سكان يتّهمون المسؤولين بعدم تحذيرهم لإخلاء منازلهم مع هطول أمطار غزيرة وانهيارات سحابية أدّت إلى فيضانات قاتلة
أودت فيضانات مفاجِئة ناجمة عن تغيّر المناخ بحياة ما لا يقل عن 337 شخصاً في شمال غرب باكستان، وفقاً لهيئة الادارة الوطنية لإدارة الكوارث، فيما لا يزال العشرات مفقودين بعد أن ضربت المنطقة سيول مفاجِئة في الأيام الأخيرة.
في قضاء كيشتوار واصلت فرق الطوارئ جهود الإنقاذ يوم الأحد في القرية النائية تشوسيتي. قُتل نحو 60 شخصاً وأُصيب حوالي 150 آخرين، من بينهم نحو 50 في حالات حرجة.
قال محمد سهيل، المتحدث باسم خدمات الطوارئ، إن 54 جثة عُثر عليها بعد ساعات من البحث في بنير، وهي منطقة جبلية في إقليم خيبر باختونخوا، حيث تسببت أمطار غزيرة وانهيارات سحابية بفيضانات هائلة يوم الجمعة. وأضاف أن عدداً من القرويين لا يزالون مفقودين، وتركزت جهود البحث في المناطق التي دُمرت فيها المنازل إثر سيول جرفت المياه من الجبال حاملة صخوراً ضخمة اصطدمت بالمنازل كأنها انفجارات.
تسببت الانهيارات السحابية أيضاً في دمار بقطاع كشمير الخاضع لإدارة الهند. وأُبلغ عن فيضانات مفاجِئة في قريتين بمقاطعة كاثوا، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص وإصابة خمسة آخرين خلال الليل، بحسب مسؤولين محليين.
حذّرت السلطات من مزيد من السيول واحتمال وقوع انزلاقات أرضية بين الآن والثلاثاء، داعية الإدارات المحلية إلى البقاء في حالة تأهّب. وقد هطلت أمطار مونسون أعلى من المعتاد منذ 26 يونيو وأسفرت عن مقتل أكثر من 600 شخص على مستوى البلاد.
انتقادات للحكومة
اتهم السكان الغاضبون في بنير المسؤولين بالفشل في تحذيرهم لإخلاء منازلهم بعد أن أدت الأمطار الغزيرة والانهيارات السحابية إلى فيضانات وانزلاقات أرضية مميتة. ولم يُبث أي إنذار عبر مكبرات صوت المساجد، وهو الأسلوب التقليدي في المناطق النائية.
أخبر محمد إقبال، معلم في قرية بير بابا، وكالة الأنباء أنه لولا غياب نظام إنذار فعال في الوقت المناسب لكان الكثيرون أنقذوا حياتهم ولم يضطروا للفرار من منازلهم في اللحظة الأخيرة. وقال: «هرب الناجون بلا شيء. لو أُبلغ الناس مبكراً لكان بالإمكان إنقاذ أرواح ونقل السكان إلى أماكن أكثر أمناً».
قالت الحكومة إنه بالرغم من وجود نظام إنذار مبكّر، كان هطول الأمطار المفاجئ في بنير شديداً إلى درجة أن السيول ضربت قبل أن يتسنى تحذير السكان.
قال اللواء الركن إنعام حيدر مالك، رئيس هيئة إدارة الكوارث الوطنية، في مؤتمر صحفي في اسلام آباد إن باكستان تشهد تغيّرات في أنماط الطقس نتيجة لتغير المناخ. وذكر أنه منذ بدء موسم المونسون في يونيو تلقت باكستان كميات أمطار تزيد بنسبة 50% عن نفس الفترة من العام الماضي، محذراً من احتمال تزايد حدة الظواهر الجوية مع توقع استمرار هطول أمطار غزيرة خلال هذا الشهر.
أشار أسفنديار خان ختّاك، المدير العام لهيئة إدارة الكوارث الإقليمية، إلى أنه «لا يوجد نظام توقع في أي مكان بالعالم» قادر على تحديد الوقت والمكان الدقيقين لانهيار سحابي.
قال إدريس محسود، مسؤول في إدارة الكوارث، إن نظام الإنذار المبكر في باكستان يعتمد على صور الأقمار الصناعية وبيانات الأرصاد لإرسال تنبيهات إلى السلطات المحلية، التي تُشاركها عبر وسائل الإعلام وزعماء المجتمع. وأضاف أن أمطار المونسون التي كانت في الماضي تُسهم فقط في ارتفاع منسوب الأنهار باتت الآن تتسبب أيضاً في فيضانات حضرية.
تعاني باكستان من فيضانات مفاجئة وانزلاقات أرضية متكررة خلال موسم المونسون، الممتد من يونيو حتى سبتمبر، ولا سيما في الشمال الغربي الوعر حيث تُبنى القرى غالباً على منحدرات شديدة وضفاف أنهار معرضة للانهيار.
يرى الخبراء أن تغير المناخ يزيد من تكرار وشدة مثل هذه الظواهر المتطرفة في جنوب آسيا. وعلى الرغم من أن باكستان تقدّر أنها تنتج أقل من واحد في المئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، فإنها تواجه موجات حرّ وأمطاراً غزيرة وفيضانات ناتجة عن انحلال الأنهار الجليدية وانهيارات سحابية تدمر مجتمعات بأكملها خلال ساعات.