تقول الشرطة إن نحو مئتي شخص ألقى القبض عليهم، فيما تهتزّ هذه الأمة المغرية على وقع احتجاجات هي الأكبر منذ أعوام.
مئات من الشباب نزلوا إلى الشوارع في أنحاء المغرب في ما وصفه متابعون بأنه من أكبر التظاهرات المناهضة للحكومة خلال السنوات الأخيرة، مطالبين بتحسين الخدمات العمومية ووضع حدّ للفساد المستشري. وطالب المتظاهرون باستثمارات عاجلة في الصحة العامة والتعليم، كما أدانوا ما يعتبرونه اختلالاً في أولويات الإنفاق الوطني.
الحركة الشعبية التي تنشط تحت اسم GenZ 212 امتدّت إلى ما لا يقل عن 11 مدينة من بينها الدار البيضاء والرباط ومراكش وأكادير. وسرعان ما تحرّكت السلطات لاحتواء الاحتججات، إذ أعلنت الشرطة اعتقال نحو 200 شخص منذ يوم السبت.
مقاطع فيديو نُشرت على صفحة GenZ 212 على فيسبوك تُظهر عناصر أمن وهي تندفع نحو الحشود وتقبض على متظاهرين وتدخل امرأة شابة قسراً إلى مؤخرة شاحنة. وقال حكيم السكّوك، من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لوكالة فرانس برس: «العنف المنهجي استُخدم ضد مجموعة من الشباب الذين كانوا يتظاهرون سلمياً. قوات الأمن ردّت بعنف؛ ندين هذه الاعتقالات ونعتبر من غير المقبول التعامل الأمني مع المطالب الاجتماعية لمجموعة من الشباب».
وطالبت أحزاب المعارضة الحكومة بالدخول في حوار مع المحتجين الذين يطالبون بفرص عمل وخدمات صحية أفضل ومدارس تضاهي الحدّ الأدنى من المعايير.
الغضب بسبب الخدمات العامة
يرى محلّلون أن موجة الاحتجاجات تأتي ردّاً على سنوات من الإهمال في الخدمات العامة والحاجة المُلحّة إلى إصلاحات في قطاعات التعليم والصحة. وفي وقت سابق من هذا الشهر أثارت وفاة ثماني نساء حوامل في مستشفى عمومي غضباً واسعاً.
في مقطع مصوّر انتشر على مواقع التواصل، سمع أحد المحتجين يقول: «اليوم خرجنا للدفاع وللمطالبة بحق ابنتي. زمننا مرّ دون أي تحسّن. كما ترون، الشرطة القمعية هنا اليوم تضرب وتعتقل المتظاهرين».
وانتقد كثيرون استثمار الحكومة لمليارات الدراهم في بنية تحتية كروية استعداداً لاستضافة كأس الأمم الإفريقية العام المقبل والمشاركة في استضافة كأس العالم 2030، معتبرين ذلك تناقضاً صارخاً مع ما يصفونه بأزمة في الخدمات العمومية.
وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن المغرب يضم أقل من ثمانية أطباء لكل عشرة آلاف نسمة، في حين التوصية الدولية تقارب 25 طبيباً لنفس عدد السكان.
من دون قيادة وتتحرّك عبر الإنترنت
ظهرت حركة GenZ 212 قبل نحو أسبوعين فقط لكنها نالت زخماً سريعاً. الحركة تعمل دون قيادة مركزية أو ارتباطات رسمية بأحزاب أو نقابات، معتمدة على منصات مثل تيك توك وإنستغرام وفيسبوك وديسكورد في تعبئة المؤيدين.
قال محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات: «هي شبكة لامركزية، بلا قيادة وثمة سيولة في تكوينها. لا يوجد زعيم أو انتماء حزبي أو نقابي واضح، وهذا يصعّب على السلطات التفاوض أو احتواؤهم لأنّها لا تعرف من يتحدث باسمهم».
على صفحتها في فيسبوك دعت المجموعة إلى «مظاهرات سلمية… للتعبير عن المطالب الشعبية المرتبطة بالصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية». وقد تواصلت الجزيرة مع الحكومة المغربية للحصول على تعليق.