أقرّ البرلمان الاسراعائيلي، في قراءة أولى مثيرة للجدل، مشروع قانون يقضي بعقوبة الإعدام بحق من تُعتبرهم الدولة «إرهابيين» — نصٌّ يُرجّح كثيرون أنه سيُطبّق بصورة أساسية على فلسطينيين مدانين بارتكاب هجمات قاتلة ضد إسرائيليين.
قائد الموجة السياسية اليمينية، وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير، احتفل في نهاية الجلسة بتوزيع الحلوى بعد أن حاز الاقتراح موافقة أعضاء الكنيست: 39 صوتاً مؤيداً مقابل 16 معارضاً من أصل 120 مقعداً. وقال بن غفير كلمات مقتضبة مفادها أن المجرمين «لن يخرجوا إلا إلى النار» إذا أقرّ القانون نهائياً.
مشروع القانون لا يزال بحاجة إلى قراءتين إضافيتين قبل أن يتحوّل إلى تشريع ساري المفعول. في ذات الجلسة، أقرّ البرلمان أيضاً القراءة الأولى لمشروع آخر مثير للجدل يمنح الحكومة حق إغلاق وسيلة إعلامية أجنبية دون موافقة قضائية، بأغلبية 50 مقابل 41 صوتاً.
النص المقترح يسعى إلى تحويل أمر مؤقت صدر في مايو 2024 سمح بإغلاق مكتب قناة الجزيرة المملوكة قطرياً إلى قانون دائم، رغم معارضة المستشارين القانونيين في الحكومة. بينما توجد عقوبة الإعدام فعلياً لبعض الجرائم في اسرائيل، فقد نُفّذت مرتين فقط منذ 1948، وكان آخرها إعدام مجرم الحرب النازي أدولف أيخمان في 1962 عقب محاكمة علنية.
المقترح أتى بطلب من حزب «القوة اليهودية» وصدّقت عليه لجنة الأمن القومي في الكنيست التي برّرت ذلك بضرورة «قطع دابر الإرهاب وخلق رادع ثقيل». وصيغت المادة لتقضي بأن «الإرهابي المدان بجريمة قتل بدوافع عنصرية أو كراهية تجاه الجمهور، وتحت ظروف ارتكاب الهدف منها الإضرار بدولة إسرائيل وإحياء الأمة اليهودية في أرضها، يُحكم عليه بالإعدام — إلزامي». الإشارة إلى «إضرار إسرائيل» تجعل من المرجّح أن تطال الأحكام المحكومين الفلسطينيين وليس اليهود الإسرائيليين.
الخارجية الفلسطينية استنكرت المقترح ووصفتَه بأنه «شكل جديد من تصعيد التطرف والجرم الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني». وجاءت الخطوة أيضاً بعد صفقة تبادل جرت مؤخراً حيث أطلقت اسرائيل سراح نحو ألفي سجين فلسطيني من غزة مقابل عودة 20 رهينة إسرائيلياً أحياء محتجزين لدى حماس، وهو تطوّر خفف من الاعتراضات السابقة على طرح اقتراح الإعدام من قبل قادة سياسيين وأمنيين كان لهم مَخاوف من تعقيد إمكانية الإفراج عن رهائن أحياء.
بن غفير كان من بين الوزراء القلائل الذين صوتوا ضد وقف إطلاق النار مع غزة، الذي أسفر عن إعادة 20 رهينة مقابل حوالي 2,000 سجين فلسطيني من بينهم نحو 250 محكوماً بالسّجن المؤبد بتهم قتل إسرائيليين. وقالت ليمور سون هر-ميليش، عضوة حزب «القوة اليهودية» وراعية المشروع، إن «الإرهابي الميت لا يعود حياً»، معبِّرة عن موقف انتقامي واسترجاعي.
قصة شخصية لراعية المشروع تبيّن خلفية الدوافع: خلال الانتفاضة الثانية عام 2003 تعرّضت هي وزوجها المقيمان في مستوطنة بالضفة لهجوم مسلح؛ قتل زوجها وأصيبت هي واضطُرّت للولادة بعملية قيصرية طارئة. وقالت إن أحد قتلة زوجها أُفرج عنه في صفقة تبادل سابقة ثم شارك لاحقاً في هجمات أدت إلى سقوط مزيد من الضحايا قبل أن يُقتل في الحرب على غزة.
من جانبها حذّرت منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية من أهم ما في المشروع: إمكانية تطبيقه بأثر رجعي، ما يعني «تنفيذ أحكام جماعية بالموت» تستهدف المئات من المعتقلين الفلسطينيين، خصوصاً من كتائب القسام. وفي السياق نفسه، أعلن وزير العدل الإسرائيلي أنه يسعى إلى سن تشريع لإنشاء محكمة جنائية خاصة لمحاكمة مواطنين من غزة متهمين بالتورّط في هجمات 7 أكتوبر 2023، وهو مسار قد يؤدي إلى أحكام إعدام بحق مدانين.
تأتي هذه التحركات على خلفية هجوم عابر للحدود شنه آلاف المقاتلين من حماس قبل عامين، أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص في جنوب البلاد، وما أعقب ذلك من حرب أودت، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس، بحياة أكثر من 69,000 شخص في غزة.
وفيما يتعلق بملف الإعلام، فقد فرضت وزارة الاتصالات إغلاق مكتب الجزيرة في فندق بالقدس الشرقية أثناء الحرب، وأمرت القوات الإسرائيلية بإغلاق مكتبها في رام الله بحجة أنه «تهديد للأمن القومي». اتهمت الحكومة القناة بالتحيّز المعادي لإسرائيل ودعمها لحماس في تغطياتها، بينما تنفي القناة تلك الاتهامات وتستنكر الإجراءات.
النص المقترح لوسائل الإعلام الأجنبية يمنح الحكومة سلطات دائمة لوقف بثّ محطات أجنبية داخل اسرائيل حتى خارج أوقات الحرب أو الطوارئ، ويزيل الحاجة إلى الإشراف القضائيه. وقد طعنت جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل أمام المحكمة العليا على الأمر المؤقت، معتبرة أنه «ينتهك حرية التعبير وحق المعرفة وحرية الصحافة ويمنع المواطنين والمقيمين من الوصول إلى معلومات متنوعة لا تتوافق والسرد الإسرائيلي الرسمي».
من المتوقع أن تُحال المشروعات المثيرة للجدل الآن إلى القراءتين الثانية والثالثة قبل أن تُقرّ نهائياً أو تُعدّل.