نُشر في 2 سبتمبر 2025
تتواصل الحملة العسكرية الإسرائيلية على مدينة غزة بلا توقف، ما أسفر عن مقتل أكثر من خمسين فلسطينياً داخل المدينة، من بينهم كثيرون كانوا يتوجهون لطلب المساعدات، في مسعى للسيطرة على أكبر مركز حضري في القطاع الذي يقطنه نحو مليون نسمة.
قُتل ما لا يقل عن 105 فلسطينيين في أنحاء غزة يوم الثلاثاء، إثر ضربات إسرائيلية دمرت أحياء مكتظة بالسكان، لا سيما حيّ الصبرة الذي يتعرض لهجمات منذ أيام. ومن بين الضحايا، قُتل 32 شخصاً أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات إنسانية.
تصاعد الهجوم في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل دخلت “مرحلة حاسمة” من الحرب فيما تستعد للاستيلاء على مدينة غزة، على الرغم من الإدانة الدولية الواسعة.
“الفلسطينيون محاصرون في قفص داخل مدينة غزة الآن، يحاولون البقاء على قيد الحياة أمام قدرٍ هائل من الغارات الجوية. أينما يذهبون تتبعهم الغارات”، قالت هند خضاري مراسلة الجزيرة من دير البلح وسط القطاع. وأضافت: “يموتون أيضاً جراء حصار الغذاء والمساعدات وعدم قدرتهم على الحصول على الحدّ الأدنى من سبل الكفاف”.
يواجه الفلسطينيون تهديدين متوازيين: استهدافات مباشرة وتجويع ممنهج؛ فقد توفي ما لا يقل عن 13 شخصاً جوعاً في الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليرتفع إجمالي الوفيات المرتبطة بالجوع منذ اندلاع الحرب إلى 361 حالة. وسُجّلت 83 من هذه الوفايات منذ إعلان مؤشرات الجوع العالمية عن وجود ظروف مجاعة في غزة في 22 أغسطس.
من بين القتلى يوم الثلاثاء، سقط ما لا يقل عن 21 شخصاً، بينهم سبعة أطفال، إثر استهدافهم بطائرة مسيّرة أثناء انتظارهم للحصول على مياه في منطقة المهاوي قرب خان يونس جنوب القطاع.
وأظهرت صور نشرها المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني محمود بسال جثث أطفال وعبوات ماء ملطخة بالدماء في مكان الهجوم، وهو المكان الذي كانت إسرائيل قد أعلنت سابقاً أنه “منطقة آمنة”. وقال بسال: “كانوا واقفين في الصف لملء عبوات الماء… حين استهدفتهم قوات الحتلال مباشرة، فتحول بحثهم عن الحياة إلى مذبحة جديدة”.
في مدينة غزة، أدت غارة على منزل عائلة الآف إلى مقتل عشرة أشخاص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق مسؤولين في غزة. ووصفت صفحة الإعلام الحكومي في غزة هذه الجرائم بأنها تكشف “الطبيعة الفاشية الإجرامية للعدو”، واتهمت واشنطن بالتواطؤ، مؤكدة أن أفعال إسرائيل تشكل “جرائم حرب بموجب القانون الدولي” ومطالبة مجلس الأمن الدولي بوقف “الإبادة الوحشية”.
قُتل صحفيان آخران، رصمي سالم من المنارة وإيمان الزملي، في الهجمات الأخيرة، ليرتفع عدد الصحفيين القتلى منذ 7 أكتوبر 2023 إلى أكثر من 270 صحفياً، ما يجعل هذه الحرب الأعنف على الإطلاق للعاملين في وسائل الإعلام حسب منظمات رصد الصحافة.
إسرائيل تبدأ هجوماً برياً على مدينة غزة
توافد آلاف الجنود الاحتياط يوم الثلاثاء بعد أن بدت جهود إنهاء الحرب متعثرة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن حماس قبلت اقتراح تهدئة، لكن إسرائيل لم ترد بعد. “لم يرد الجانب الإسرائيلي حتى الآن”، قال الأنصاري، محذراً من أن خطة إسرائيل احتلال غزة “تمثل تهديداً للجميع” بما في ذلك الأسرى الإسرائيليين.
وفي الأيام الأخيرة شدّدت إسرائيل حصارها على مدينة غزة، مانعة حتى عمليات إغاثة محدودة من الوصول. وأكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أيال زامير أن العمليات البرية تتصاعد: “سنعمّق عمليتنا”، قال ذلك أثناء استدعاء عشرات الآلاف من القوات الاحتياطية، فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن 365 جندياً رفضوا الالتحاق بالواجب.
وقال نتنياهو، المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في بيان مصوَّر يوم الثلاثاء: “نعمل على هزيمة حماس”.
وقالت حركة الحوثي في اليمن إن قواتها أطلقت أربعة طائرات مسيّرة استهدفت مقر هيئة الأركان العامة الإسرائيلية قرب تل أبيب، ومطار بن غوريون، ومحطة توليد كهرباء، وميناء أشدود، بعد أيام من قتل إسرائيل لرئيس وزراء اليمن أحمد الرحاوي مع مسؤولين بارزين في صنعاء. وأكدت الحركة أن طائراتها أصابت أهدافها بنجاح، وأن هجوماً صاروخياً ومسيّراً استهدف سفينة شحن في البحر الأحمر لانتهاكها حظراً على دخول الموانئ الإسرائيلية.
نزح الفلسطينيون إثر الهجوم العسكري الإسرائيلي واتخذوا مخيمات الخيام ملاذاً، في ظل تصاعد العمليات حول مدينة غزة (تصوير دواود أبو القاسم/رويترز).
اللامبالاة الدولية تجاه فلسطين
من جهة أخرى، رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بقرار بلجيكا الاعتراف بدولة فلسطين يوم الثلاثاء، وحثت دولاً أخرى على السير على خطاها، معتبرة القرار “متوافقاً مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة” ووسيلة ضرورية لوقف “الإبادة والتهجير والتجويع والضم”.
وفي بيان منفصل اتهمت الوزارة المجتمع الدولي بـ”لامبالاة مقلقة” تجاه الانهيار الاقتصادي في غزة واحتجاز إسرائيل لعائدات الضرائب الفلسطينية، ودعت إلى دعم مالي عاجل لتعزيز صمود المواطنين وثباتهم على أرض وطنهم.
المشيعون يقفون بجوار جثث فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية ليل الثلاثاء خلال جنازة في مستشفى الشفاء في مدينة غزة (تصوير دواود أبو القاسم/رويترز).