إسرائيل تعترض طوفان “صمود العالمي” الذي حاول اختراق حصار غزة، وهو تحرك نال اهتماماً دولياً باعتباره من أكبر المهمات البحرية الإنسانية الموجّهة إلى القطاع المحاصر.
طوفان “صمود العالمي”، الذي ضم أكثر من 40 قارِباً وحوالى 500 ناشط، تمّت معه عمليات اقتحام على يد قوات إسرائيلية فجر الأربعاء، حيث جرى احتجاز ناشطين ونقلهم إلى إسرائيل.
إسرائيل قالت مسبقاً إنها ستفعل كل ما يلزم لصد الطوفان المتجه إلى غزة، ووصفت المتطوّعين بأنهم يحاولون “خرق حصار بحري قانوني” — وصف يتعارض مع قراءات عدة للقانون الدولي.
منذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007 تفرض إسرائيل حصاراً متدرجاً على غزة، ما أدّى إلى احتجاز السكان داخل القطاع، مع تحكّم صارم بإدخال الغذاء والسلع والمساعدات.
ماذا جرى للطوفلة يوم الأربعاء؟
وفق منظمي الطوفان، اعترضت إسرائيل قوارب تحمل مساعدات إنسانية. أفاد المنظّمون بأن قوات بحرية صعدت على متن السفن على بعد نحو 70 ميلاً بحرياً (حوالي 130 كلم) من سواحل غزة، وأن الاتصالات انقطعت وأن جهة ما قامت بتشويش الإشارات أثناء اقتراب القافلة من القطاع المحاصر.
نشطاء على متن القوارب رووا مواجهات غامضة خلال النهار مع زوارق من دون أنوار وطائرات مُسيّرة تتابع القافلة، مما زاد التوتر على متن السفن.
وجاء في بيان للطوفان: “في مساء الأربعاء… حوالى الساعة 20:30 (17:30 بتوقيت غرينتش)، تعرّضت عدة سفن من طوفان صمود العالمي — من بينها ألفا وسوريوس وأدارة — لاعتراض واعتداء غير قانوني من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية في مياه دولية.”
وأضاف البيان أن السفن الإسرائيلية تسببت عمداً في تعطيل اتصالات السفن قبل الصعود إليها، في محاولة لقطع إشارات الاستغاثة وإجهاض البث المباشر لعملية الاقتحام.
رغم أن الحمولة كانت رمزية من حيث الكميات، فقد استمر الطوفان في مهمته لإقامة ممر بحري إلى غزة، حيث خلّفت نحو عامين من الحرب الإسرائيلية أزمة إنسانية حادّة للسكان.
خريطة للبحر المتوسط تُظهر تعقّب القوارب.
كيف ردّت إسرائيل؟
خارجية إسرائيل نشرت فيديو لسيدة بزي عسكري تتحدّث هاتفياً وتعرّف نفسها كممثلة للبحرية الإسرائيلية، وتُنبّه الطوفان إلى اقترابه من منطقة محظورة ومحصورة وتؤكّد أن أي مساعدات لغزة “يجب أن تُرسل عبر القنوات المعتمدة.”
سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، أعلن أن النشطاء المحتجزين على متن الطوفان سيتم ترحيلهم بعد انتهاء عطلة يوم الغفران اليهودي يوم الخميس.
قالت نداء إبراهيم مراسلة الجزيرة من الدوحة إن الإعلام الإسرائيلي أفاد باعتقال ست سفن حتى الآن من بينها السفينة “ألمّا”، وتتوقّع تقارير مزيداً من الاعتراضات. وأشارت إلى أن جنوداً إسرائيليين صعدوا إلى السفن واحتجزوا عدداً كبيراً من الناشطين، وأن المعتاد هو إخضاع المحتجزين لإجراءات قانونية — لكن إسرائيل تشهد شللاً شبه كامل خلال عطلة يوم الغفران، ما يخلق حالة من المجهول للمحتجزين إذ إن المحاكم والسجون لا تعملان.
منذ 2009 تطبق إسرائيل حصاراً بحرياً رسمياً تقول إنه يهدف لمنع تهريب أسلحة، بينما حمّلت السلطات بعض منظّمي الطوفان صلات مزعومة بحماس وهو ادعاء يرفضه الناشطون جملة وتفصيلاً.
هل تكرّر هذا من قبل؟
شهدت محاولات لكسر حصار غزة منذ 2010. أمثلة بارزة:
– 2010 — حادثة “مفي مرمرة” (Mavi Marmara): أبرز الحوادث عندما صعدت قوات إسرائيلية إلى السفينة التركية ضمن قافلة حرية غزة، واندلعت اشتباكات أفضت إلى مقتل 10 ناشطين، ما أثار إدانات دولية وتوتر علاقات إسرائيل–تركيا. أعترفت إسرائيل لاحقاً بـ”أخطاء تشغيلية” في غارة 2013، وما زالت تفاوضان على تعويضات، فيما تُحاكم جنود ومسؤولون غيابياً في تركيا بتهم جرائم حرب.
– 2011–2018 — طوفانات أصغر: عدة محاولات لاحقة في 2011 و2015 و2018، كانت إسرائيل تحرف السفن إلى ميناء أشدود وتحتجز الناشطين وتستولي على البضائع؛ في 2018 أفاد بعض المعتقلين بتعرّضهم لصدمات كهربائية وضرب.
– 2024 — محاولات طوفان أخرى: استمر تنظيم مجموعات ناشطة طوفانات، لكن إسرائيل منعت بعضها من الإبحار من موانئ بالخارج أو اعترضتها قبل الوصول إلى غزة.
– 2025 — سُجلت عدة مهمات طوفانية تحدّت الحصار البحري؛ في يونيو مثلاً أبحرت سفينة “مادلين” من كاتانيا بصقلية محمّلة بغذاء وإمدادات طبية وحليب أطفال وغيرها، وبمرافقة ناشطين من بينهم غريتا تونبرغ. في الساعات الأولى من 9 يونيو اعترضتها البحرية الإسرائيلية في مياه دولية، استُخدمت خلالها رذاذ مهيّج كيميائي، ثم استولت السلطات على السفينة واحتجزت 12 شخصاً على متنها قبل ترحيلهم بعد إجراءات في إسرائيل.
ماذا نعرف عن الطوفلة الحالية؟
أبحر طوفان صمود العالمي أواخر أغسطس 2025 من موانئ في إسبانيا وإيطاليا، متوقفاً في اليونان وتونس خلال رحلته عبر البحر المتوسط.
انطلقت الحملة بأكثر من 50 سفينة تمثل على الأقل 44 دولة، حاملة مئات المتطوّعين والناشطين والنوّاب؛ من بينهم 24 أميركياً بينهم عدد من قدامى العسكريين، وفق منظّمي القافلة. وعلى متنها كانت شحنات رمزية لكن ذات دلالة من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والاحتياجات الأساسية لغزة.
أبلغ الناشطون عن مواجهات عدائية في عرض البحر، بينها هجمات طائرات مُسيّرة مشتبه بها قرب مالطا وكريت ألحقت أضراراً ببعض السفن وأجبرت أخرى على الانسحاب. وبحلول اقتراب القافلة من شرق المتوسط بقي 44 سفينة في التشكيل.
تزايد الاهتمام الدولي مع استمرار الطوفان؛ فرصدت إسبانيا وإيطاليا القافلة بوسائل بحرية وقدّمتا استعداداً للمساعدة إذا دعت الحاجة، في حين دعت حكومات أوروبية ودولية إلى ضبط النفس من جميع الأطراف. دوّنؤ