في ظهورها العام الثاني بعد أكثر من عام قضته في التخفّي، أكدت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماشادو أن رئاسة نيكولاس مادورو ستنتهي، بطريقتها أو بأخرى.
خلال حديثها إلى الصحفيين في أوسلو بالنرويج يوم الجمعة، أعربت ماشادو عن أملها في أن يتم التغيير القيادي في فنزويلا بشكل سلمي ومنظّم. «مادورو سيترك السلطة، سواء جرى ذلك عبر تفاوض أم دون تفاوض» قالت بالإسبانية. «أنا مركّزة على الاننتقال المنظم والسلمي.»
تأتي تصريحاتها في وقت تواصل فيه إدارة الولايات المتحده للرئيس دونالد ترامب تكثيف وجودها العسكري في منطقة الكاريبي. وقد شنت إدارة ترامب مراراً ضربات على زوارق يُزعم أنها تستخدم لتهريب المخدرات في المنطقة، وهو ما اعتبره خبراء بمثابة عمليات إعدام خارج إطار القضاء. كما توعد الرئيس في الأيام الأخيرة بشن عمليات داخل أراضي فنزويلا، مبرِّراً ذلك بجهود لوقف تدفّق المخدرات بصورة غير قانونية من البلاد.
من جهته، اتّهم مادورو إدارة ترامب بالسعي للإطاحة بحكومته، بينما يتهمه بعض المنتقدين بالسعي لفتح احتياطيات النفط الفنزويلية الضخمة أمام شركات أميركية وغربية. ماشادو، التي تحظى بشعبية بين قطاعات واسعة من الشعب الفنزويلي لكنها مُنعت من الترشيح في الانتخابات الرئاسية الماضية، يُنظر إليها لدى كثيرين كخيار مفضّل لواشنطن كبديل لمادورو.
تؤكد المعارضة أن البديل الذي رشحته ماشادو، إدموند غونزاليس، فاز في انتخابات يوليو بأغلبية ساحقة، وأن مجموعة من خبراء الانتخابات المستقلين أكدت لاحقاً صحة أدلتهم، في حين أصر مادورو على فوزه.
القدوم إلى أوسلو
ظهر ماشادو يوم الخميس في أوسلو حيث تسلَّمت جائزة نوبل للسلام بعد أن تخلَّصت من حظر سفر مفروض في بلدها.
مديح للضغط الأميركي
حرصت زعيمة المعارضة البالغة من العمر 58 عاماً على تقارب مواقفها مع ترامب ومع صقور الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة. وأشادت بعدد من الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب للضغط على مادورو، من بينها استيلاء الولايات المتحدة هذا الأسبوع على ناقلة نفط خضعت لعقوبات في الكاريبي. وصفت ماشادو تحركات ترامب بأنها «حاسمة» في إضعاف حكومة مادورو.
إزاء احتمال تدخل عسكري على الأراضي الفنزويلية كانت أكثر تحفظاً، قائلة يوم الخميس فقط إن فنزويلا «قد غُزيت بالفعل». وأضافت: «لدينا عملاء روس وإيرانيون، وجماعات إرهابية مثل حزب الله وحماس تعمل بحرية وفقاً لنظام الحكم. ولدينا أيضاً جماعات متمرِّدة كولومبية وشرطة المخدرات»، في إشارة إلى التهديدات الأمنية المتعددة التي تذكرها.
توقّعات بشأن امتثال الجيش
توقعت ماشادو يوم الجمعة أن القوات المسلحة الفنزويلية ستلتزم بعملية انتقال السلطة. «لدي ثقة بأن الغالبية العظمى من القوات المسلحة والشرطة الفنزويلية، عند بدء العملية الانتقالية، ستلتزم بالأوامر والتوجيهات الصادرة عن القادة الذين ستعيّنهم السلطة المدنية التي ينتخبها الفنزويليون»، قالت.
حذر الخبراء من أن أي انتقال يحتاج إلى تفاوض دقيق مع المسؤولين السياسيين والعسكريين لتفادي اندلاع صراع داخلي. وأشارت فرانسيسكا إيمانويلي، كبيرة الباحثين في شؤون أميركا اللاتينية بمركز البحوث الاقتصادية والسياسية (CEPR)، إلى أن أيديولوجية التشافيزمو المرتبطة بخوجو تشافيز لا تزال قوة سياسية نافذة في فنزويلا، في حين أن أجزاء من المعارضة ترفض بشدة أي تدخل عسكري أميركي.
وأضافت أن منظومة عميقة من الفساد والمحسوبية تجعل العديد من الضباط العسكريين مترددين في تغيير ولاءاتهم. «لن يرغب العسكريون في ترك حكومة مادورو إذا لم تُمنَح لهم عفو أو إذا لم يكن هناك تفاوض؛ لذلك قد نشهد صراعاً مروّعاً ومدمّراً في فنزويلا قد يمتد إلى المنطقة.»
لا بوادر للتخفيف
من جانبها، لم تبدِ إدارة ترامب أي مؤشرات قوية على نية تخفيف الضغط. وفي حديثها للصحفيين يوم الخميس، لم تستبعد متحدثة البيت الأبيض كارولين ليفيت إجراء المزيد من المصادرات لسفن خاضعة لعقوبات قبالة سواحل فنزويلا.
وأفادت وكالة رويترز يوم الجمعة أن الأدميرال ألفين هولسي، القائد السابق للقوات الأميركية في أميركا اللاتينية، سيتقاعد مبكراً. وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين وشخصان مطلعان لوكالة الأنباء إن هولسي أُجبر على التنحي من منصبه على يد وزير الدفاع بيت هيغستث بسبب إحباطات تجاهه.