شاهد: فيديو يوثّق استيلاء القوات الأمريكية على ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا
تظهر لقطات جوية مروحية أمريكية تحلّق على ارتفاع منخفض فوق بحر ضبابي وهي تقترب من سفينة عملاقة. تهبط المروحية فوق السطح بينما ينزل جنود مموّهون حاملون للأسلحة بحبل الميلّ إلى ظهر السفينة.
أصدرته السلطات الأمريكية، ويعكس أحدث تصعيد في حملة الضغوط التي تمارسها واشنطن ضد حكومة نيكولاس مادورو — استيلاءً على ناقلة نفط خام. تقول واشنطن إن الناقلة كانت تُستخدم لنقل نفط خاضع لعقوبات من فنزويلا وإيران ضمن «شبكة شحن نفطي غير مشروعة تدعم منظمات إرهابية أجنبية».
بدورها وصف وزير الخارجية الفنزويلي إيفان غيل العملية بأنها «قرصنة دولية» وادّعى أن الرئيس الأمريكي يسعى للاستيلاء على ثروات فنزويلا الطاقية.
ما نعرفه من تفاصيل
العملية
قال الرئيس الأمريكي أمام الصحفيين في البيت الأبيض إن «ناقلة كبيرة جدًا» استُولت عليها على الساحل الفنزويلي، ووصفها بأنها الأكبر من نوعها التي استُولت عليها على الإطلاق. نُشرت لقطات العملية على وسائل التواصل الاجتماعي بواسطة المدعية العامة، التي أشارت إلى تنفيذ أمر ضبط بمشاركة خفر السواحل الأمريكي ومكتب التحقيقات الفيدرالي وإدارة أمن الداخل ووزارة الدفاع.
لم يتضح موقع الناقلة أثناء الاستيلاء بدقّة، لكن مسؤولًا عسكريًا رفيعًا أخبر شريك الـBBC في الولايات المتحدة أن السفينة كانت قد غادرت للتو ميناءً فنزويليًا. يُظهر فيديو مدته 45 ثانية فريقًا أمريكيًا يتجول على ظهر السفينة والأسلحة مسلّطة؛ ولم تُرَ طاقم السفينة في المشاهد.
أفاد مصدر مطلع لشبكة CBS أنّ العملية شملت مروحتين وعشرة مشاة بحرية وعشرة من خفر السواحل وقوّات عمليات خاصة. قامت مجموعة نخبوية من خفر السواحل، تُعرَف بفريق الأمن البحري والاستجابة، بعملية الصعود — وهي وحدة متخصّصة في إجراءات التدخّل عالية الخطورة ومكافحة الإرهاب، تشكّلت بعد هجمات 11 سبتمبر كجزء من إعادة هيكلة الأمن القومي. قاد خفر السواحل العملية بدعم من البحرية.
ناقلة النفط
حدّدت شركة متخصّصة في مخاطر الملاحة السفينة باسم «سكيبر» (Skipper) وذكرت أنها تعتقد أن السفينة كانت تُلغي إشارات موقعها أو تبثّ موقعًا زائفًا على مدى زمنٍ طويل. أبحرت تحت أسماء سابقة مثل Toyo وAdisa منذ بنائها قبل عشرين عامًا. يبلغ طولها نحو 333 مترًا وعرضها 60 مترًا، وتُصنّف كناقلة خام كبيرة جدًا (VLCC).
وصفت شركة Vanguard Tech السفينة بأنها جزء من «الأسطول المظلم» وأنها خضعت لعقوبات أمريكية لنقلها صادرات نفط فنزويلي. يُقصد بـ«الأسطول المظلم» السفن التي تُستخدم لتهريب سلع خاضعة للعقوبات. يُعتقد أنها غادرت ميناء خوسيه في الرابع أو الخامس من ديسمبر حاملة نحو 1.8 مليون برميل من النفط الثقيل، ونُقلت قبل الاستيلاء حوالي 200 ألف برميل إلى سفينة أخرى، وفق تحليل نقلته رويترز عن TankerTrackers.com وشركة النفط الحكومية الفنزويلية PDVSA.
فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على «سكيبر» عام 2022 بتهمة المشاركة في شبكات تهريب نفط مولّت جماعات مثل حزب الله في لبنان وقوّة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، بحسب تقارير. أظهرت بيانات على موقع MarineTraffic أن السفينة كانت ترفع علم غيانا في آخر تحديث قبل يومين من الاستيلاء، لكن إدارة الملاحة البحرية في غيانا أصدرت بيانًا لاحقًا تقول فيه إن السفينة «ترفع علم غيانا زورًا ولا تسجل فعليًا في غيانا». تُظهر سجلات الحركة أيضاً أن الناقلة كانت قرب إيران منتصف سبتمبر قبل أن تظهر قبالة غيانا نهاية أكتوبر مع حركة طفيفة منذ ذلك الحين — لكن هذه البيانات قد تكون مشوّهة بسبب التضليل الإلكتروني.
النفط المصادرة
عندما سُئل الرئيس عما سيحدث بالنفط، رد باقتضاب: «نحتفظ به، على ما أظن… أعتقد أننا سنحتفظ بالنفط». مع تداول خام برنت عند نحو 61 دولارًا للبرميل آنذاك، قد تبلغ قيمة الحمولة على الناقلة أكثر من 95 مليون دولار إذا كانت الكمية المتبقية نحو 1.6 مليون برميل بعد نقل 200 ألف. لم تتحقق هيئة الإذاعة البريطانية من الكمية بدقّة.
قالت المدعية العامة إن الناقلة خضعت لعقوبات أمريكية «لعدة سنوات بسبب تورطها في شبكة شحن نفطي غير مشروعة تدعم منظمات إرهابية أجنبية». من جهته، اتّهم مادورو الولايات المتحدة باستخدام تواجدها العسكري المتصاعد في الكاريبي وحملة «الحرب على المخدرات» كمبرر لمحاولة الإطاحة به والحصول على نفط فنزويلا — اتهامات تنفيها واشنطن.
تملك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي معروف في العالم، لكن النفط هناك ثقيل ولزج، ما يجعل استخراجه ونقله يتطلّبان تجهيزات وخبرات متخصّصة. أضيفت إلى ذلك بنية تحتية متقادمة وعقوبات أمريكية أعاقت صادراتها.
الحملة الأمريكية الأوسع
ركّزت إدارة ترامب خلال العام الماضي إلى حدّ كبير على مواجهة تدفّق المخدرات، خصوصًا الفنتانيل والكوكايين، إلى الولايات المتحدة. كجزء من ذلك، صنّفت واشنطن مجموعتين جنائيتين فنزويتين — قطار أراغوا و«كارتل الشموس» — كمنظمات إرهابية أجنبية، وزعمت أن الأخيرة يقودها مادورو نفسه.
بدون تقديم أدلة كافية، اتهم ترامب مادورو بـ«إفراغ السجون والمستشفيات النفسية» و«إخراج مساجين قسريًا» نحو الولايات المتحدة؛ وكان الحدّ من الهجرة إحدى أولويات الإدارة. كجزء من سياسة الضغط، نشرت واشنطن نحو 15 ألف جندي وأساطيل من حاملات الطائرات والمدمّرات وسفن الإنزال في الكاريبي، بينها حاملة الطائرات الأكبر في العالم — يو إس إس جيرالد فورد — التي استُخدمت كنقطة انطلاق للمروحيات المشاركة في عملية الاستيلاء.
منذ مطلع سبتمبر، نفّذت القوات الأمريكية أكثر من 20 ضربة في مياه دولية ضد قوارب اتُهمت بنقل مخدرات، أسفرت عن مقتل أكثر من 80 شخصًا. تصف الإدارة الأمريكية الوضع على أنه نزاع مسلّح غير دولي مع مهربين تُتهم باللجوء إلى حربٍ غير نظامية ضد الولايات المتحدة، ووصفت من كانوا على متن القوارب بـ«المخدرات الإرهابية»؛ لكن خبراء قانونيين يرون أن هذا التصنيف لا يحوّلهم تلقائيًا إلى أهداف عسكرية شرعية وفق القانون الدولي.