حماس غير قادرة على الوفاء بوعودها، حتى تجاه أبسط المطالب.
حتى الطلب البسيط — عدم إقامة أي طقوس أو احتفالات — لم تستطع حماس الالتزام به. كان من الممكن أن يكون الحل بسيطاً: اطلاق سراح الرهائن بهدوء، وإعادتهم إلى بيوتهم من دون ضجيج أو بروتوكولات علنيّة.
لكن حتى هذا البديهي لم تستطع الجماعة تحقيقه. المسلّحون الملثمون، المرتدون بزِيٍّ عسكري، أجروا مكالمات هاتفية مع أفراد عائلات الرهائن وأمروهم بأن ينشروا هذه اللحظات، وأن يجعلوها معروفة للعامة.
بالطبع، حديث الأهالي مع أبنائهم بعد عامين من الألم يبعث على ارتياح لا يوصف، لكن رؤية مقاتل ملثّم إلى جانب الابن أو الابنة تضيف طبقة من الصدمة النفسية. وفقًا لتقرير N12، رفضت إحدى العائلات الاستجابة لتلك المكالمة.
قافلة تحمل رهائن أُفرج عنهم بعدما احتُجزوا في غزة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023 من قِبل حماس، كجزء من صفقة تبادل أسرى وهدنة بين إسرائيل وحماس، تصل إلى رعيم في جنوب إسرائيل، 13 أكتوبر 2025. (المصدر: REUTERS/AMIR COHEN)
أُخذ هؤلاء الأطفال من منازلهم أو من مهرجانات موسيقية على يد مسلّحين ملثّمين، والآن، عند اطلاق سراحهم، لا يتوانى الملثمون عن اقتناص اللحظات الأخيرة لإحداث ألم نفسي إضافي للرهائن ولذويهم.
في سياق الإفراج الشديد التوتر والعاطفة، تحوّل فعل الإفراج نفسه إلى عرض استعراضي مقزز. حماس نسّقت مكالمات هاتفية وفيديو بين المحتجزين وأهلهم؛ مشاهد تبدو إنسانية من ناحية، لكنها تخدم أهدافًا نفسية واستراتيجية تتجاوز البُعد الإنساني وحده.
من خلال هذه المشاهد المنسّقة، تفرض حماس نفسها بوصفها الحارس الأخير للاتصال حتى اللحظة النهائية. هذه اللقطات تسمح لها أيضاً بالتصدي للنقد والضغوط الدولية، إذ بإظهار رهائن أحياء ومبتسمين أثناء اتصالهم الأول مع عائلاتهم منذ عامين، تستطيع أن تدّعي أنها تعاملهم بإنسانية، رغم سجلّها المليء بالعنف.
وما كان خاصًا صار علنيّاً؛ تلك المكالمات تحولت إلى مسرح عام.
قد لا تكون هناك “مراسم” كما في السابق، لكن لا يمكن إنكار أن هذه الخطوات تكشف عن محاولة جماعة للقول بأنها تظل مسيطرة على مجريات الأمر حتى اللحظة الأخيرة — ليست اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي ستؤدي دور سائقي نقل مُمجدين، ولا جيش الدفاع الإسرائيلي الذي أوفى بتعهده وسحب قواته.
حماس هي التي لا تزال تملك زمام الأمر.
مع ذلك، الرهائن صاروا الآن سابقو احتجاز. هم الان أحرار ولن يضطروا قريبًا للقلق بشأن أولئك المقاتلين الملثّمين.