وارسو — مع إطلاق روسيا وبيلاروس مناورات «زاباد 2025» هذا الشهر، التي شهدت حشوداً عسكرية على حدود حلف الناتو الشرقية ومحاكاة هجمات محتملة على بولندا ودول البلطيق، استبقت الدول الأربع في شرق أوروبا هذه التطورات بخطط لإجراء مناوراتها الخاصة استعداداً لهجمات منخفضة الشدة تستهدف البُنى التحتية.
إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا تعتزمان تنظيم تدريبات مضادة تحاكي «زاباد 2025» بمشاركة تقارب 40,000 مِن الجنود، كاستجابة منسقة لمناورات الحلفاء الشرقيين.
الإصدار الحالي من التمرين مُجدول في الفترة من 12 إلى 16 سبتمبر. استغلت موسكو نسخة «زاباد» السابقة في سبتمبر 2021 لنشر قوات استُخدمت لاحقاً في الغزو الذي بدأ ضد أوكرانيا في فبراير 2022.
عادةً ما تُجرى هذه المناورات كل عامين، لكن الكرملين ألغى دورة 2023 بسبب صعوبات في توفير أعداد القوات والمعدات نتيجة التورط في الحرب. ومع استمرار انخراط قدرات موسكو العسكرية في النزاع، يتوقع أن تضم «زاباد 2025» أسلحة نووية وصواريخ فرط صوتية روسية الصنع.
في ليتوانيا، التي تشترك بحدود مع بيلاروس وروسيا، وضعت المناورات جهاز الأمن الوطني في حالة تأهب قصوى، بحسب وزارة الدفاع الليتوانية.
وقالت الوزارة لوسائل الإعلام إن «عدد المشاركين هذا العام قد يصل إلى 30,000 جندي»، مشيرة إلى أن نحو 6,000–8,000 سيُتمركزون في بيلاروس، وآلاف آخرون في إقليم كالينينغراد الروسي، وأضافت أن الاستخبارات الليتوانية لا ترصد زيادةً أكبر بالقواات المتاحة لدى الجانب الروسي أو البيلاروسي.
الوزارة أكدت أن الجيش الليتواني، بالتعاون مع حلفاء الناتو، يراقب الوضع عن كثب وجاهز تماماً للرد إذا استدعى الأمر، وأن ليتوانيا ستجري مناوراتها بالتوازي مع دعم حلفي لضمان الأمن الوطني.
أعلن قائد الدفاع الليتواني، الجنرال رايمونداس فايكشنوراس، أن دول البلطيق الثلاث ستنسق مع بولندا لإطلاق تمرين يضم نحو 40,000 جندي حليف في المنطقة خلال «زاباد 2025».
وأوضح أن «الكتلة الليتوانية، من دون الدخول في تكهنات دقيقة حول الأرقام، ستكون في حدود 10,000 جندي تقريباً، بالإضافة إلى نحو 6,000 من حلفائنا. وينطبق ذلك ليس على البر فحسب، بل على البحر والجو أيضاً»، في تصريح لقناة LRT المحلية.
وذكر الجنرال أن «ما هو مخطط له حتى اليوم يُظهر أن دول البلطيق وبولندا ستملك عناصر متحركة وفرادى وإمكانات أخرى تفوق ما يمكن رصده عبر منصات الاسطلاع» فيما يتعلق بـ«زاباد 2025».
بولندا، وهي الحليف الأكبر في المنطقة والتي تلامس حدود بيلاروس وإقليم كالينينغراد، تعمل مع شركائها في الناتو لضمان رصد المناورات المقبلة، كما تتصرف في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)، وفق بيان وزارة الدفاع البولندية.
وقال متحدث باسم الوزارة إن «مناورات ’زاباد 2025‘ الروسية-البيلاروسية، في سياق الحرب الدائرة ضد أوكرانيا، تجسّد سلوكاً عدوانياً متزايداً وتعميقاً للتعاون بين البلدين».
وترى وارسو أن خطر الاستفزازات من جانب موسكو ومينسك سيرتفع خلال مناورات «زاباد 2025»، وقد تتخذ أشكالاً عدة تشمل هجمات إلكترونية ضد الحلفاء، وتشويش أنظمة تحديد المواقع (GPS) الموجهة نحو بنية الناتو التحتية، أو حوادث عسكرية صغيرة مُصمَّمة لاختبار قدرة بولندا على الرد.
في وقت سابق، قال وزير دفاع بيلاروس فيكتور خرينين لوكالة الأنباء الرسمية BelTA إن التدريب سيُركز جزئياً على استخدام الأسلحة النووية وصاروخ باليستي متوسط المدى من طراز «أوريشنيك» الذي تستخدمه القوات الروسية في ضرباتها ضد أوكرانيا.
وأضاف خرينين: «بالتأكيد، في إطار مناورة ’زاباد‘ سنتمرن مع الزملاء الروس على مسائل التخطيط لاستخدام هذا النوع من الأسلحة».
ومع توطد مشاركة بيلاروس في الحرب الروسية على أوكرانيا وتزايد التعاون العسكري مع موسكو، أعلن ألكسندر لوكاشينكو في أغسطس 2022 أن روسيا طوّرت مقاتلات بيلاروس لتتمكن من حمل أسلحة نووية تكتيكية، كما وافقت موسكو على نقل منظومات صواريخ إسكندر-إم التكتيكية إلى مينسك، القادرة على إطلاق صواريخ باليستية وبحرية بصيغتيها التقليدية والنووية.
وختم المتحدث باسم وزارة الدفاع البولندية بالقول إن «القوات المسلحة البولندية تراقب باستمرار جميع الأنشطة العسكرية للدول المجاورة ومهيَّأة للرد بالشكل المناسب على أي تهديدات أمنية محتملة تنشأ عن تلك الأنشطة».