تُنفِق 32 دولة أفريقية الآن مبالغ أكبر على خدمة الدين الخارجي مما تُخصّصه للرعاية الصحية
أكثر من ثلاثين من أبرز الاقتصاديين وكبار مسؤولي المالية ومحافظي البنوك المركزية السابقين طالبوا بإعفاء فوري من الديون للدول منخفضة ومتوسطة الدخل، محذرين من أن سداد القروض يحول دون تمويل الحكومات للخدمات الأساسية.
في رسالة نُشرت يوم الأحد، قبيل اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي السنوية المرتقبة الشهر المقبل، رصدت المجموعة أن دولاً كثيرة «تفشل في الاستثمار في التنمية» حتى عندما تلتزم بمواعيد سداد ديونها.
وقال الموقعون، بينهم الحائز على نوبل في الاقتصاد جوزيف ستيغليتز، ومحافظ بنك كولومبيا المركزي السابق خوسيه أنطونيو أوكامبو، ووزير المالية الجنوب أفريقي السابق تريفور مانويل، إن «الدول حول العالم تدفع تكاليف باهظة لخدمة الديون بدلاً من تمويل المدارس والمستشفيات والعمل المناخي وغيرها من الخدمات الحيوية».
تشير الأرقام إلى أن الحكومات الأفريقية تنفق في المتوسط 17% من إيرادات الدولة على خدمة الدين. ثَلاثٌ وثلاثون (32) دولة أفريقية تُنفق أكثر على خدمة الدين الخارجي مما تُنفق على الرعاية الصحية، بينما تُخصص 25 دولة مبالغ أكبر لخدمة الدين مقارنة بالتعليم.
تؤكد الرسالة أن وضع سقف متوسط لنسبة إيرادات الدولة المخصصة لخدمة الدين عند 10% قد يسمح بتوفير مياه شرب نظيفة لحوالي 10 ملايين شخص في 21 دولة، ومن شأن ذلك أن يجنّب وفاة نحو 23 ألف طفل دون الخامسة سنوياً.
تأتي هذه المطالب في وقت تظهر فيه أنظمة الرعاية الصحية في القارة بوادر إجهاد خطير. وفق تقرير لمنظمة أكشن إيد صدر في وقت سابق من هذا العام، أكد 97% من العاملين في القطاع الصحي في ست دول أفريقية أن أجورهم لا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية، وأفاد نحو تسعة من كل عشرة بوجود نقص في الأدوية والمعدات نتيجة تقليص الميزانيات.
تفاقمت أزمة تمويل القطاع العام مع تقلّص موازنات المعونة الخارجية. فقد خفضت الولايات المتحدة التمويل هذا العام إذ حولت إدارة الرئيس دونالد ترامب أولوياتها بعيداً عن المساعدات، وقالت اللجنة الدولية للإنقاذ إن 10 من أصل 13 دولة تضررت بشدّة من خفض المعونة الأميركية تقع في إفريقيا.
وحذّر الاقتصاديون من أن جهود تخفيف الديون الحالية فشلت حتى الآن؛ إذ إن إطار عمل تحت مظلة مجموعة العشرين خفّض حتى الآن نحو 7% فقط من إجمالي الديون الخارجية للدول المعرضة للخطر.
ويطالب الموقعون القادة بتخفيض أحمال الديون على وجه السرعة، وإصلاح كيفية تقييم البنك الدولي وصندوق النقد لاستدامة الديون، ودعم فكرة «نادي المقترضين» حتى تتمكن الدول من التفاوض من موقف قوة.
«الإقدام على إجراء جريء بشأن الديون يعني أطفالاً أكثر في الفصول، ممرضات أكثر في المستشفات، ومزيداً من الإجراءات لمكافحة تغير المناخ.»