«مخيّب للآمال»: هدف الصين الجديد للمناخ بعيد عن الطموح ويقصر كثيرًا، وفق خبراء أخبار أزمة المناخ

أدان خبراء المناخ الهدف الجديد للصين لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة واصفين إياه بـ«المخيّب» و«غير اللافت»، محذرين من أن التعهُّد يبتعد كثيرًا عن التصرف المطلوب لتفادي كارثة مناخية.

ورغم ذلك، أوجد الهدف بعض الأمل بأن بكين، التي حتى الآن اقتصرت وعودها على وقف ارتفاع الانبعاثات فقط، قد تكون تقلِّل عمداً من مستوى التخفيضات التي بإمكانها تحقيقها في ظل التوسع الضخم لقدراتها على توليد الطاقة المتجددة.

في كلمة مصورة للأمم المتحدة يوم الأربعاء، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ إن بلاده ستخفض انبعاثاتها بنسبة تتراوح بين 7 و10 بالمئة عن ذروتها بحلول عام 2035. وكانت هذه المرة الأولى التي تحدد فيها الصين — أكبر مُلوِّث في العالم — هدفًا صريحًا لخفض الانبعاثات.

وصف شي التحول عن الكربون بأنه «اتجاه عصرنا»، وتعهد أيضًا برفع حصة المصادر غير الأحفورية في استهلاك الطاقة إلى أكثر من 30 بالمئة، وزيادة قدرة الرياح والشمس ستة أضعاف مقارنة بعام 2020.

ورغم أن هذه اللحظة تعدّ بارزة في المعركة العالمية ضد تغير المناخ، وفي وقت تتخلى فيه الولايات المتحدة عن جهود خفض الانبعاثات، يرى بعض المحللين أن هدف الصين لا يتماشى إلى حد بعيد مع بنود اتفاق باريس.

وقال بيل هير، المدير التنفيذي لمعهد سياسة مقره برلين يُدعى Climate Analytics، لقناة الجزيرة: «للأسف إنه هدف مخيّب؛ هذا الهدف لن يدفع بالانبعاثات نحو الانخفاض — بل هو أدنى مما قد تحققه الصين بالفعل بموجب سياساتها المناخية الراهنة». وأضاف: «بإمكان الصين أن تؤدي أفضل من هذا بكثير، وهذا الهدف بالكاد يعكس أقصى طموح ممكن لديها».

وقدَّرت منظمة مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CREA) أن على الصين خفض الانبعاثات بنحو 30 بالمئة لتكون متسقة مع اتفاق باريس، الذي اعتمدته 195 دولة عام 2015 ودعا إلى احتواء ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

يقرأ  ازدواجية المعايير في التعامل مع أزمة لاجئي غزة مقارنةً بأوكرانيا وسوريا

تأتي إجراءات الصين المناخية في سياق يكتسب فيه دورها أهمية خاصة بعد خروج الولايات المتحدة من اتفاق باريس في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي وصف في كلمته أمام الأمم المتحدة هذا الأسبوع الإجماع العلمي حول تغير المناخ بأنه «أكبر عملية خداع ارتكبت في العالم».

وأشار لي شو، مدير مركز الصين للمناخ في معهد سياسة آسيا سوسيتي، للجزيرة قائلاً: «الهدف العريض والغير المثير للصين يضيِّع فرصة لتقديم زعامة حقيقية. بكين تختار أن تتقدم بحذر حينما تدعو العلم إلى العدو السريع. هذا التعهد، للأسف، ما يزال يضع العالم على طريق يؤدي إلى آثار مناخية كارثية».

تركت كلمة شي أسئلة مركزية حول هدف الانبعاثات دون إجابات واضحة، من ضمنها كيفية تعريف بكين لذروة الانبعاثات. ويعتقد العديد من خبراء المناخ أن انبعاثات الصين قد بلغت ذروتها بالفعل أو ستفعل ذلك هذا العام، رغم أن بعض الملاحظين يحذرون من أن هذا الاتجاه تأثر بدرجة كبيرة بتراجع النشاط الاقتصادي خلال جائحة كوفيد-19 بقدر ما تأثر بانتشار الطاقة المتجدة.

لقد كان للصين تأثير متناقض على الجهود العالمية لمواجهة تغير المناخ. فرغم أنها مسؤولة عن نحو ثلث الانبعاثات العالمية تقريبًا، فإنها في الوقت نفسه رائدة في مجال الطاقة النظيفة. فبحسب الوكالة الدولية للطاقة، تنتج الصين حوالي 80 بالمئة من الألواح الشمسية في العالم و70 بالمئة من السيارات الكهربائية. كما تصنع نحو 60 بالمئة من توربينات الرياح عالميًا، وفقًا لمركز الأبحاث Ember اللندني.

وبينما توسع الصين قيادة التكنولوجيا النظيفة، واصلت في الوقت نفسه استثمارات كبيرة في الفحم. ففي العام الماضي بدأت أعمال البناء على ما يقرب من 100 جيجاوات من مشاريع الوقود الحجري الجديدة أو المعلق تنفيذها — وهو رقم يعد الأكبر خلال عقد، حسب CREA.

يقرأ  الحكومة السورية تندد بغارات جوية إسرائيلية استهدفت مدينتين — تقرير

وصرح أندرياس سيبر، المدير المشارك للسياسات والحملات في 350.org للجزيرة قائلاً: «تعهد الصين الجديد واضح أنه دون التوقعات. على الرغم من وعد الرئيس شي السابق بالتحكم الصارم في طاقة الفحم الجديدة، فقد أذنت البلاد بمشاريع أكثر مما كانت عليه في أي وقت خلال ما يقرب من عقد». وأضاف: «الأهداف المعلنة اليوم، التي تبقى غامضة بشأن سنة الأساس ومت المحافظة بشأن مصادر الطاقة المتجدة، تترك مجالًا واسعًا لاستمرار نمو الانبعاثات من القطاعات المهيمنة على الفحم».

ومع ذلك أعرب خبراء المناخ عن أمل بأن يكون هدف الصين إشارة إلى تغييرات أكثر تحوّلاً قادمة. فبكين تميل إلى وضع أهداف تستطيع «تحقيقها بثقة»، بحسب ياو تشي، مستشارة سياسات في بكين لدى منظمة غرينبيس شرق آسيا. وذكرت ياو في بيان رداً على الهدف أن أحدث تحليلات منظمتها تُظهر أن انبعاثات قطاع الكهرباء في الصين قد تبلغ ذروتها هذا العام، ما يعني أن التخفيض الفعلي لاقتصاد الصين قد يتجاوز ما ورد على الورق.

وفي عالم «يتحرك بشكل متزايد بدافع المصلحة الذاتية»، قال لي إن الصين في موقع أقوى من معظم الدول لتحفيز العمل المناخي. الدولة برزت كقوة عظمى في تكنولوجيا النظيفة، ودورها المهيمن

أضف تعليق