بقلم تيري هيك
أكبر درس أخذته في الجامعة هو أنني اكتشفت حدود ما أعرفه.
التقيت هناك بكثير من الناس المتحمسين واللامعين على نحو جنوني — من أساتذة وطلاب — الذين جسدوا معنى التعلم والفضول بطريقة لم أرها من قبل. دورات كاملة تُكرَّس لفكرة واحدة لم أكن لأعيرها اهتماماً لو لم يشِر إليها أحد. كان ذلك محيِّراً للعقل.
في المدرسة الثانوية، كانت تعاملاتي الأكاديمية ترتكز في الغالب على محاولتي معرفة ما يريده المعلم، ثم بذل قصارى جهدي لتلبيته. كانت هناك إبداعات وفضول وجدية، لكنها كانت غالباً مبهمة خلف رغبتي في «النجاح الدراسي» ورغبة المعلمين في «تحقيق نتائج».
نحن كمعلمين نحث الطلاب على أن ينسوا ما نريده نحن، وأن يركّزوا بدلاً من ذلك على تتبع فضولهم، وإظهار إبداعهم، والسعي للفهم العميق، ثم نرميهم في لعبة محكمة التنظيم من الدرجات، والمعدل التراكمي، ودرجات الاختبارات، ومستويات القراءة، وتشابك مذهل من المقاييس التي غالباً ما تتعارض مع كل ما طلبناه منهم.
قيمة ما لا يعرفه الطلاب
الفهم عملية تبدأ أولاً بالوعي — ليس كهدف أو معيار أو نتيجة تعلم. هذه كلها قطع من لغز التصميم التعليمي، لكن الفهم شيء مختلف يتحرك بذاته، مراوِغاً بين الملاحظة والحكمة.
ينبثق الوعي من مراقبة ذاتية دقيقة لأنماط تفكيرك وقطع العالم المحيط بك.
خذ فكرة أكاديمية — مثل عملية الكتابة كمثال. فهم عملية الكتابة هو مفهوم بقدر ما هو مهارة. الجزء المهاري يتعلق بمعرفة عناصرها واستخدامها عبر الزمن، لكن الفهم أيضاً مسألة سياق ومكان.
ما هي عملية الكتابة؟
كيف يمكن استخدامها جيداً أو بشكل سيئ؟
ما العمليات الأخرى في العالم التي قد تساعدني على فهم عملية الكتابة؟
ما هي الخطوة الأهم بالنسبة لي ككاتب؟
ما الأدوات والاستراتيجيات التي أعرفها وأستطيع توظيفها في كل مرحلة؟ هل ينتقل الكتاب الجيدون ذهاباً وإياباً بين المراحل؟
هل هذه العملية شيء مدرسي فقط أم أمر حقيقي خارج المدرسة؟ كيف تؤثر التقنيات التي أستخدمها للتواصل على حاجتي لأن أكتب بفاعلية؟ كيف أعلم إن كنت «أقوم بها بشكل صحيح»؟ هل عملية الكتابة كما هي ذات صلة بالواقع الان؟
«الجهل» كسياق
كل هذه الأسئلة تلمّح إلى تعقيد الأشياء، مهما حاولنا نحن المعلمين تجزئتها وتصنيفها. تقطيع هذه التعقيدات إلى أجزاء قد يبدو مفيداً للتقييم والدروس اليومية، ويمكن أن يساعد الطلاب على تناول كل جزء على حدة، لكن في النهاية يجب أن تُرى الأشياء وتُستخدم في سياقات طبيعية وذات معنى للمتعلمين.
وهنا نصل إلى فكرة بدء عملية التعلم بما لا نعرفه. الفكرة أن يتقابل المتعلمون في آنٍ واحد مع الشيء ومع سياقه.
عملية الكتابة، وسخرية تركيب الإبداع عبر هذه العملية.
خطوات المنهج العلمي، ورشاقتها.
فروع الحكومة، وضرورة الحُكم.
المجمل والصغير، المعروف والمجهول. لا يمكنك فهم شيء إلا إذا كان لديك فكرة عما تجهله. تفعيل المعرفة السابقة رائع، لكن ماذا عن الجهل الحالي؟ بدونه لن يكون لديك إحساس بالحجم أو بالإلحاح.
التدريس هو التصميم المدروس للتفاعلات
لا يتعلق الأمر بإغراق الطلاب بكومة هائلة من النقاط أو خريطة مفاهيم لكل ما لا يعرفونه. لا يمكن أن يكون التعلم قائمة مهام؛ وإلا كل ما سيحصل هو مجرد تنفيذ للقائمة. لذا، التدريس بقدر ما هو توصيل محتوى، هو أيضاً تصميم طريقة تقابل الطلاب للأفكار ولعبهم معها.
مساعدتهم على رؤية ما يتعلمونه ضمن نظام ما يعرفونه وما يجهلونه — استخدام ما لا يعرفونه كجسر دائم يقود إلى كل شيء آخر.
حين «يلعب» الطلاب بهذه الأفكار، يواجهون بشكل طبيعي نقائصهم وسوء فهمهم. يصلون إلى سقوف معرفية ناعمة، ويصبحون أكثر وعيًا لأنها كانت تجربة اكتشاف ذاتية لم يفرضها عليهم «التدريس» بقسوة.
لذلك، اللعب والتوجيه الذاتي استراتيجيتان تساعدان المتعلمين على مواجهة ما يعرفونه وما يجهلونه، لكن هذا نموذج تعلم أوسع يعتمد على الأنماط الأساسية بين المعلم والمتعلم والمحتوى والشبكات.
انظر إن كان في صفك مجال لذلك. بدلاً من مخطط KWL بسيط أو اختبار قبلي، اطلب منهم النقاش والسرد والكتابة أو رسم خريطة مفاهيم لما يعرفونه وما لا يعرفونه.
ثم ساعدهم على المواصلة؛ ساعدهم على استكشاف ما لا يعرفونه بعمق أكبر.
جرّب هذا بدلاً من ذلك
بدلاً من الاحتفاء بقدرتهم على الإجابة، ساعدهم على رؤية «عدم المعرفة» كبداية رائعة. اسألهم بصراحة: «ما الذي لا تعرفونه؟» ثم ابتسم.
ادفع ذلك أبعد.
استخدم ما يعرفونه لرسم حدود عضوية تتقلص أو تتسع وهم يواجهون أفكاراً جديدة، يفحصون المفاهيم الخاطئة، ويجمعون مصادر متعددة للمعلومات ليصوغوا منظوراً جديداً ينميهم أكثر.
اسأل: «ما حدود ما تعرفه؟»
خذ الشعر مثلاً. ما الفرق بين بيت وقصيدة أو بين بيت وشطرة؟ أي تعريف تشعر بثقة أكبر تجاهه؟ أي واحد تستطيع شرحه بتفصيل وبأمثلة مقنعة؟ رائع، والآن ماذا عن الآخر — ذلك الذي تعرفه أقل — ما شأنه؟
ما هو الشيء في جوهره وما الذي ليس كذلك؟ أنت لا تعرف، أليس كذلك؟ هذا ممتاز. لنبنِ المعنى معاً ونكتشف أموراً جديدة نجهلها أنا وأنت.
واستخدم هذا النمط بنفسك. تنقل بحماس وبقصد بين المعروف والمجهول، وأخبر طلابك أن هذه التفاعلات بالذات هي ما يؤدي إلى فهم يغير الحياة.
لأن بدون ذلك النوع من التوجيه الذاتي، سيبقى الطلاب يتبعون آثار أقدام بدلاً من أن يسعوا وراء الإمكانات.