مطابخ مجتمعية منقذة للحياة على شفير الانهيار مطابخ مجتمعية تُنقِذ الأرواح وتواجه خطر الانهيار

شبكة من المطابخ المجتمعية في السودان — شريان حياة حاسم لملايين الأشخاص المحاصرين في الحرب الأهلية — على وشك الانهيار، وفق تقرير حديث.

التحذير جاء من منظمة الإغاثة الإسلامية بعد أن أكد مرصد الجوع العالمي المدعوم من الأمم المتحدة امتداد حالات المجاعة في مناطق النزاع.

تُدار هذه المطابخ محليًا في مناطق يصعب على فرق الإغاثة الدولية الوصول إليها، لكنها تواجه خطر الإغلاق نتيجة الإهمال ونقص الموارد وإرهاق المتطوعين.

سوىً من القنابل والاشتباكات، أُنهكت الأوضاع بعد أكثر من عامين من القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع (RSF)، ما أنتج ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم، مع تقديرات تفيد بأن أكثر من 24 مليون شخص يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء.

يقول أحد المتطوعين، نقلاً عن تقرير الإغاثة الإسلامية: «معظم المطابخ ستغلق إن لم يتغير الوضع خلال ستة أشهر، وقد يبقى واحد أو اثنان فقط في كل منطقة».

تعمل هذه المبادرات المحلية جنبًا إلى جنب مع شبكات اجتماعية تُعرف بغرف الاستجابة الطارئة التي ملأت فراغ الخدمات الحكومية المنهارة وحدود المساعدات الدولية. يشارك في العمل الجميع: من المعلمين إلى المهندسين والشباب.

الهشاشة المالية هي التحدي الأكثر إلحاحًا. تعتمد المطابخ الآن في تمويلها بشكل رئيسي على الجاليات السودانية في الخارج، بعد إجراءات تقليص التمويل من الوكالات مثل USAID في وقت سابق من هذا العام. «كان الأمر كما لو أن أحدهم قطع الحبل الذي كنا متمسكين به»، يقول متطوع. «قبل شهر مارس كان لدينا تدفق بسيط ومنتظم يسمح لنا بالتخطيط: كنا نضمن تقديم وجبة واحدة يوميًا على الأقل. الآن؟ في الشهر الماضي كانت هناك عشرة أيام نذهب فيها للنوم ونحن لا نعرف إن كنا سنستطيع الطهي في اليوم التالي. حالة عدم اليقين أسوأ من أن لا شيء يكون متاحًا».

يقرأ  ممداني يشرع في مرحلة انتقالية بمدينة نيويورك بعد انتصار تاريخي — أخبار دونالد ترامب

تواجه العمليات تحديات شديدة مثل افتقار المياه الآمنة والحطب، وتقول وكالات الإغاثة إن كلا طرفي الصراع يعيقان عمليات التسليم عبر تأخيرات بيروقراطية ورفضات. وتتفاقم الأمور بفعل تعطلات الأسواق الناجمة عن الحصار وانعدام الأمن والنهب.

الواقع الأسوأ في المدن المحاصرة: الفاشر بغرب دارفور وكادوقلي في جنوب كردفان، إذ تُقطعان إلى حد كبير عن الإمدادات التجارية والمساعدات الإنسانية. أكد أحدث تقرير لمرصد الأمن الغذائي المتكامل (IPC) وجود ظروف مجاعة في تلك المدن، وتوقّع خطر المجاعة في 20 منطقة إضافية عبر دارفور الكبرى وكردفان الكبرى.

في الفاشر، اضطرّت المطابخ قبل سقوط المدينة بيد قوات الدعم السريع في الأسبوع الماضي إلى تقديم علف حيواني بدلًا من طعام للناس. ويبرز تقرير الـIPC التباينات الواضحة في الأمن الغذائي على طول خطوط القتال: «النزاع لا يزال يقرر من يأكل ومن لا يأكل».

في المناطق التي انحسر فيها العنف بدأ الوضع يتحسّن إلى حد ما، وبعض الوكالات الدولية تساهم الآن في دعم غرف الاستجابة الطارئة، رغم أنها لم تستطع تعويض فقدان التمويل الأمريكي.

حتى في أمدرمان، المقابلة للخرطم عبر النيل وتحت سيطرة الجيش إلى حد كبير مع توفر الإمدادات التجارية، يفوق حجم الاحتياج الموارد المتاحة، مما يدفع المطابخ إلى تقنين الطعام. أصبحت المدينة محورًا للنازحين بسبب الحرب وارتفعت الأسعار.

يقول متطوع من أمدرمان: «هذا الجزء هو الأصعب في يومي». «لا نملك نظامًا رسميًا. نطعم الجميع، لكن ذات مرة اضطررنا في نهاية اليوم إلى إخبار أم بأنه لم يبقَ لدينا شيء لطفليها وأن تعود في الصباح الباكر. لم تبكِ حتى، فقط بدت محطمة. عدت إلى منزلي ولم أستطع حتى التحدث مع أسرتي تلك الليلة. عار أن أتناول طعامًا في حين لم يأكل ذلك الطفل — شعور ثقيل جدًا علي».

يقرأ  اعتُقل خمسة أشخاص خلال احتجاج مؤيّد للفلسطينيين قرب قاعدة ماكديل الجوية

حازت غرف الاستجابة الطارئة على إشادات كنموذج للإصلاحات التي تقودها الأمم المتحدة والتي تؤكد على نقل السلطة والموارد أقرب إلى المتضررين من الأزمات، وتم ترشيحها هذا العام لجائزة نوبل.

لكن بعد ما يقرب من ثلاث سنوات، يجد المتطوعون أنفسهم وحيدين أكثر فأكثر، يواجهون الإرهاق والمخاطر. يضطرون للعمل مع من يسيطر على منطقتهم، ويصبحون أهدافًا عندما تتغير السيطرة على الأراضي، إذ يُنظَر إليهم أحيانًا كمتعاونين مع الطرف الآخر.

تمثل محدودية الاتصالات مشكلة حقيقية؛ فالانقطاعات الطويلة للإنترنت تصعّب تحويل الأموال عبر أنظمة الهاتف المحمول، والهواتف المحمولة هدف رئيس لصوص النهب. يقول شهاب محمد علي من الإغاثة الإسلامية في بورتسودان لبرنامج «نيوزداي» على الـBBC: «يعتمدون على هذه الأموال المحمولة. يأخذون المال داخل هواتفهم ويذهبون لشراء السلع من مناطق بعيدة. كانوا يعبرون عبر نقاط تفتيش مختلفة، وأحيانًا يتعرّضون للنهب وأخذ هواتفهم. وإذا أُخذت الهاتف، فذلك يعني أن المال ذهب مع الهاتف».

وما يزيد الطين بلة أن هناك تقارير تفيد بمقتل بعض أعضاء مطابخ المجتمع. «أكبر مخاوفي أنه خلال ستة أشهر ستكون المجتمعات منهكة تمامًا»، يقول متطوع من الخرطوم. «نحن جميعًا نصبح أفقر وأكثر غضبًا.»

أضف تعليق