مباشر من نيويورك: ليلة المناظره على منصب عمدة المدينة
تجمّع المرشحون الثلاثة الأبرز على مسرح مركز روكفلر في مانهاتن مساء الخميس لعرض رؤاهم لإدارة أكبر مدينة أمريكية. يبدأ التصويت المبكّر في السباق الأسبوع المقبل، وتشير آخر الاستطلاعات إلى اتساع تقدم زهران مامداني إلى 46٪ مقابل 33٪ لأندرو كومو. نتيجة السباق قد تحمل دلالات سياسية تتجاوز حدود الولاية، لا سيما في ظل بروز دونالد ترامب والضغط المحتمل من واشنطن على الفائز.
الحزب الديمقراطي على المستوى الوطني يراقب عن كثب ما إذا كان معقل الحزب الأكبر سيختار كومو المعتدل والملتزم بالمؤسسات أم مامداني التقدّمي. أيضاً الجمهوريون يراقبون إن استطاع كورتس سليوا توسيع نفوذه عبر موقفه من الأمن العام.
خمس مخرجات رئيسية من المناظرة
1) مامداني وموقفه من الفلسطينيين
تكرّرت الأسئلة حول تصريحات مامداني السابقة بشأن إسرائيل والفلسطينيين طوال الليلة. أكد المرشح دعمه للفلسطينيين وحقهم في الدولة، وانتقد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. تعرّض لانتقادات أيضاً لامتناعه عن إدانة عبارة «تعميم الانتفاضة» عندما طُرحت عليه، لكنه أكد أنه سيعمل عمدة لكل سكان نيويورك، بما فيهم الجالية اليهودية الكبيرة والمتنوعة أيديولوجياً. من جهته وصفه كومو بأنه «شخصية مُفرّقة على كل المستويات».
2) الرجل الرابع: دونالد ترامب
رغم وجود ثلاثة متنافسين على المنصة، ظل اسم دونالد ترامب حاضراً طوال المناظرة. ألمح ترامب سابقاً إلى رغبته في نشر الحرس الوطني في مدن تسيطر عليها الديمقراطية، وهدد حجب أموال الحكومة عن مشاريع بنية تحتية في نيويورك، وركّز سياسات الطرد الجماعي على المدينة. أشار سليوا إلى أن العمدة سيتعيّن عليه التعايش مع ترامب بغض النظر عن الاختلافات السياسية، بينما أعلن مامداني فوراً معارضته لترامب ووعد «بمواجهته». وضع كومو نفسه كالمرشح الأكثر خبرة للتعامل مع البيت الأبيض الحالي محذراً من أنه «قد يصبح العمدة ترامب» إن فاز مامداني، مؤكداً: «قاتلت دونالد ترامب، وعندما أقاتل من أجل نيويورك لن أتراجع».
3) مسألة القدرة على تلبية تكاليف المعيشة في الصدارة
على رغم حجم تأثير ترامب، بقيت قضية القدرة على التحمل الموضوع الأبرز في هذا السباق: تكاليف السكن والبقالة مرتفعة جداً. اعترف سليوا في كلمته الافتتاحية بوجود «مشكلات جدية جداً في القدرة على التحمل»، ودعا إلى فتح الشقق الشاغرة في برنامج الإسكان العام NYCHA لإسكان المحتاجين. طرح المذيعون أسئلة مباشرة حول مقدار الإيجار ونفقات البقالة وما إذا كانوا يسددون بطاقات الائتمان شهرياً. تقدّم المرشحون بمقترحات متنوعة، من خطة مامداني لجعل الحافلات مجانية إلى اقتراح كومو بوضع حدود دخلٍ لسكان الشقق المستقرة الإيجار. هاجم كومو مامداني لوجوده في شقة بإيجار مضبوط رغم أن أسرته ميسورة (أمه المخرجة ميرا ناير). رد مامداني قائلاً: «إذا كنت تعتقد أن المشكلة في هذه المدينة أن إيجاري منخفض جداً، فصوّت له. إن كنت تعلم أن المشكلة هي أن إيجارك مرتفع جداً، صوّت لي». رفض كومو فكرة تجميد الإيجارات للشقق المستقرة قائلاً إن ذلك سيؤجّل الزيادات المستقبلية ويدفع المالكين نحو الإفلاس ويخفق في مساعدة من لا يعيشون في هذه الشقق.
4) سِجلات كومو المثيرة للجدل لا تزال تلاحقه
روّج كومو لسنوات خبرته، من عمله كوزير للإسكان في إدارة بيل كلينتون إلى حاكم نيويورك. لكن قضايا أثيرت في فترته كحاكم طاردت حملته. استقال كومو عام 2021 بعدما خلص مكتب المدعي العام في الولاية إلى أنه تحرش جنسيّاً بثمانيَ أو إحدى عشرة امرأة؛ اعتذر عن سلوك جعَل البعض يشعر بعدم الارتياح لكنه أنكر الادعاءات. كما حقّق المدعي العام في إحصاءات وفيات دور الرعاية أثناء جائحة كوفيد-19 وخلص إلى تقليل الأعداد الفعلية. هاجم مامداني كومو متّهماً إياه بإرسال كبار السن إلى الموت في دور الرعاية ونقص النزاهة؛ ورد كومو بأن ادعاءات إيذاء المسنين «زائفة تماماً»، مدافعاً أن الولاية اتبعت الإرشادات الفدرالية وأنه يشعر بالحزن على المتوفين. كذلك هاجمه سليوا بشأن الدعاوى المتعلقة بالتحرش، وردّ كومو بأن قضية المدعي العام ليتيتيا جيمس كانت ذات طابع سياسي.
5) كورتس سليوا يبرز حضوره
تمكّن سليوا من فرض نفسه كمرشح جمهوري وحيد على المنصة. قد يشكّل ناخبو تحالفه أقلية في المدينة، لكن انتخابات 2024 أظهرت أن الناخبين يضعون قضايا السلامة العامة في مقدمة اهتماماتهم، فركّز سليوا على ذلك مراراً. بصفته مؤسس منظمة Guardian Angels لمكافحة الجريمة، استغل المنصة ليتواصل مع الناخبين. عرف كيف يُمسك بلحظة الحديث، مقاطعاً في كثير من الأحيان وطالباً بالكلمة، ودخل بقوة في أكثر لحظات المناظرة سخونة؛ واستهدف خصميه على حد سواء. غادر سليوا المناظرة واثقاً، واصفاً ليلته بأنها «نجحت نجاحاً باهراً» ومشبّهاً خصميه بـ«طفلين في ساحة المدرسة».
خلاصة: المناظرة وضعت قضايا القدرة على المعيشة والأمن والانعكاسات الوطنية على رأس الأولويات، بينما بقيت انقسامات بشأن موقف كل مرشح من الصراع في غزة وسجلات كومو الشخصية محور نقاش حاد يصعب تجاوزه في الأسابيع الفاصلة حتى الاقتراع.