راشيل هيغان وروث كومرفورد
بي بي سي
موجة حرّ قاسية تشعل حرائق واسعة في جنوب أوروبا وتخلّف قتلى ومئات المشردين
قُتل ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص جراء موجة حرّ شديدة تغذي عشرات حرائق الغابات في أجزاء من جنوب أوروبا، ممّا اضطر آلاف السكان لترك منازلهم. وأُصدرت تحذيرات حمراء من الحر في مناطق بإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال ودول البلقان، تحذّر من مخاطر صحية كبيرة مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية (104 فهرنهايت).
أعلنت هيئة الأرصاد الإسبانية (Aemet) أن درجات الحرارة قد تصل إلى 44 درجة مئوية (111.2 فهرنهايت) في إشبيلية وقرطبة، فيما قد تسجل المناطق الجنوبية من البرتغال نفس الارتفاع. وفي تريس كانتوس قرب مدريد، توفي عامل بمركز للفروسية متأثراً بحروق بالغة بعدما قادته رياح تجاوزت سرعتها 70 كم/س إلى اقتراب النيران من المساكن، ما أدى إلى نزوح مئات السكان.
قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز يوم الثلاثاء إن فرق الإنقاذ «تعمل بلا كلل لإخماد الحرائق»، وأضاف في منشور على منصة X: «نحن معرضون بشدة لخطر حرائق الغابات. يرجى التحلّي بأقصى درجات الحيطة».
في منطقة قشتالة وليون بشمال غرب إسبانيا، تم إجلاء نحو أربعة آلاف شخص وسُجلت أكثر من ثلاثين بؤرة حريق، أحدها يهدد موقع لاس ميدولاس المدرج على لائحة اليونسكو والمشهور بمناجم الذهب القديمة. كما أُخلي حوالي ألفي شخص من فنادق ومنازل قرب منتجع تاريفا في الأندلس الجنوبية. ونشرت الوحدة العسكرية الوطنية للطوارئ الإسبانية نحو ألف جندي لمواجهة الحرائق في أنحاء البلاد.
في البرتغال المجاورة، كافح رجال الإطفاء ثلاث حرائق كبيرة، وتم احتواء الأشد قرب ترانكوسو في وسط البلاد يوم الثلاثاء. ونُشر أكثر من 1300 من رجال الإطفاء و14 طائرة، وأرسلت المغرب طائرتين بعد تعطل طائرات الإطفاء البرتغالية، بحسب وكالة رويترز. وحذّرت السلطات من احتمال وصول الحرارة في المناطق الجنوبية إلى 44 درجة مئوية، مع توقع ألا تهبط درجات الحرارة ليلاً دون 25 درجة.
في إيطاليا توفي طفل واحد بسبب ضربة حرّ يوم الاثنين، بينما تتوقع السلطات بلوغ 40 درجة مئوية في وقت لاحق من الأسبوع. وكانت تحذيرات حمراء منصوبة على الأقل لعشر مدن إيطالية، بينها روما وميلانو وفلورنسا. وفي سردينيا، نُقل طفل روماني يبلغ من العمر أربعة أعوام عُثر عليه فاقد الوعي داخل سيارة إلى مستشفى في روما لكنه توفي نتيجة تلف دماغي لا رجعة فيه، وفق ما أفادت به السلطات الطبية لوكالة فرانس برس.
تخضع نحو ثلاثة أرباع مساحة فرنسا لتحذيرات من الحرّ، مع توقعات بتجاوز 36 درجة مئوية في منطقة باريس و40 درجة في وادي الرون، وقالت وزيرة الصحة الفرنسية كاثرين فوتْران إن المستشفيات تستعد لتداعيات موجة الحر الثانية خلال أسابيع قليلة.
اليونان تكافح أكثر من 150 حرائق غابات تغذّيها رياح عنيفة، ويشارك نحو 5000 من رجال الإطفاء وعشرات الطائرات في جهود الإخماد. وتجرى عمليات إجلاء واسعة على الجزيرة السياحية زاكينثوس وفي غرب أخايا، حيث دمرت النيران منازل ومركبات ومشروعات تجارية. وصف عمدة غرب أخايا جريجوريس أليكْسوپولوس الوضع بأنه «خارج السيطرة»، قائلاً إن بعض المناطق الساحلية تعرضت لأضرار لا يمكن إصلاحها.
تتواصل عمليات الإخلاء البحري لمرتادي الشواطئ المحاصرين بالنيران في خيوس، وطلبت السلطات عدة طائرات إطفاء من الاتحاد الأوروبي. وحذرت السلطات اليونانية من تزايد صعوبة الأوضاع في الأيام المقبلة.
في تركيا سيطرت فرق الإطفاء على عدة حرائق كبيرة، منها في تشاناك قلعة وإزمير، بعد أن جرى إخلاء المئات وأُغلقت مضائق الدردنيل ومطار تشاناك قلعة مؤقتاً. وفي الجبل الأسود، لقي جندي مصرعه وأصيب آخر عندما انقلبت ناقلة مياه أثناء مكافحة حرائق قرب العاصمة بودغوريتشا. كما اضطر سكان ألبانيا إلى الإخلاء الاثنين، فيما شب حريق كبير في سبليت بكرواتيا وتم احتواؤه لاحقاً.
تشهد أجزاء من المملكة المتحدة موجة حارة رابعة هذا العام، مع تسجيل درجات تصل إلى 33 درجة مئوية وتحذيرات صحية بلونين الكهرماني والأصفر لكامل إنجلترا. واندلعت حرائق عشبية في العاصمة الثلاثاء، إحداها في إيلينغ وأخرى في وانستيد فلاتس، أحرقت مجتمعة أكثر من 17 فداناً.
يحذّر العلماء من أن الاحترار العالمي يجعل صيف البحر المتوسط أكثر سخونة وجفافاً، مما يطيل موسم الحرائق ويزيد من شدته.
تقرير إضافي عن نيكوس بابانيكولاو.