ما الذي أشعل الجدل حول متجر «شي إن» في باريس؟ أخبار التجزئة

تحذيرات فرنسية وإجراءات محتملة

حذرت السلطات الفرنسية من احتمال منع دخول شركة التجزئة الصينية إلى السوق بعدما تبين أن العملاق الإلكتروني لبيع الأزياء كان يعرض دمى جنسية ذات مظهر يوصف بأنه «طفولي» بشكل مثير للقلق. وقد أفادت التحقيقات أن بعض هذه العروض نُشِرت من بائعين مستقلين عبر منصة شيين، التي تخطط هذا الأسبوع لافتتاح أول متجر فعلي لها داخل متجر البضائع الفاخرة بي إتش في (BHV) في باريس.

اكتشافات الغرفة الرقابية وغرامات باهظة

أفادت المديرية العامة للمنافسة وحماية المستهلك ومكافحة الاحتيال (DGCCRF) أنها عثرت على هذه الدمى في موقع الشركة، وأن وصفها أثار شَكوكاً قوية بشأن طابعها الجنسي المتعلق بالأطفال. كما فرضت الهيئة غرامة قدرها 40 مليون يورو على الشركة بسبب ما وصفتها بممارسات تسعير مضللة وإفراط في الترويج لما يُعد سجلاً بيئياً إيجابياً للشركة.

تصريحات رسمية وخيارات سلطوية

قال رولاند ليسكور، وزير الاقتصاد الفرنسي، إن الحكومة تملك الحق في طلب حظر الوصول إلى السوق الفرنسية في حالات تتعلق بالإرهاب، أو تهريب المخدرات، أو المواد الإباحية للأطفال، مشيراً إلى أن القانون يمنح السلطات صلاحيات لإزالة المحتوى غير القانوني ومنع الوصول إليه عند الاقتضاء.

ما هي شركة شي إن؟

تأسست الشركة في الصين عام 2012 وتقع مقراتها الآن في سنغافورة. يملكها مؤسسها ورئيسها التنفيذي كريس شو، ونمت بسرعة لتصبح رائدة عالمية في «الأزياء السريعة» التي تنتج قطعاً بأجور منخفضة وتستجيب بسرعة للاتجاهات. تعمل عبر تطبيق جوال وتتعامل مع نحو 6,000 مصنع في الصين وتُشحن منتجاتها إلى أكثر من 150 دولة. بلغت مبيعاتها العالمية في 2024 نحو 38 مليار دولار سنغافوري (ما يقارب 29 مليار دولار أميركي)، بزيادة 20% عن العام السابق.

يقرأ  ترامب:«يا لها من خسارة — لا أستطيع الترشح لولاية رئاسية ثالثة»

الانتقادات الرئيسة: العمالة والبيئة والشفافية

واجهت شي إن انتقادات متكررة بشأن ظروف العمل وتأثيراتها البيئية. كشفت تحقيقات إعلامية ومنظمات مدافعة عن حقوق العمال عن ساعات عمل مطولة قد تصل إلى 75 ساعة أسبوعياً في بعض المصانع بحسب تحقيق لقناة Channel 4 عام 2022، وما تزال تحقيقات لاحقة عام 2024 تؤكد استمرار مشكلات مماثلة. كما أظهرت تقارير أن موردين في سلسلة توريد الشركة وظفوا أطفالاً دون 16 عاماً، بحسب تقرير لرويترز في 2024.

وأشارت مؤسسات رقابية إلى أن شي إن فشلت في الامتثال للمعايير الأساسية لحقوق الإنسان وظروف العمل، وأن خرائط سلسلة التوريد لديها ناقصة، ما يقلل من الشفافية. من ناحية بيئية، تنتج المصانع أحياناً عشرات الآلاف من القطع يومياً، مع استهلاك كبير للمياه والطاقة واعتماد واسع على الألياف الصناعية والبوليستر المصنع من مواد بترولية، مما يؤدي إلى نفايات نسيجية ضخمة وانبعاثات كربونية تعادل ما تنتجه عشرات محطات توليد الفحم حسب منظمات بيئية مثل Changing Markets Foundation.

ردود الفعل المحلية والإجراءات الاحتجاجية

قُدِّمَت عريضة فرنسية ضد افتتاح المتجر جمعت أكثر من 100,000 توقيع قبل الافتتاح الدائم المزمع في الحي الراقي الماريه وسط باريس. وسحب عدد من العلامات الفرنسية منتجاتها من متجر بي إتش في احتجاجاً، كما انسحبت إحدى البنوك من مفاوضات شراء مبنى المتجر عقب إعلان وصول شي إن، وألغت باريس شراكات وعقوداً متصلة، فيما ألغت ديزني لاند باريس خططاً لافتتاح متجر مؤقت لعيد الميلاد داخل نفس المكان. شهد الموقع أيضاً إضرابات واحتجاجات شعبية من موظفي المتجر ومجموعات مدنية.

إجراءات الدولة والردّ الرسمي لشي إن

أمرت المديرية العامة للمنافسة وحماية المستهلك بتاريخ 1 نوفمبر شي إن باتخاذ تدابير عاجلة لإزالة قوائم الدمى الجنسية من موقعها، محذِّرة من احتمال حظر كامل للشركة في السوق الفرنسية إذا لم تمتثل. ردّت الشركة بالإعلان عن حظر كل منتجات الدمى الجنسية على منصتها وإزالة فئة «المنتجات البالغة» مؤقتاً كإجراء احترازي، وأعلنت بدء تحقيق داخلي في آليات فرز المنتجات. قال دونالد تانغ، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي، إن «مكافحة استغلال الأطفال أمر لا تفاوض فيه»، واعتبر أن القوائم كانت من بائعين طرف ثالث، مع تأكيده على تحمل الشركة مسؤولية استعادة ثقة المستهلكين.

يقرأ  المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الضربات الأمريكية على سفن يُشتبه في نقلها مخدرات تنتهك القانون

منظمات حماية الطفل تعتبر الإجراءات غير كافية

رأت منظمات غير حكومية معنية بحماية الأطفال، مثل Mouv’Enfants، أن خطوات الشركة وتوضيحاتها لم تكن كافية، وأن ثمة حاجة لإجراءات أكثر صرامة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، ولحماية الأطفال ومنع استغلالهم بأي شكل.

الخلاصة

تضع القضية شي إن في مواجهة شاملة تشمل قضايا أخلاقية وقانونية وبيئية واجتماعية، وتثير تساؤلات حول مدى قابلية نماذج الأعمال المعتمدة على الإنتاج الرخيص والسرعة في مواكبة الضوابط التنظيمية وحماية الحقوق الأساسية، بينما توضح ردود الفعل الفرنسية أن السوق والمجتمع المدني قد يلجآن إلى استخدام أدوات تشريعية وتنظيمية لفرض معايير أعلى. في يوم الاثنين، نظّموا احتجاجًا أمام مجمّع التسوّق BHV في باريس.

قال أرنو غالاي، المؤسس المشارك لمنظمة «Mouv’Enfants»، للصحفيين: «طالما هذه الدمى متاحة في أي مكان من العالم، ستظلّ الشركة شريكة في نظام يتيح ارتكاب جرائم جنسية ضد الاطفال».

هل الاحتجاجات الفرنسية ضدّ شين أيضاً لأنّها «غريبة»؟

الاحتجاجات ضدّ شين لا تتعلق بالأخلاق فحسب؛ فهي متداخلة أيضًا مع مخاوف اقتصادية يعيشها بائعو التجزئة في باريس، الذين يُعرفون عالميًا بولائهم للتراث والحِرفية.

ومن ثمّ، فإن الهجمة على شين تعكس جزئيًا مخاوف من أن المنافسة العالمية — وخصوصًا بائعي «الموضة السريعة» ذوي التكلفة المنخفضة جدًا — قد تقوّض الشركات الوطنية التي تلتزم بهذه القيم.

وشمل تعديل في يونيو 2025 على مشروع قانون «الصناعة الخضراء» في فرنسا استهداف علامات الأزياء السريعة عبر السعي للحدّ من نفايات النسيج. وقد تمّ تمييز شين صراحةً.

أضف تعليق