أصدرت المحكمة العليا في تايلاند حكماً يقضي بأن يخضع رئيس الوزراء الأسبق تاكسين شيناواترا لحكم بالسجن لمدة عام، في تطور جديد يمثّل ضربة أخرى لهيمنة عائلته السياسية العريقة.
يتعلّق القرار بقضية سابقة أُدين فيها بالفساد وحُكم عليه لسنوات، غير أنّه قضى أقلّ من يوم واحد في زنزانة سجنية قبل أن يُنقل إلى المستشفئ التابع لشرطة تايلاند، وهو نقل قضت المحكمة الآن بأنه كان غير قانوني. وعلى إثر ذلك قررت المحكمة أن يتعيّن عليه قضاء فترة حكمه خلف القضبان.
سياسياً، تُعدّ عائلة شيناواترا من الأطياف الفاعلة في المشهد التايلاندي منذ انتخاب تاكسين للمرة الأولى عام 2001. ابنته بايتونغترن شغلت سابقاً منصب زعيمة الحزب، قبل أن تُعزل من منصبها الشهر الماضي بعد تسريب مكالمة هاتفية أثارت جدلاً واسعاً.
ورداً على قرار المحكمة، نشر تاكسين بياناً عبر وسائل التواصل قال فيه: «رغم فقداني للحريّة الجسدية، سأحتفظ بحريّة التفكير من أجل بلدي وشعبه». كما تعهّد بالحفاظ على قدرته على خدمة الملكية وتايلاند وشعبها.
تجدر الإشارة إلى أن تاكسين أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2006، وقضى سنوات في منفاه الاختياري غالبيتها في دبي. وعند عودته إلى تايلاند في 2023 حوكم بسرعة وأدِين بتهم فساد وإساءة استغلال السلطة وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات؛ لكنّه أمضى ساعات معدودة فعلياً في الزنزانة قبل أن يشتكِي من مشاكل قلبية، فنُقل إلى جناح فندقي في مستشفئ الشرطة.
بعد أن طلب عفواً ملكياً، خفّض الملك حكمه إلى سنة واحدة. بقي تاكسين في المستشفئ ستة أشهر ثم نال إفراجاً مشروطاً وانتقل للإقامة في منزله في بانكوك.
وصدر عن قاضٍ في المحكمة العليا بيان أفاد بأن تاكسين «كان يعلم أو كان من الممكن أن يلاحظ أنه لم يكن في حالة حرِجة أو طارئة». وأضاف القاضي أن رغم المعاناة من أمراض مزمنة، كان بالإمكان علاجه كحالة خارِج المستشفى، ولذلك اعتبرت إقامته الطويلة غير قانونية.
عرفت القضية في تايلاند باسم «قضية الطابق الرابع عشر»، نسبة إلى الطابق الذي نُقل إليه في المستشفى، وقد أثارت القضية رقابة مستمرة وانتقادات من كثير من التايلانديين الذين يرون أن الأغنياء وذوي النفوذ يتلقون معاملة تفضيلية.
في الأيام التي سبقت صدور الحكم، راقب مؤيدو تاكسين تحركاته عن كثب. الأسبوع الماضي سافر على متن طائرة خاصة إلى دبي بغرض العلاج، وأعلن أنه ينوي العودة للمثول أمام المحكمة. حضر الجلسة صباح الثلاثاء في بانكوك برفقة ابنته بايتونغترن، مبتسماً ومحيياً الصحافة ومجموعات من أنصاره، وكان يرتدي بدلة وربطة عنق صفراء اللون المرتبطة بالملكية التايلاندية.
وقالت بايتونغترن للصحافيين بعد النطق بالحكم إنها «قلقة» على والدها لكن العائلة «بصحة معنوية جيدة»، مؤكدة أنها ستواصل قيادة حزب فحو تاي (Pheu Thai) في المعارضة والعمل السياسي.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن تاكسين واجه تهم إساءة تقدير الملكية (التجريح في الملك)، لكنه بُرّئ منها مؤخراً. وفي الوقت نفسه تورّطت ابنته في جدل بعد أن سرب الزعيم الكمبودي هون سن مكالمة هاتفية جرت بينها وبينه حول نزاع حدودي، إذ خاطبتَه خلالها بلقب «عمي»، ما أدى إلى اعتباره خرقاً للمعايير الأخلاقية المتوقعة منها وإزالتها من منصبها.
وعلى الصعيد السياسي الأوسع، اختار البرلمان التايلاندي مؤخراً أنوتين تشارنفيراكول رئيساً للوزراء، وهو ثالث رئيس وزراء يتولى المنصب خلال عامين، بعدما انفصل حزبه بومجاي تاي عن الائتلاف الذي تقوده بايتونغترن وتأمّن له دعم حزب آخر للوصول إلى رئاسة الحكومة.
المشهد السياسي في تايلاند يبقى متقلباً، وحكم المحكمة يوم الثلاثاء يُعدّ دليلاً آخر على تبدّل حظوظ عشيرة شيناواترا وحزبها في مواجهة الضغوط القضائية والسياسية.