فريق تحرير TeachThought
كتبْتُ مرّات عديدة عن ويندل بيري، وتأثيره عليَّ مهنيًا وشخصيًا. لديّ مقالات عديدة تتناول أفكاره وتجربتي معه، من بينها مقالات عن إعداد التلاميذ للعمل الجيد، وخسارة الجامعة، وبعض قصائده مثل «سلام الأشياء البرّية» و»شهوة السلام»، فضلاً عن مقالة عن لقائي به.
فيما يلي مقتطف من مقاله «عقليتان» الذي نُشر عام 2003 رداً على هجمات مركز التجارة العالمي. هي مقالة تتأمّل في نوعين مختلفين من الذهن البشري وتأثير استعمال كلٍّ منهما أو الإخلال به.
مقتطف من «عقليتان» — ترجمة وتلخيص
غالبًا ما يُطرح اليوم أن حلّ مشكلاتنا البيئية يكمن في تخلّينا عن الدين وبقايا الماضي البدائي، وأن نعتمد على العقلانية العلمية المستنيرة لصياغة قيم وأخلاق جديدة تحمي العالم الطبيعي. هذا الاقتراح يبدو معقولًا من جهة ومثيرًا للشكّ من جهة أخرى. فهو يفترض أننا نستطيع أن نعلم تجريبيًا ونفهم عقلانيًا كلّ ما في المسألة، وهو الافتراض نفسه الذي سهّل تعدّياتنا على الطبيعة في المقام الأول.
لا بدّ بالطبع من استعمال ذكائنا. لكن ما مقدار الذكاء الذي نملكه؟ وما نوعُه؟ وكيف يعمل الذكاء البشري في أحسن حالاته؟
لأحاول الإجابة، سأفترض مؤقّتًا وجود نوعين من الذهن: «الذهن العقلاني» و«الذهن المتعاطف» — مصطلح أستعمله لعدم وجود تسمية أفضل. قد تبدو هذه المصطلحات تمثيلية ومبسطة، وربما متناقضة؛ ومع ذلك فالفصل بينهما لم أبتكره أنا وحدي.
الذهن العقلاني، وإن لم يتجسّد بالكامل في أحد، هو ما يُفترض أننا نسعى إليه جميعًا؛ هو الذهن الذي يظنّ فيه الأقوى والأكثر نفوذًا أنهم يمتلكونه. مدارسنا موجودة أساسًا لتنشئة ونشر ومنح الشرعية لهذا الذهن.
الذهن العقلاني موضوعي، تحليلي وتجريبي؛ يبني نفسه عبر الاعتبار الحصري للوقائع، ويسعى إلى الحقيقة بواسطة التجريب والقياس. يرفض التلوّث بالتصورات المسبقة أو السلطة الموروثة أو الاعتقاد الديني أو الانفعالات. نتاجه المثالي هو الحقيقة المثبتة، التنبؤ الدقيق، و«القرار المستنير». يمكن القول إنه الذهن الرسمي للعلم والصناعة والحكم.
الذهن المتعاطف يختلف عنه ليس لكونه غير معقول، بل لأنه يرفض حصر المعرفة أو الواقع ضمن نطاق العقل أو التجربة وحدها؛ يجعل العقل خادماً للأمور التي يعتبرها أسبقيةً وأعلى منزلة — العلاقات، الانتماء، التاريخ، والاهتمام بمَن وماذا قد يتأثّر بقراراتنا. بعبارة أخرى، الذهن المتعاطف يدمج المعرفة العملية مع حسّ المسؤولية الأخلاقية تجاه العالم الحيّ.
مركز بيري
يمكن الاستفادة من مزيد من المواد وشراء كتب ويندل بيري من متجر مركز بيري. وفقًا لموقعهم، أُنشئ مركز بيري عام 2011 كمؤسسه غير ربحية مكرّسة لتركيز المعرفة وتوحيد الجهود من أجل تحويل نظامنا الزراعي الصنايعي المدمر إلى نظام وثقافة تعتمد الطبيعة معياراً، ولا تقبل الضرر الدائم للبيوسفير، وتضع صحة المجتمعات المحلية نصب العين.