بدأ نواب جزائريون مناقشة مشروع قانون يقضي بتجريم استعمار فرنسا للبلاد، في خطوة تأتي وسط توتر ملحوظ في العلاقات بين الجزائر وباريس، حسبما أفاد مجلس الأمة.
ماذا يتضمن المشروع؟
– يقضي المشروع، الذي عُرض على مجلس الأمة (الغرفة السفلى للبرلمان) يوم السبت، بتجريم فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر الممتدة بين 1830 و1962.
– يتألف المسودّة من خمسة فصول و27 مادة، وتستند بحسب بيان القناة العمومية إلى مبادئ القانون الدولي التي تؤكد حق الشعوب في الانصاف القانوني وتحقيق العدالة التاريخية.
– يهدف النص إلى إرساء المساءلة، والحصول على اعتراف واعتذار عن جرائم الاستعمار، بوصف ذلك خطوة نحو المصالحة مع التاريخ وحماية الذاكرة الوطنية.
ماذا قال رئيس المجلس؟
قدم رئيس المجلس إبراهيم بوغالي المشروع واعتبره «معلمة فاصلة في مسيرة الجزائر الحديثة»، مشدداً على أنه ليس مجرد نص قانوني بل فعل سيادة وموقف أخلاقي وسياسي يعبر عن التزام الجزائر بحقوقها الثابتة ووفائها لتضحيات شعبها. وأضاف أن استعمار فرنسا لم يقتصر على نهب الثروات بل شمل سياسات فتكٍ ممنهج للفكر والهوية بهدف كسر إرادة الشعب الجزائري وطمس جذوره.
كيف ردّت فرنسا؟
الحكومة الفرنسية لم تُصدر رداً رسميّاً فوراً على النقاش البرلماني. أما الرئيس إيمانويل ماكرون فقد صرّح سابقاً بأنه لن يطلب الصفح باسم فرنسا عن حقبة الاستعمار، وأشار في مقابلة إلى نيته مواصلة العمل على مسار للمصالحة مع الجزائر بدل إعلان اعتذار رسميّ يعزل كل طرف في مساره.
لمحة عن تاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر
حكمت فرنسا الجزائر من 1830 حتى اندلاع حرب التحرير الدمويّة (1954–1962)، التي أدت إلى طرد الاستعمار. يُقدَّر عدد القتلى خلال تلك المرحلة بعشرات الآلاف إلى ما يقرب من مليون ونصف المليون حسب بعض التقديرات؛ كما تُتهم القوات الاستعمارية بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من تعذيب واختفاء قسري وإعدام دون محاكمة، إضافة إلى تدمير قرى وتهجير جماعي لنحو مليونين من السكان.
العلاقات الجزائرية–الفرنسية ظلّت محطّ توتر
العلاقات بين البلدين مرتبطة تاريخياً وروابطهما مستمرة عبر الهجرة وشبكات اقتصادية واجتماعية، لكن الخلافات في الآونة الأخيرة تصاعدت بعد اعتراف باريس في 2024 بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، وهو موقف تختلف بشأنه الجزائر التي تؤيد حق شعب الصحراء في تقرير المصير وتدعم جبهة البوليساريو. وفي أبريل تصاعد التوتر إلى أزمة دبلوماسية بعد توقيف دبلوماسي جزائري في باريس رفقة مواطنين جزائريين، رغم تصريحات متبادلة بين القادة حول الرغبة في استئناف الحوار.
خلاصة
المشروع يعبّر عن سعيٍ جزائري رسمي لاستعادة الحق التاريخي والذاكرة الوطنية عبر الاطار القانوني والسعي للاعتراف والاعتذار الرسميّ عن آثار الاستعمار. وقد يزداد تأثيره في الساحة الدبلوماسية بين البلدين إذا ما أقرّ نهائياً، بينما تظلّ مسارات المصالحة معقدة ومتداخلة مع قضايا إقليمية وسياسية أوسع.