تتدلّى اللوحات بلا حياة في ممرّات طويلة داخل المتاحف التي زرناها في رحلات مدرسية.
وتقف التماثيل الرخامية جامدة، مجمدة في لحظة حركة لا تزول.
يبدو أن تعاملنا مع الفن وتجربتنا له يركّزان بصورة مفرطة على الحواس التي نعوّل عليها أكثر لفهم الواقع — البصر والسمع.
ولكن وراء عالم الرؤية والصوت هناك إمكانيات غير مستثمرة لتجربة الفن بطرق جديدة، عبر حواسنا الأخرى.
يسعى متحف Kunstpalast في دوسلدورف لاستثمار واحدة منها: حاسة الشم.
خلال معرض بعنوان «القدرة الخفية للروائح» يأخذ الزوّار رحلة تمتد ألف سنة من الروائح — مسافة زمنية عبر التاريخ الثقافي والعطور المصاحبة له.
«نظرت إلى العصور، القرون، ولكن أيضاً إلى الأشياء والمعروضات الفردية، وتقصّيت الدور الذي لعبته الروائح في تلك الأزمنة، وما الذي رُكِّب حديثاً، وما اختُرع، وما كان له دور اجتماعي»، يقول روبرت مولر-غرونو، القيم على المعرض وخبير في الروائح وتقنياتها.
في الشمّة مباشرة نوع من الصراحة التي قد تجعل تجربة الفن أكثر وضوحاً وإيحاء.
«الروائح عاطفية خالصة، المحفّز الحسي الوحيد الذي لا يمكن ترشيحه بالعقل»، يشرح مولر-غرونو. «إنها تصل مباشرة إلى الجهاز الحوفي. دَوماً ما تكون فورية بطريقة تخلُق الانفعال».
حرب، دين، حب ونسوية
تملأ روائح البخور والمرّ الجوّ في غرفة مزدانة بنقوش دينية، فتصنع مشهداً ينقلنا فوراً إلى مصليات وطقوس قديمة.
ومن ينجذب إلى بساطة حياة أجدادنا قد يجهل ويجمل تجربة الفلاح وسط إعادة محاكاة لروائح شارع في باريس الوسيطة — من مجاري وماء متعفن وأجساد غير مغسولة.
قد يبتعد الزوار أو ينكمشون ردة فعل جسدية عندما تُقذف أنوفهم بروائح جبهات الحرب العالمية الأولى — مزيج من الدم وبقايا البارود والكبريت.
وهناك حتى ما يلائم الزوّار الأكثر شهوانية، المست curiousين لقوة منشطات جنسية من أوائل العصور الوسطى: ما أفضل من أن تشم بعينيك روائح الورد وغدد السيفيت الشرجية بنفسك.
لكن ثمة أيضاً روائح تطمئن وتواسي وتعيدنا أو تروي قصة ذات أهمية. روائح اللانهاية، عطور ذات رمزية، وعبق يحتفل بالنسوية المبكرة.
يأمل مولر-غرونو أن يسلّط المعرض الضوء على أهمية الروائح في الدين والسياسة والفن والاستهلاك والعلوم — كل ذلك يندمج في تجربة فنية شاملة.
المعرض فتح أبوابه الآن للزوّار، ويضم أكثر من 81 عطراً مميّزاً موزعة على 37 قاعة.
فلماذا لا تذهب لتستنشق عبقاً إن سنحت لك الفرصة؟
«القدرة الخفية للروائح» مستمر في متحف Kunstpalast في دوسلدورف حتى 8 مارس 2026.