام يناسب السكان المحليين، لكن السياحة الجماهيرية أرهقت التوازن الدقيق. في نارا، موطن آلاف الغزلان المتجولة بحرية، أصبحت الفضلات التي يتركها الزوار قاتلة: في 2019 لقي تسعة غزلان حتفهم بعد ابتلاع بلاستيك. المدينة، التي أزالت الحاويات في ثمانينيات القرن الماضي لحماية الحيوانات، أعادت مؤخراً تركيب صناديق نفايات تعمل بالطاقة الشمسية قرب المعالم السياحية مع عبارة «أنقذوا الغزال» مكتوبة بالإنجليزية.

وفي حي شيبويا بطوكيو ربطت السلطات بين انتشار القمامة وحفلات الهالووين الصاخبة، فحظرت الشرب في العلن لتقليل الأوساخ.

يقرأ  لا اتفاق في لقاء ترامب وبوتينأبرز خلاصات قمة ألاسكا — أخبار حرب روسيا وأوكرانيا

تاريخ مظلم
هناك سبب أمني أيضاً لندرة الحاويات: بعد هجوم السارين في مترو طوكيو عام 1995 الذي أودى بحياة 14 شخصاً، أزيلت العديد من الحاويات في المحطات لتقليل مخاطر إخفاء متفجرات أو مواد خطرة. والحاويات القليلة المتبقية غالباً ما توضع فيها أغطية أو أكياس بلاستيكية شفافة حتى يتسنى للشرطة رؤية ما بداخلها.

احملها معك
للسائحين المحبطين، الحل العملي يكمن في التخطيط المسبق. متاجر السلسلة مثل 7-Eleven أو Lawson تتيح أحياناً صناديق، وتوجد صناديق صغيرة بجوار ماكينات البيع الآلي. كما يمكن للزائر اقتناء قطعة قماش فورو-شيكي تقليدية لتجميع النفايات أثناء اليوم — ثم يعيد استخدامها كتذكار من الرحلة.

قد تختبر هذه القواعد صبر الزائرين، لكنها تذكر أيضاً بكيفية حفاظ السلوك الاجتماعي والمسؤولية المشتركة على نقاء البلد بشكل لافت — حتى من دون تلك الحاويات التي يتوقعها الجميع.