توافد جماهيري حاشد إلى نوفي ساد لإحياء ذكرى حادث مأساوي
تتجمع عشرات الآلاف في مدينة نوفي ساد الشمالية لإحياء ذكرى ضحايا مأساة قبل عام أسفرت عن وفاة 16 شخصًا. منذ انهيار الغطاء فوق محطة القطار التي جرى تجديدها مؤخرًا في ثاني أكبر مدن صربيا في الأول من نوفمبر 2024، تصدر الحادث رمزًا للفساد المتغلغل في البلاد وأشعل موجة احتجاجات قادها طلاب بشكل منتظم.
بدأت المظاهرات بطلب تحقيق شفاف، ثم تصاعدت المطالب بسرعة لتشمل الدعوة إلى انتخابات مبكرة. دعا الطلاب إلى «أكبر تجمع تأبيني» يوم السبت، وفاضت المدينة بوافدين منذ يوم الجمعة عبر السيارات والدراجات والمشي على الأقدام. تظاهر آلاف المشاة في مسيرة انطلقت من بلغراد لمسافة نحو 100 كيلومتر، كما انطلق آخرون من أنحاء البلاد بما في ذلك نوفي بازار الواقعة على بعد نحو 340 كيلومترًا جنوب العاصمة، واستغرقت بعض المواكب 16 يومًا لإتمام مسيراتها.
استقبل سكان نوفي ساد القائمين على المسيرة في الشوارع صفيرًا وتلويحًا بالأعلام، وكان كثيرون منهم منكسري الوجوه. وُوضعت الزهور تحت أسماء الضحايا عند مدخل محطة سكة الحديد في المدينة.
«أبحث عن العدالة»
كان ابن ديانا هركا البالغ من العمر 27 عامًا من بين الضحايا. قالت هركا لقناة الجزيرة: «ما أريده أن أعرف من قتل طفلي كي أجد بعض الطمأنينة، كي أتوقف عن العيش في جحيم دائم». وأضافت: «أبحث عن العدالة، ولا أريد لأية أم أخرى أن تمر بما أمر به».
أدت الاحتجاجات على خلفية انهيار المحطة إلى استقالة رئيس الوزراء وسقوط حكومته وتشكيل حكومة جديدة، لكن الرئيس القومي ألكسندر فوتشيتش ظل مصرًّا على البقاء في منصبه. وصف فوتشيتش المتظاهرين بانتظام بأنهم مخططون لانقلاب ممول من الخارج، بينما روّج أعضاء حزبه SNS لنظريات مؤامرة تزعم أن انهيار سقف المحطة ربما كان هجومًا مدبّرًا. وفي خطاب تلفزيوني نادر يوم الجمعة اعتذر فوتشيتش عن أقوال قال انه نادم عليها ودعا إلى الحوار.
سينطلق التجمع التأبيني يوم السبت عند الساعة 11:52 صباحًا (10:52 بتوقيت غرينيتش)، وهو وقت وقوع المأساة، وستُؤدى بعدها ستة عشر دقيقة من الصمت حدادًا على الضحايا.
وجّهت تهم جنائية إلى ثلاثة عشر شخصًا، بينهم وزير الأشغال العامة السابق غوران فيسيتش، فيما يواصل تحقيق مستقل لمكافحة الفساد عمله جنبًا إلى جنب مع تحقيق تدعمه الاتحاد الأوروبي يقرأ في إمكانية إساءة استخدام أموال الاتحاد خلال تنفيذ المشروع.
«فساد فلكي»
أعلنت الحكومة يوم السبت يوم حداد وطلب رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الصربية البطريرك بورفيري إقامة جنازة لضحايا الحادث في كنيسة القديس سافا ببلغراد. ودعت بعثة الاتحاد الأوروبي في صربيا في بيانها الجميع إلى التحلي بضبط النفس وتهدئة التوترات وتجنب العنف.
قال المحلل السياسي الصربي ألكسندر بوبوف لقناة الجزيرة إن «الفساد الفلكي» يمثل مشكلة مركزية في البلاد وتحتاج إلى معالجة حاسمة. وأضاف: «لسنا بصدد عشرات الملايين من اليوروهات، بل مئات الملايين تدور في مشاريع بنية تحتية ضخمة، وربما مليارات». وبيّن أن هذه الحكومة والرئيس استحوذا على المؤسسات الأساسية للدولة، بما في ذلك السلطة القضائية.
ظلت الاحتجاجات في مجملها سلمية إلى حد بعيد، لكن في منتصف أغسطس تحولت في بعض الليالي إلى اشتباكات ألقت المعارضة باللوم فيها على أساليب قمعية من جانب الموالين للحكومة والشرطة.