داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي منزل جون بولتون في ضاحية بيثيسدا بواشنطن، في إجراء قال عدد من وسائل الإعلام إنّه جزء من تحقيق أمني وطني حول تعامل بولتون مع معلومات مصنفة. شوهدت سيارات شرطة مركونة أمام المنزل بينما أكد متحدث باسم الـFBI وجود «نشاط بموجب أمر محكمة» في محيطه.
غرد مدير الـFBI كاش باتيل على منصات التواصل قائلاً «لا أحد فوق القانون» وإنّ عملاء المكتب «في مهمة»، من دون أن يذكر بولتون بالاسم. بدوره نفى دونالد ترامب علمه بالداهمة: «لا، لم أعلم بها. شاهدتها على شاشة التلفزيون هذا الصباح»، وأضاف وصفاً لبولتون بأنه «شخص منحط إلى حدٍ ما».
تأتي المداهمة في سياق تصعيد إدارة ترامب التحقيقات والتهديدات ضد خصوم ونقاد، بعد أن ألغى ترامب في أول أيام عودته إلى البيت الأبيض تصاريح الأمن الخاصة ببولتون، ثم سحب الحراسة المخصصة له بعد أيام. رافق ذلك تبادلات حادة؛ عبّر بولتون عن خيبة أمله من تلك الخطوات وقال إنه «ليس مفاجئاً»، فيما وصفه ترامب بأنّه «شخص غبي جداً» واستمر في التقليل من أهميته.
عرف بولتون بمدى تشدده في الشؤون الخارجية خلال إدارات جمهورية عدة، وكان من أبرز من دعوا إلى غزو العراق في عهد جورج دبليو بوش، كما شغل منصب مستشار الأمن القومي في الفترة الأولى من إدارة ترامب. اليوم يظهر كثيراً في البرامج الإخبارية الأميركية لانتقاد سياسات ترامب، ودوّن مذكراته التي حملت عنوان The Room Where It Happened، حيث قدّم تقييماً لاذعاً لفترة وجوده في البيت الأبيض وصف فيه الرئيس بأنّه «يفرق بين مصالحه الشخصية ومصالح البلد».
ذكرت وكالة أسوشييتد برس أن بولتون شوهد أيضاً الجمعة في بهو مبنى يعمل فيه بالعاصمة، وتحدّث مع شخصين يرتديان سترات عليها عبارة «FBI»، ثم شوهد عناصر يدخلون حقائب عبر المدخل الخلفي. وأضافت رويترز تقرير المتحدث عن «نشاط مرخّص من المحكمة».
في مقابلة مع ABC هذا الشهر اتّهم بولتون ترامب بأنه يستعمل أجهزة الدولة لتصفية الحسابات السياسية، ووصف إدارته بأنها «رئاسة انتقامية». وردّ ترامب بالقول إنه لا يريد أن يُطلع على تفاصيل مثل هذه العمليّات، مع أنّه أقرّ بأنه بصفته «الرئيس التنفيذي لفرض القانون» يمكن أن يكون على علم بها أو يوجّهها، لكنه اعتبر أن من الأفضل أن تدار الأمور على نحو مستقل. كما قال إنه سيتلقى إحاطة لاحقاً، ولم يَفُتْه الطعن في ولاء بولتون بالقول: «قد يكون غير وطني».
في سياق متصل، فتحت وزارة العدل تحقيقات بحق عدد من منتقدي ترامب، من بينهم السيناتور الديمقراطي آدم شيف ونقيب المدعي العام في نيويورك ليتيتيا جيمس، التي رفعت دعوى مدنية تتهم الرئيس ومنظمته بارتكاب احتيال. كما يواجه المدّعي جاك سميث، الذي قاد تحقيقين فيدراليين معنيين بترامب، تحقيقاً من مكتب المستشار الخاص استجابةً لادعاءات جمهورية بأنه خرق قانون هاتش عبر نشاط سياسي ممنوع.
المشهد يعكس تداخلاً معقّداً بين السياسة والعدالة في الولايات المتحدة، حيث تتقاطع الاعتبارات القانونية مع مناكفات سياسية حادة، وتبقى نتائج التحقيقات وآثارها على الساحة العامة محط ترقب.