شاهد: كيف انقضت قمة ترامب-بوتين في 82 ثانية
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين غادرا ألاسكا من دون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا. بعد اجتماع استمر نحو ثلاث ساعات، أدليا ببيان مشترك أمام وسائل الإعلام ثم غادرا المكان دون الإجابة على أسئلة الصحفيين.
ثلاثة مراسلين من بي بي سي تواجدوا في أنكوريج قيّموا انعكاسات القمة على الزعيمين الأميركي والروسي، وتساءلوا عما قد يحدث تالياً في الحرب بأوكرانيا.
القمة تضعف رصيد ترامب كرجل صفقات
أنتوني زورخر — مراسل شؤون أمريكا الشمالية
«لا توجد صفقة حتى تكون هناك صفقة»، هكذا قال ترامب في تصريحاته بعد القمة هنا في أنكوريج، عبارة دائرية تعترف ضمنياً بأنه بعد ساعات من المحادثات لا يوجد اتفاق ملموس: لا وقف نزاع، ولا مكاسب قابلة للقياس.
ادّعى الرئيس أن هناك «تقدماً جيداً»، لكن غياب التفاصيل جعل هذه العبارة تظل للخيال العالمي أن يملأها. قال لاحقاً «لم نصل إلى هناك»، ثم خرج من القاعة من دون أن يجيب على أسئلة المئات من الصحفيين الحاضرين.
سافر ترامب مسافة طويلة لينهي اللقاء بتصريحات غامضة، وهو ما قد يريح الحلفاء الأوروبيين والمسؤولين الأوكرانيين لأنّه لم يقدم تنازلات أحادية قد تقوّض مفاوضات مستقبلية. وعلى الرجل الذي يحب أن يصوّر نفسه كوسيط ومُبرم صفقات، بدا أنه يغادر ألاسكا بلا صفة من هاتين الصفتيْن.
لا توجد دلائل على أن قمة مستقبلية تضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وشيكة، بالرغم من دعابة بوتين عن «المرّة القادمة في موسكو». ومع أن حصة ترامب في هذه المفاوضات كانت أقل مما تتعلق به أوكرانيا أو روسيا، فإن النتيجة ستنعكس سلباً على سمعته داخلياً وخارجياً، لا سيما بعدما وعد سابقاً أن احتمال فشل القمة كان ضئيلاً ولا يتجاوز 25%.
زاد من الإحراج أن ترامب بدا صامتاً بينما افتتح بوتين ما شبه مؤتمراً صحفياً بإطلالة مطوّلة. المشهد كان مغايراً لروتين البيت الأبيض المعتاد، حيث عادةً ما يتصدر الرئيس الأمريكي الحديث بينما يرافقه الضيف الأجنبي.
رغم أن ألاسكا جزء من الأراضي الأمريكية، بدا بوتين أكثر ارتياحاً في مكان يذكر مسؤولوه أنه كان يُسمى «أمريكا الروسية» قبل بيعه في القرن التاسع عشر — عنصر قد يثقل كاهل الرئيس الأمريكي في الأيام المقبلة مع تغطية صحفية ستصوّر القمة على أنها إخفاق.
السؤال الكبير — الذي لم يتمكن الصحفيون من توجيهه يوم الجمعة — هو ما إذا كان ترامب سيقرر إقرار عقوبات جديدة كان يهدد بها مراراً ضد روسيا كعقاب. في مقابلة مع فوكس نيوز قبل مغادرته قال إنه قد يفكّر في الأمر «ربما خلال أسبوعين أو ثلاثة»، لكن تأكيده السابق على «عواقب وخيمة» إذا لم تتجه روسيا نحو وقف إطلاق النار يجعل هذه الإجابة المبهمة تثير تساؤلات أكثر مما تجيب.
بوتين يحصد لحظة تحت الأضواء الدولية
ستيف روزنبرغ — محرر الشؤون الروسية
متى يكون «مؤتمراً صحفياً» ليس بمؤتمر صحفي؟ عندما لا تُطرح أسئلة. شعرت القاعة بالمفاجأة عندما غادر الرئيسان المنصة فور إعلانهما بياناتهما من دون أن يخضعا لاستفسارات الحضور. وأيضاً خرج أعضاء الوفد الروسي مسرعين من دون الإجابة عن الصيحات والأسئلة الموجهة إليهم.
إشارات واضحة أن الفجوة بين بوتين وترامب بشأن الحرب في أوكرانيا ما زالت عميقة. ترامب طالب بوقف روسي لإطلاق النار، وبوتين لم يمنحه ذلك. وكانت أجواء اليوم مختلفة في وقت سابق، إذ بسط ترامب السجادة الحمراء لبوتين واستقبله كضيف مكرم، ومنحه منصة مشتركة مع زعيم أقوى دولة في العالم — فرصة بريطانية لصورة بوتين على المسرح الجيوسياسي.
لكن السؤال: كيف سيرد ترامب؟ لم ينجح في إقناع بوتين بإنهاء الحرب. سبق أن هدد ترامب بفرض نهج أشد قساوة على روسيا، وبالمهَل والإنذارات وفرض عقوبات إضافية إذا تجاهلت موسكو الدعوات لوقف النار. لكنه لم ينفّذ تلك التهديدات. فهل سيفعلها لاحقاً؟
«سفر طويل بلا نتيجة؟» — أنتوني زورخر وستيف روزنبرغ كانا في القاعة خلال «غير المؤتمَر» الصحفي.
تنفّس في كييف.. لكن القلق قائم بشأن المُستقبل
فيتالي شيفتشينكو — محرر شؤون روسيا ومراقب بي بي سي
ما جرى في أنكوريج قد يبدو لينهِيات غير مثيرة، لكن في كييف سيشعر الكثيرون بالارتياح لعدم الإعلان عن «صفقة» قد تكلف أوكرانيا أراضيها. يعرف الأوكرانيون أن كل الاتفاقات السابقة مع روسيا انكسر بعضها أو كلها، لذلك حتى لو أُعلن اتفاق هنا لَكُنّا سنظلّ متشككين.
ومع ذلك، أثار قلقهم حديث بوتين أمام وسائل الإعلام عن «الجذور» التي تسبّب النزاع، وأنه لا يرى سلاماً دائماً إلا بإزالتها — لغة الكرملين التي تُترجم عملياً إلى عزمه الاستمرار في تحقيق هدف عمليته العسكرية الخاصة المتمثل في تفكيك أوكرانيا كدولة مستقلة. ثلاث سنوات ونصف من الجهود الغربية فشلت في تغييره، والقمة في ألاسكا لم تغيّر شيئاً.
ما يزيد القلق هو الغموض الذي تبقى بعد الاجتماع: ماذا سيحدث تالياً؟ هل ستستمر هجمات روسيا بلا هوادة؟ الأشهر الماضية شهدت سلسلة مهل غربية مرت من دون تطبيق، وتهديدات لم تُنفّذ. يرى الأوكرانيون في ذلك إشارة لبوتين بالاستمرار في هجماته، وقد يقرأوا قلة التقدّم في أنكوريج بنفس المنظور.