من داخل صراع الحريديم مع التجنيد الإلزامي في إسرائيل

داخل المواجهة الحريدية مع قانون التجنيد في إسرائيل

لأول مرة منذ عقود تُستدعى أعداد كبيرة من اليهود الحريديم للخدمة العسكرية في إسرائيل، ما أشعل غضباً مجتمعياً واسعاً وموجة احتجاجات ومقاومة علنية من رجال في سنّ الخدمة. المسألة لم تعد قضية إدارية فحسب، بل تحولت إلى منعرج سياسي حاد يفرز انقسامات عميقة داخل المجتمع الإسرائيلي.

الرهان الديموغرافي
في جوهر الخلاف يكمن حجم هذا المجتمع ونموّه المتسارع؛ فالحريديم الذين كانوا أقليّة صغيرة عند قيام الدولة عام 1948 نما عددهم ليشكّلوا الآن نحو 14% من السكان. زيادة هذه النسبة أثارت استياءً بين الإسرائيليين العلمانيين والمجتمعات الأخرى الذين يشعرون بأن عبء الدفاع يُوزع بشكل غير متكافئ.

تاريخ الإعفاء وتداعيات إلغائه
عند تأسيس الدولة منحت القيادات العلمانية للحريديم إعفاءً واسعاً من الخدمة الإلزامية وتمويلًا للدراسة الدينية بدافع تأمين دعمهم للمشروع الصهيوني الناشئ. لكن، وفي ظل تصاعد النزاعات الإقليمية ومنها الحرب في غزة، ألغت المحكمة العليا هذا الإعفاء في 2024، فتصاعدت التوترات الاجتماعيّة ومعها استمرّ إرسال استدعاءات التجنيد.

وجوه من الصراع
بينيامين بابنهايم واقف أمام فرحة عائلية — حفيدته تتزوج — ويعتبر تأسيس الأسرة في ثقافته عملاً من أعمال الإيمان؛ وهو نفسه جد لسبعة وستين حفيدًا. من جهة أخرى، ليات فايس شاحاف، جندية سابقة، تنظر للأمر بعين شخصية: ابنتها إيلا البالغة من العمر سبع عشرة سنة على بعد أشهر قليلة من إتمام موعدها مع الخدمة. بالنسبة إليها، الجيش هو «دائرة الأمن» و«جيش الشعب»، ورفض جزء من المجتمع المشاركة يُشعرهم بالخيانة.

الحراك والقيادة
تنشط منظمات حريدية مثل «أم كادوش» في تنظيم المعارضة؛ وبينا من قادوا الاحتجاجات يهوذا بليو، الذي يلتقي الليلة بشبان حريديم قلقين بعدما أوقفت الشرطة بعض المتظاهرين واعتقلت آخرين لرفضهم الاستجابة لأوامر التجنيد. بعض الطلاب يرون إمكان التوفيق بين الحياة الحريدية والخدمة العسكرية، لكن قادة آخرين يشددون على أن التجنيد يهدّد أسلوب حياتهم وتعاليمهم الدينية.

يقرأ  عودة جنرال روسي سابق مُدرج على قوائم العقوبات إلى صفوف الاتحاد الدولي للسيارات (FIA)

خلفية انتخابية
مع اقتراب إسرائيل من انتخابات تشريعية مرتقبة في 2026، صار الصوت الحريدي عاملًا حاسماً في السياسة الوطنية؛ ولذلك تسعى الحركات للحفاظ على وحدتها عبر تنظيم أكبر تظاهرة من نوعها منذ سنوات، محاوِلةً أن تبلور موقفًا جماعياً يُحمي مصالحها ومستقبلها المجتمعي.

المشهد العام
القضية هنا تتخطى مسألة خدمة أو إعفاء؛ إنها معركة حول الهوية الوطنية، توزيع الأعباء، والمكانة السياسية لمجتمع يتنامى سريعًا داخل دولة تعيش صراعات مستمرة. تبقى الأزمة مفتوحة، والنتائج ستترتب ليس فقط على مواقف القضاء أو الحكومات القادمة، بل أيضاً على قدرة المجتمعين—الحريديم وباقي الإسرائيليين—على التفاهم وإعادة ترتيب التوازن الاجتماعي والسياسي.

بواسطة: ماثيو كاسل، غاي باراك، مونيكا تسفوراك، جون هازل ومارك بوير
3 ديسمبر 2025

أضف تعليق