من السجن إلى المدرسة الحرية خلف القضبان تبدأ في العقل

يعرّف البعض الزمن على أنّه خطّ مستقيم، ويراه آخرون كتلة واحدة. ثم هناك من يصفه بأنه شيء يُنفَق، أو ظلّ حاضر أو مستقبل؛ بينما يعتبره فريق ثالث غيبيًّا أو مقدّسًا، أو شيئًا يُلتفّ عليه أو يُروّض أو يُعبر.

بعد أن حُكِم عليّ بالسجن المؤبد، صار الزمن بالنسبة لي مفهوماً مزدوجاً: مجردة ومقنّنة في آنٍ واحد. حين يتوفّر لديك فائض من الزمن، يصبح هو كل ما تملك، ومع ذلك تفتقر داخليًا إلى السيطرة الحقيقية على كيفية إنفاقه.

كل يوم أسمع إيقاعه: تك، تك، تك. إنه عذاب مستمر، كحيّة ماء تقطر في زنزانتي.

لإسكات ذلك الصوت، أنكبّ على الدراسة. أتعلم، أحاول أن أشيّد من الدقائق شيئًا ذا معنى.

عندما اعتُقِلت عام 2002 كنت شابًا في الخامسة والعشرين، رائد أعمال بدأت له شركة ناجحة. وكنت أتابع دراستي الجامعية في تكنولوجيا المعلومات حين انهار عالمي. داخل سجن ولاية نيوجيرسي في ترينتون واجهت خيارًا يوحِّد كل شيء: إما أن أتنازل عن أحلامي، أو أن أقاتل من أجلها بينما أستمر في السعي لإثبات براءتي. فاخترت أن أستثمر وقتي في إكمال تعليمي.

أتى والدي بعائلتنا من باكستان إلى الولاات المتحدة حتى يضمن لابنيه فرصة التعليم العالي. توفي هذا يناير الماضي، وبسبب هذا الإرث أنا أواصل الدراسة، لأحقق الحلم الذي حمله عبر المحيط.

لكن داخل الحجرة، كان من الصعب مطاردة ذلك الحلم.

«أنتم لن تذهبوا إلى أي مكان»

الحياة في السجن ثاقبة ومرعبة. البيئة مشجعة على الرذائل والأنشطة غير المشروعة؛ المخدرات والقمار متاحان بسهولة، أما فعل شيء بناء، كالتعلّم، فغالبًا ما يتحوّل إلى معضلة شاقة.

قسم التعليم في سجن ولاية نيوجيرسي يقدّم في الأساس مستوى تعليمي يعادل شهادة الثانوية العامة (GED). كما يمكن للسجناء الالتحاق بدورات المراسلة الخارجية المعروفة بالدراسة المستقلة، وتشمل شهادات مهنية مثل دورات المساعِد القانوني التي تكلف عادة بين 750 و1000 دولار.

تروّج مؤسسات دراسية ربحية لدرجات جامعية بتوصيلها عبر البريد، لكن معظمها غير معتمد — تبيع أوراقًا لا أكثر. ترى رجالًا يحصلون على بكالوريوس وماجستير ودكتوراه في سنة واحدة؛ لم أستطع أن أخطو على هذا الطريق. بالنسبة لي الدرجة المعتمدة لا تُمحى بسهولة، وتعيد لي شعورًا بالمساواة مع من هم خارجه.

لذلك بدأت بدورة تدريبية للمساعِدين القانونيين داخل السجن، يعلّمها أسرى يساعدون رفاقهم في معاركهم القانونية.

شاهدت لاحقًا فيلمًا وثائقيًا عن مبادرة بارد في السجون في نيويورك، برنامج جامعي حقيقي، معتمد وصارم، للرجال والنساء داخل السجون. ألهمني ذلك أن أكتب عشرات الرسائل إلى جامعات مرموقة عبر البلد أطلب منهم أن يأخذوني كحالة تجريبية لإجراء برنامج جامعي. لم يأتِ رد واحد.

يقرأ  غراهام غرين، نجم فيلم «الرقص مع الذئاب»، في ذمّة الله عن عمر يناهز الثالثة والسبعين

ثم علمت ببرنامج NJ-STEP الذي يوفّر دورات جامعية في سجن إيست جيرسي. لكن عندما طلبت الالتحاق، أخبرني مشرف التعليم في السجن أن البرنامج غير متوفر لدينا. وعندما استأنفت لدى الإدارة قال لي أحد ضباط الأمن: «لماذا أجلب NJ-STEP إلى هنا؟ أنتم لن تذهبوا إلى أي مكان».

لقد كرّ صدى كلماته داخل رأسي، كأنها حكمة ضمن حكم.

أسطورة التعيلم العالي

توماس كوسكوفيتش، 47 عامًا، قضى ما يقرب من ثلاثة عقود في سجن ولاية نيوجيرسي، حيث يقضي حكما بالسجن المؤبد.

عندما سألته عن فرص التعليم العالي داخل السجن ازدرى الإجابة وقال: «أي برنامج جامعي؟».

«الشيء الوحيد المسموح لنا به هو ما يسمونه الدراسة المستقلة، وبالمناسبة أنت تدفع كل شيء من جيبك. السجن لا يساعدك، هم فقط يرصدون الامتحانات.»

يعمل توماس مساعدًا للمعلم في مدرسة دونالد بورن، وهي وظيفة داخل السجن؛ يأتي المعلمون من الخارج، فيما يساعد المساعدون مثل توماس في التدريس ويوفرون دعمًا إضافيًا للطلاب المحتاجين. يساعد الرجال على الحصول على شهادة الـGED رغم أنه لا يتوفر مسار واضح يتجاوزها نحو التعليم الجامعي.

«رأيت رجالًا عالقين في صفوف الـGED لمدة خمسة عشر عامًا»، قال ذلك بكل صراحة.

يعلق السجناء لعدة أسباب: تُلغى الحصص لأجل طوارئ، أو يحتاج البعض سنوات طويلة لتعلم القراءة والكتابة من الصفر، وبعض الطلاب يعتبرون الحضور كمصدر دخل ـ يحصلون على نحو 70 دولارًا شهريًا ـ فيتعمد بعضهم الرسوب ليظلّ في المدرسة فترة أطول لأن الوظائف داخل السجن نادرة.

من بين اثنتي عشرة إلى عشرين طالبًا، «يخرّج المدرسة ربما من خمسة إلى عشرة طلاب في السنة»، يشرح توماس.

يتقاضى نحو 1500 دولار سنويًا، أقل بكثير من الـ20,000 دولار اللازمين لتمويل شهادة مراسلة معتمدة. لكنه يختار مساعدة الآخرين في نفس المدرسة التي نال منها شهادة الـGED لأن، كما يقول، «غالبية الموجودين هنا ليسوا مجرمين محترفين. لقد وجدوا أنفسهم في أوضاع سيئة».

يرى توماس في التعليم مفتاح التحسّن الذاتي. كانت كتاب باولو فرييري «تربية المستضعفين» هدية من صديق ناشط ففتحت له بوابة قوة التعليم.

التعليم يزوّدنا بقدرة أفضل على التعامل مع المواقف الضاغطة وينمّي الإبداع و«التعبير الفني»، كما تأمّل. «لكن الأهم من ذلك، أننا نطوّر مهارات تُمكّننا من كسب عيشٍ شرعي والمساهمة في المجتمع بشكل إيجابي.»

قد يحتفظ قسم السجون بالأجساد، لكنه لا يَنمي العقول، مع أن كثيرين سيعودون في النهاية إلى المجتمع بعد قضائهم مدة عقوبتهم، بينما قد يحصل آخرون على حريتهم عبر المحاكم أو العفو.

يقرأ  ميل ترامب المفاجئ نحو الطلاب الصينيين يثير رد فعل معارض من أنصار ماجا — أخبار دونالد ترامب

وللتعليم دور محوري في الانتقال إلى الحياة الخارِجة. وفق مبادرة سياسات السجون، وهي مؤسسة بحثية ومناصرة، يظلّ قصر الوصول إلى التعليم داخل السجون عقبة رئيسية أمام إعادة التأهيل والاندماج في المجتمع. عقود من الدراسات تدعم الفكرة القائلة إن التعليم داخل السجون يخفض معدلات العودة إلى الجريمة؛ فقد أظهر تحليل تلوي أجرته مؤسسة راند أن احتمال العود للارتكاب تقلّ بنسبة 43% بين النزلاء الذين تابعوا دراستهم.

كاشف حسن، أربعون عاماً، من بروكلين في نيويورك، محبوس منذ خمسة عشر عاماً. محكوم عليه بالسجن مدى الحياة بالإضافة إلى عشر سنوات، وحصل على عدة شهادات أكاديمية، منها دكتوراه في إدارة الأعمال ودكتوراه في العدالة الجنائية، عبر التعليم الجامعي عن بُعد. على خلاف كثير من المساجين، كان محظوظاً بوجود عائلة قادرة على تغطية عشرات الآلاف من دولارات الرسوم الدراسية المعتمدة.

«عندي ولدان»، قال لي، «وأريد أن اظهر لهما أنه مهما كانت الظروف، حتى هنا، يمكنك الاستمرار في التعللم.»
ضحك عندما سألته عن دعم إدارة التعليم في سجن ولاية نيوجيرسي: «لا شيء»، قال. «ألغوا حتى قائمة المراسلات الجامعية — تلك القائمة التي كانت تتيح للطلاب المسجلين في التعليم عن بُعد الوصول إلى مكتبة القوانين وحواسيب المدرسة لطباعة أعمالهم. يبررون ذلك بأسباب أمنية، لكنّ الأمر في جوهره تحكّم.»

كاشف على قائمة الانتظار لدورة مساعدة قانونية منذ عشر سنوات. «التعليم أداة قوية»، قال، «يساعدك على فهم حقوقك، والتعامل مع النظام، والتعبير عن نفسك بشكل أفضل. خصوصاً هنا؛ الفرق بين أن تشعر بالعجز وأن تشعر بالتمكين.»

باب حيث كان هناك جدار

في عام 2023، تسرّبت بصيصات من التقدّم: أطلقت جامعة توماس إديسون الحكومية في ترينتون برنامجاً جديداً يمكّن رجالا في سجن ولاية نيوجيرسي من نيل شهادات جامعية معتمدة. في 2024 بدأت أخذ مقررات من الجامعة للحصول على درجة في الآداب الحرة. تغطى رسوم دراستي بمنح ومنح دراسية. البرنامج يعمل باستقلالية عن إدارة التعليم في السجن، التي تقتصر وظيفتها في الغالب على مراقبة الامتحانات. بالنسبة لنا، الذين حال دوننا الحاجز عن التعليم العالي طويلاً، بدا الأمر ثورياً — كأن باباً فتح حيث كان هناك جدار. منحني ذلك إحساساً بالحرية وهدَفاً.

بالنسبة لمايكل دوْس، 44 عاماً، طالب آخر في البرنامج ومحكوم عليه ثلاثون سنة، الباب ضيق لكنه ثمين. «أريد أن أثبت لإدارة سجون نيوجيرسي أنظروا ماذا فعلت بمفردي»، قال. درس مايكل الهندسة في جامعة روتجرز قبل السجن، والآن يدرس إعلاماً واتصالاً. «عائلتي تشتري كتباً مستعملة»، يقول؛ تُرسل الكتب إلى السجن لكن الفحوصات الأمنية قد تؤخر وصولها أسابيع. «الآن السجن حظر الكتب المستعملة»، أضاف. «وبحسب سعر الكتب الجديدة، ربما لن أستطيع الاستمرار.»

يقرأ  وزير ياباني يزور ضريحًا يثير الجدل لإحياء ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية— أخبار الحروب العالمية

طلبت الجزيرة توضيحاً من إدارة السجون حول إلغاء قائمة المراسلات وحظر الكتب المستعملة، لكنها لم تتلق رداً. اكتفى مايكل برفع كتفيه وابتسامة مُرة: «لو اشترك كثير من الرجال، ربما يلغون البرنامج كلياً. أمزح قليلًا، لكن ليس تماماً.» يحتفظ بدرجات مرتفعة ويحلم بأن يصبح صحافياً. «الإدانة الجنائية تغلق أبواباً كثيرة»، قال، «أنا فقط أحاول أن أفتح أبواباً جديدة.»

قضاء العقوبة بطريقته الخاصة

هناك بيت من شعر مير تقي مير يذهب معناه إلى:
«يا رفاق، الدير والكعبة كلاهما يناديني —
فلنَرَ يا مير، إلى أين ستتجه نفسي؟»

قلبي ممزق بين نداءين: عالم الحب وبيت الله. والآن اختبار لمعرفة إلى أي جانب ستنحرف روحي.

ربما يختزل هذا معضلة السجين اليومية: بين اليأس والعزيمة؛ بين الاستسلام والنماء. في غياب برامج تأهيل فعالة، على كل رجل أن يختار مساره بنفسه — أن يقضي وقته بطريقته — إما نحو النور أو نحو الظلام. رجال مثل توماس وكاشف ومايكل وغيرهم يختارون النور. يختارون التعليم.

قد تخزن إدارة الإصلاح الأجساد، لكنها لا تملك إرادة النمو. التعليم هنا ليس صدقة؛ إنه مقاومة. إنه الساحة الوحيدة التي ما زال يمكننا أن نختار فيها، ومن خلال الاختيار نظل بشرًا واحتفاظًا بحريتنا.

لأن الحرية في النهاية لا تبدأ بالإفراج؛ تبدأ بقرار أن تنمو. تبدأ من العقل.

وهنا، حيث الوقت عدو ورفيق معاً، كل صفحة تُقلب، وكل درس يُستوعَب، هو وسيلة لإسكات دقات الساعة التي لا تنتهي، وتذكير بأن حتى خلف القضبان قد يظل الوقت ملكاً لنا.

تكت. تكت. تكت.

هذه القصة الأخيرة في سلسلة من ثلاثة أجزاء عن كيف يواجه المساجين منظومة العدالة الأمريكية عبر القانون، ومشاغل السجن، والتعليم الذي أُنتزع بعد جهد. للاطّلاع على بقية السلسلة: «كيف أقاتل منظومة السجون الأمريكية من الداخل» و«الخياطة والبقالات الصغيرة: المشاغل التي تُمكّن المساجين من الصمود».

طارق مقبول سجين في سجن ولاية نيوجيرسي منذ 2005، ومساهم في عدة مطبوعات، من بينها الجزيرة الإنجليزية، كتب عن صدمة العزل الانفرادي (قضى في مجموعها أكثر من عامين في العزل) وعن معنى أن تكون سجينا مسلماً داخل سجن أمريكي. مارتن روبليس سجين أيضاً؛ هذه الرسوم التوضيحية أُنجزت بقلم رصاص رصاصي وملوَّن، وبما أن مستلزماته الفنية محدودة، فقد استخدم مربعات من ورق التواليت مطوية لخلط الأصباغ وحصوله على درجات لونية مختلفة. لم تُقدّم أيَّ نصٍّ للترجمة أو إعادة الصياغة — أرسل النصّ الذي تريدني أن أعمل عليه.

أضف تعليق