تحذيرات ونصائح متداولة بين الإنجيليين تحسبًا لاحتمال وقوع «الاختطاف» قريبًا
في الأسابيع الأخيرة تناقل مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يزعم أصحابها أن الخطف السماوي — وهو نبوّة عن نهاية الأزمنة يؤمن بها بعض المسيحيين الإنجيليين — قد يحدث في التاسع والعشرين أو الرابع والعشرين من سبتمبر هذا العام. موجة هذه الفيديوهات استُلهمَت إلى حد كبير من توقعات لقسّ من جنوب أفريقيا نُشرت على منصة فيديوهات، لكن توقعات مماثلة رُبطت تاريخيًا أيضاً بأحداث واقعية مثل حرب إسرائيل على الفلسطينيين في غزة.
ماذا يعني «الاختطاف»؟
ليس كل المسيحيين يعتنقون فكرة الاختطاف. وهو أمر لا ينبغي أن يفاجئ كثيرين إذ إن المصطلح نفسه «الخطف» لا يرد في نص الكتاب المقدس كما يوضح عالم الكتاب المقدس بارت إهرمان، مؤلف كتاب يتناول حقيقة ما يقوله الكتاب عن نهاية العالم. بالنسبة للمؤمنين بهذه العقيدة، يُعتبر الاختطاف نبوّة تحدث في آخر الزمان قبل عودة يسوع إلى الأرض، وفيها «يرتفع» المؤمنون الحقيقيون إلى السماء للقائهم بالرب في الهواء، بينما يُترك غير المؤمنين على الأرض ليواجهوا فترة من المحن والكوارث تشمل أوبئة وحرائق وتجارب شديدة.
ما الذي تُظهِره مقاطع تيك توك وغيرها؟
تتضمن المقاطع المتداولة مزيجًا من الخوف والتحذير والسخرية. في بعض الفيديوهات، تطلب نساء من صديقاتهن التوبة باستعجال وبدموع، قائلين إنهن لا يردن رؤيتهن يُتركنّ خلفهن؛ وتروى آخرات أحلامًا استيقظت صاحباتها وهن يصرخن «إن المسيح قادم» دون أن يستمع إليهن الناس. مقاطع أخرى يقدم فيها رجال شروحات للجمهور غير المؤمن عن مصير المفقودين، ويشرحون أن المؤمنين قد أُخذوا إلى بيت الآب مع المسيح، وأن الأرض ستشهد فيما بعد فترة عسيرة تُعدُّ الأسوأ منذ خلق البشر، وأن من يُبقَى سيعيش سنوات من الضياع والبلاء.
كم عدد المؤمنين بهذه الفكرة؟
تتفاوت مواقف الناس، لكن في الولايات المتحدة، التي تنشأ منها نسبة كبيرة من هذه الفيديوهات، تُعدّ معتقدات نهاية الأزمنة أمرًا شائعًا نسبياً. وفق بحوث مركز بيو لعام 2022، يعتقد نحو 47٪ من المسيحيين في الولايات المتحدة أنهم «يعيشون في أواخر الأيام»، بينما وجدت الدراسة عمومًا أن 58٪ من الأمريكيين يرفضون فكرة أن البشرية في أيامها الأخيرة. وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن الإيمان بنهاية الأزمنة قد يؤثر على النظرة إلى مشاكل العالم، فالأشخاص الذين يؤمنون بأننا نعيش آخر الأزمنة كانوا أقل احتمالًا إلى حد ما من غيرهم (51٪ مقابل 62٪) ليعتبروا تغيّر المناخ مشكلة «خطيرة للغاية أو جدًّا».
هل سيحدث الاختطاف قريبًا؟
تكررت تنبؤات بموعد الاختطاف منذ القرن التاسع عشر على الأقل، وحتى في العصر الحديث شهدت الثقافة الشعبية كتبًا وأفلامًا بيعت ملايين النسخ عالجت هذا الموضوع. من أشهر تلك الأعمال كتاب هال ليندسي «الكوكب العظيم الأخير» الذي كان من أكثر كتب غير الخيال مبيعًا في السبعينيات، وكان ليندسي يربط بين نبوءات الكتاب المقدس وأحداث معاصرة في إسرائيل وفلسطين، وادعى أن عودة المسيح ستتبع حربًا كبرى تُسمى «هرمجدون» وتبدأ بغزو لدولة إسرائيل الحديثة. في العقود اللاحقة، ساهمت سلسلة روايات «المنبوذون» في ترسيخ فكرة أن غير المؤمنين سيُتركون على الأرض؛ ثلاثية من كتب السلسلة وصلت إلى صدارة قوائم نيويورك تايمز والبعض تحوّل إلى أفلام بطولة نيكولاس كيج.
أثر الاعتقادات على الصحة النفسية
توضح أخصائية العمل الاجتماعي والكاتبة جوزي ماكسكيمينغ أن الإيمان بنهاية الأزمنة قد يتجاوز كونه معتقدًا دينيًا ليصبح جزءًا من الهوية المنغرسة بعمق، خاصة لدى من نشأوا على هذه التعاليم داخل الكنيسة؛ والأحداث الواقعية مثل الحرب في غزة قد تُعيد إحياء هذه المخاوف لدى البعض. تقول ماكسكيمينغ، التي كتبت عن الخروج من الأصولية المسيحية وإعادة بناء الهوية، إنها التقت بعملاء خرجوا من تلك الكنائس ويعانون من اضطراب شديد وقلق مفرط واستيقاظ متواصل خوفًا من أن تكون هذه هي نهاية الزمان. حتى لو لم يؤمنوا شخصيًا بجحيم أو بالقيامة أو بالهرمجدون، فإن تصريحات أفراد الأسرة والأصدقاء التي تُكرّر هذه النبوءات قد تُثقل كاهلهم وتولد لديهم ضيقًا نفسيًا حقيقياً.
الخلاصة
الحديث عن الاختطاف ومنتجيه ليس جديدًا، لكنه يتلقى حاليًا دفعًا من وسائل التواصل التي تسمح بتضخيم مخاوف ومشاعر أفراد ومجموعات. وبالرغم من بروز توقعات محددة حول مواعيد، بقيت التنبؤات المتطرفة جزءًا متكررًا من التاريخ الديني والثقافي، مع تأثيرات ملموسة على مشاعر وممارسات المؤمنين ومحيطهم.
(ملاحظة: تشير الدراسات والإحصاءات المشار إليها إلى اتجاهات عامة وليست بالضرورة تعبيرًا عن إجماع كامل بين المسيحيين أو بين السكان عموماً.)