مكتب التحقيقات الفيدرالي طلب إجراء مقابلات مع ستة نواب ديموقراطيين ظهروا في فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يحثّون أعضاء القوات المسلحة الأمريكية على «معارضة أوامر غير قانونية»، بحسب ما أكده النواب.
وجاءت هذه التصريحات، يوم الثلاثاء، بعد يوم من إعلان البنتاغون أنه يراجع موقف السيناتور مارك كيلي، المحارب السابق في البحرية الأمريكية وأحد النواب الستة، بشأن احتمال ارتكابه مخالفات للقانون العسكري.
الرئيس دونالد ترامب سبق أن اتهم هؤلاء النواب بالتحريض على التمرد وكتب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أن هذه الجريمة «تُعاقَب بالإعدام».
جميع النواب الديموقراطيين الستة في الفيديو لديهم خدمة سابقة في القوات المسلحة أو في أجهزة الاستخبارات. وأكدت السيناتورة إيليسا سلوتكين من ولاية ميشيغان، إحدى المشاركات في الفيديو، للصحفيين أن «قسم مكافحة الإرهاب في الـإفبيآي أرسل إخطاراً إلى أعضاء الكونغرس مفاده أنهم يفتحون ما يبدو أنه تحقيق ضدنا نحن الستة».
وصفت سلوتكين ذلك بأنه «أسلوب تخويف» من قبل ترامب، وسألت: «سواء اتفقت مع محتوى الفيديو أم اختلفت معه، سؤالي هو: هل هذه الاستجابة مناسبة لرئيس الولايات المتحدة أن يهاجم ويحوّل أجهزة الحكومة الفدرالية إلى سلاح ضد من يختلف معهم؟»
«تخويف ومضايقة»
قال النواب إن تصريحاتهم في الفيديو تعكس القانون الأمريكي بدقة: فالقوات الأمريكية تؤدي اليمين الدستورية للدستور الأمريكي وليس للرئيس، وتخضع القوانين العسكرية لالتزام باتباع «أي أمر أو نظام عام قانوني».
من بين الديموقراطيين الآخرين الذين ظهروا في الفيديو الأسبوع الماضي، ممثلو النواب جيسون كراو، وماجي غودلاندر، وكريس ديلوزيو، وكريسي هوهالان، وجميعهم من قدامى المحاربين.
وقال أربعة نواب من مجلس النواب في بيان مشترك: «الرئيس ترامب يستخدم الـإفبيآي كأداة لتخويف واضطهاد أعضاء الكونغرس». وأضافوا أن «الإفبيآي تواصل أمس مع سكرتيري شؤون مجلس النواب ومجلس الشيوخ طالباً إجراء مقابلات». وختموا بالقول: «لا مقدار من التخويف أو المضايقة سيمنعنا أبداً من أداء مهامنا وحماية دستورنا».
لم يصدر تعليق فوري من السيناتور كيلي.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول في وزارة العدل أن المقابلات التي يطلبها الإفبيآي تهدف إلى تحديد «هل ثمة أي مخالفات، ومن ثمّ اتخاذ الخطوات المناسبة». ويقود الإفبيآي حالياً كاش باتيل الذي عينه ترامب.
في مذكرة نُشرت يوم الثلاثاء، أحال وزير الدفاع بيت هيغسيت إلى وزير البحرية مسائل تتعلق بتصريحات كيلي «التي قد تكون غير قانونية» في الفيديو، وطلب اطلاعاً موجزاً على نتائج المراجعة بحلول العاشر من ديسمبر.
تشكل التحقيقات المشتركة من قبل الإفبيآي والبنتاغون تصعيداً غير مسبوق بين أجهزة إنفاذ القانون الفدرالية والمؤسسات العسكرية التي عادة ما تتجنّب الاشتباكات الحزبية. كما تبرز استعداد الادارة لدفع الحدود القانونية ضد منتقديها، حتى لو كانوا أعضاء نشطين في الكونغرس.
«تحقيق تافه»
وأثار فتح التحقيقات انتقادات من الجمهوريين أيضاً. فالنائبة ليزا موركوفسكي من ألاسكا نددت بالتحقيقين على وسائل التواصل، ووصفت اتهام النواب «الخيانة والتحريض» لمجرد الإشارة إلى حق الأفراد في رفض أوامر غير قانونية بأنه اتهام متهور وخاطئ تماماً. وكتبت أن «وزارة الدفاع والإفبيآي لديهما أولويات أهم من هذا التحقيق التافه».
قال النواب إنهم لا يملكون معلومات إضافية حتى الآن، وأن الإفبيآي لم يوضح للأسئلة على أي أساس يطلب إجراء هذه المقابلات.
ووصف باتيل، مدير الإفبيآي، في مقابلة مع صحفي هذا الملف بأنه «مسألة جارية»، مبرراً عدم قدرته على مناقشة تفاصيلها. وعند سؤاله عن رد فعله تجاه الفيديو قال: «ما يدور في ذهني هو نفس ما يدور في أي قضية أخرى: هل ثمة مسوّغ قانوني لفتح تحقيق أم لا؟ وسيُتخذ هذا القرار بواسطة العملاء والمحللين المهنيين هنا في الإفبيآي».
في الفيديو دعت تصريحات النواب القوات إلى «الوقوف مع قوانيننا… ودستورنا». وقال كيلي، الذي كان طيار مقاتل ثم أصبح رائد فضاء ثم تقاعد برتبة نقيب، إن «بإمكانكم رفض الأوامر غير القانونية». ولم يحدد النواب ظروفاً معينة في تسجيلاتهم.
في حدث بولاية ميشيغان يوم الثلاثاء، أشارت سلوتكين إلى أوامر من إدارة ترامب بتفجير قوارب صغيرة في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي، التي تتهمها السلطات بنقل المخدرات، ومحاولات مستمرة لنشر الحرس الوطني في مدن أمريكية رغم عقبات قانونية. وقالت: «لم يكن هناك حادث واحد؛ بل عدد كبير من الناس جاءوا إلينا وقالوا: ‹أنا قلق. أُرسَل إلى واشنطن› أو ‹يُرسَلونني إلى لوس أنجلوس أو شيكاغو أو نورث كارولاينا الآن، وأنا خائف أن أُطلب مني فعل شيء لا أدري إن كان ينبغي علي فعله›، فهنا نشأ القلق».
للجنود، وخصوصاً للقادة الرسميين، واجبات محددة لرفض الأوامر غير المشروعة إذا خلصوا إلى عدم قانونيتها. كما أن سابقة قانونية واسعة تؤكد أن مجرد اتباع الأوامر—ما يعرف دفاع نِورمبرغ—كما استخدمه كبار المسؤولين النازيين للدفاع عن أفعالهم تحت حكم أدولف هتلر، لا يعفي الجنود من المسؤولية.