منشورات تُشوّه فيديو مسيرة للمسلمين في أستراليا وتصفه بـ«غزو المهاجرين»

فيديو تداوَلَهُ عشرات الآلاف على وسائل التواصل يظهر إحياءً سلميًا ليومٍ ديني في ملبورن، ويَخالفُ مزاعمَ جماعاتٍ يمينيةٍ أنّه يُظهر مهاجرين يهتفون «نحن ننتظر الأوامر». المقطع، الذي عاودَ الظهورَ قبيلَ مسيراتٍ مناهضةٍ للهجرة مُخطَّطَةٍ في أستراليا، كان قد تداوَلَ سابقًا قبل شهر في منشورٍ عن موكب عاشوراء السنوي، وأكَّدتْ شرطةُ ملبورن وزعماءُ دينيون أنه مرَّ بسلام.

المقطع، الذي حصدَ أكثرَ من ثمانٍ وثمانين ألف مشاهدة، يُظهرُ حشداً أغلبُهم مرتدون السوداء يسيرون بجوار مبنى البرلمان في ملبورن بينما يرددون هتافاتٍ بالعربية. اقتُرِنَ بالصورةِ نصٌّ يدعو إلى «المُشاركة في 31 أغسطس… مسيرة من أجل أستراليا»، واستُخدم المحتوىُ لاستثارةِ احتجاجاتٍ مناهضةٍ للهجرة في عواصمٍ كبرىٍ يومَ 31 أغسطس، حيث احتجّ آلافٌ ضد «الهجرة الجماعية».

نُشِرَ المقطعُ على منصاتٍ متعددةٍ مثل إنستغرام وفيسبوك وتيك توك، وترافقَ مع تعليقاتٍ تحريضيةٍ ادَّعت أن المهاجرين «يعيشون بجانبنا ومستعدون للهجوم»، بل وكتبَ بعضُ المُعلقين أن الأمر «غزو» وأنهم «سيبدؤون حربًا في بلدٍ مسيحي». المقطع انتشر أيضاً خارجَ أستراليا في إنجلترا ومصر وكندا وغيرها.

لكن الفيديو لا يُظهِرُ مسيرةً منظَّمةً من قِبَلِ مهاجرين، ولا تُشير أيُّ تقاريرٍ رسميةٍ إلى هتافاتٍ تقول «نحن ننتظر الأوامر». الادعاءُ فُندَ سابقًا بواسطة رويترز، والتحقُّقُ العكسي لصورِ المقطع أَدلَّ إلى نشرِ نفس اللقطات في 7 يوليو على تيك توك بعنوانٍ صَرَّحَ بأنها «مسيرة عاشوراء في مدينة ملبورن».

عاشوراء مناسبةٌ دينيةٌ لدى المسلمين الشيعة تَخليدًا لاستشهادِ حفيدِ النبيّ، الإمام الحسين، في القرن السابع. منظِّمو الموكب قالوا إن حوالَي 15 إلى 20 ألف مشارك حضروا الاحتفالات، وأن الغالبيةَ العظمى منهم مواطنون أستراليون. وبيّنَ أحدُ المتحدثين أن هذا الموكب شكلٌ من أشكال التذكير بالوقوف ضدّ الظلم، وأن الهتافَ المسموع في المقطع هو «لبيك يا حسين» باعتباره ردًّا على صيحةِ استغاثةٍ أطلقها الإمام عند موتِ رفاقه — أي: «لو كُنّا هناك كنّا سنجيئكِ للمساعدة».

يقرأ  هيئة محلفين كبرى تمتنع عن توجيه لائحة اتهام لرجل ألقى شطيرة على عملاء أمريكيين — أخبار المحاكم

مقاطعُ أخرى من موكبِ 2025 أظهرت مشاركين قرب كاتدرائية سانت باتريك، وقد أُعيدَ تداولُها بشكلٍ مضلِّلٍ، بما في ذلك من قِبَلِ ناشطين معادين للإسلام. رئيس أساقفة ملبورن، بيتر كومينسولي، نَدَّدَ بإعادةِ تمثيلِ الحدثِ بشكلٍ مُشوَّهٍ مؤكِّدًا أنه «حدثٌ سلميٌ متكررٌ منذ أكثر من عقد»، وأنّ الجالية الإسلامية لها الحقّ في ممارسةِ شعائرِها الدينية مثل أيِّ مواطنٍ آخر. كما أبلغَت شرطة فيكتوريا أن الحشدَ كان مُؤدَّبًا ولم تُسجَّلْ أحداثٌ تُستدعى الشرطةَ بشأنها، وأنّها تحترمُ حقَّ الأفراد في العبادة السلمية.

وسائلُ الإعلام ومنصات التحققِ قدَّمت تقاريرٍ فندت الادعاءاتِ المضلِّلةَ المرتبطةِ بالهجرة في أستراليا. من الضروريُ التروِّي والتحقّقُ قبل إعادةِ نشرِ موادٍ تُصوِّرُ مناسباتٍ دينيةٍ كمشاهدَ سياسية، لأن في ذلك استغلالًا للمعلومات ولخلقِ انقساماتٍ غيرَ مبرَّرة — فلتستيقظو المجتمعات قبل الوقوع في فخّ التضليل.

أضف تعليق