اندلعت موجة احتجاجات جديدة في مدغشقر، مع تزايد الغضب الشعبي حيال الفساد والانقطاعات اليومية في التيار الكهربائي ونقص مياه الشرب، وتصاعد التوترات مع السلطات.
أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع في شوارع العاصمة يوم الاثنين، في بداية أسبوع احتجاج ثالث على التوالي. بدأت الاحتجاجات احتجاجاً على انقطاعات المياه والكهرباء، لكنها سرعان ما تحولت إلى غضب أوسع ضد سياسات رئاسة أندري رارجولينـا وإدارته.
تجمّع المحتجون في مدن متفرقة، وبثت محطات تلفزيونية محلية لقطات تُظهر مواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن في توليارا وأنتسيرانانا (المعروفة أيضاً باسم دييغو سواريز). في العاصمة، أفاد مراسل رويترز أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، الذين كان معظمهم من طلاب الجامعات، في مشهد اتسم بالتوتر والاشتباك.
أعلنت الأمم المتحدة يوم الاثنين مقتل 22 شخصاً وإصابة أكثر من مئة منذ اندلاع الاحتجاجات، أرقام رفضتها الحكومة رسمياً. بدأت الاحتجاجات في 25 سبتمبر في العاصمة، حيث نزل آلاف إلى الشوارع وأقاموا حواجز من الحجارة والإطارات.
نظَّم التحركات شباب عبر مجموعة تُعرف باسم Gen Z Madagascar، وهي تجمع شبابي ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي يصف نفسه بأنه “حركة مدنية سلمية”. يقول المنظمون إنهم استلهموا أساليبهم من حركات شبابية في نيبال والمغرب.
وفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن نحو ثلث سكان مدغشقر البالغ عددهم 30 مليون نسمة فقط هم من يصلهم التيار الكهربائي. تتعدى فترات انقطاع التيار في كثير من الأحيان ثماني ساعات يومياً، وقد وُجّهت اتهامات بالفساد وسوء الادارة لشركة جيراما الوطنية للطاقة، ما زاد من حدة السخط الشعبي.
وقالت كيتاكاندريانا رافيتوسون، نائبة رئيس منظمة الشفافية الدولية: «الناس بلا ثلاجات لحفظ الأدوية، وبلا مياه للحد الأدنى من النظافة، وهناك فساد منظّم وكبير». وأضافت أن الاحتجاجات نابعة من مظالم عميقة تمس حياة الناس اليومية بشكل مباشر.
تحوّلت المظاهرات إلى أعمال فوضوية في بعض المناطق مع استخدام قوات الأمن للغاز المسيل للدموع والذخيرة المطاطية؛ انخرط البعض في نهب محلات تجارية وتعرضت منازل بعض النواب لأضرار.
ردّت السلطات بفرض حظر تجوّل ليلي بعد أول ليلة من الاحتجاجات لمنع التجمعات المسائية، لكن ذلك لم يوقف استمرار التظاهرات التي اتسعت لتصبح حركة تعبّر عن استياء عام أوسع من أداء الحكومة.
أندري رارجولينا، البالغ من العمر 51 عاماً، وصل إلى السلطة إثر انقلاب عسكري في 2009 بعد أن كان نفسه ناشطاً مطالباً بالإصلاح؛ تنحّى مؤقتاً في 2014 ثم انتُخب رئيساً في 2018. الرجل، الذي كان دي جي وامتلك إمبراطورية إعلامية، يواجه اليوم أكبر تحدٍ لحكمه منذ سنوات. الأسبوع الماضي أقال حكومته في محاولة لتهدئة الشارع.
قال متحدث باسم الحكومة لرويترز إن محاولات الحوار مع المحتجين قوبلت مرات عدة بالرفض. «للأسف، رغم جهودنا، لم يظهر قيادة واضحة ومنظمة للدخول في حوار بناء»، قال المتحدث.
رفض رارجولينا سابقاً دعوات الاستقالة واتهم من يطالبونه بذلك برغبة في «تدمير بلادنا».