ميتـا تنتصر في مواجهة قضائية كادت تُجبرها على فصل انستغرام وواتساب
أصدر قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية جيمس بواسبرغ حكمه يوم الثلاثاء، منهياً بذلك أزمة قانونية وجودية طالت شركة ميتا بعد محاكمة تاريخية في قضايا مكافحة الاحتكار انتهت في أواخر مايو. حكم القاضي جاء ليقرر أن الشركة ليست محتكرة في سوق شبكات التواصل الاجتماعي، ما أنهى إمكانية إجبارها على فصل منصتي إنستغرام وواتساب.
وأشار بواسبرغ في حكمه إلى أن لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) ظلت تؤكد أن ميتا تنافس نفس الخصوم التقليديين خلال العقد الماضي، وأنها تسيطر على سوق ضيق من الشركات واحتفظت بهذه السيطرة عبر استحواذات تُعرَف بأنها معيقة للمنافسة. لكنه أوضح أن الادعاء يجب أن يثبت أن قوة الاحتكار كانت قائمة في الوقت الراهن، لا فقط في الماضي، وأن المحكمة لم تجد أن اللجنة قد وفَّت بهذا الإثبات الآن.
زَعمت اللجنة أن ميتا اتبعت استراتيجية مؤسسها التنفيذي مارك زوكربيرغ «التي عبر عنها عام 2008: من الأفضل الشراء من المنافسة»، وأن فيسبوك تتبعت منظورات خصوم محتملين وامتلكت شركات اعتبرتها تهديدات جدية. خلال الشهادة التي أدلى بها زوكربيرغ في أبريل، قاوم الاتهامات بأن شراء فيسبوك لإنستغرام كان بهدف تحييد تهديد تنافسي. وبرزت خلال المحاكمة رسائل إلكترونية قديمة كتبها زوكربيرغ ورفاقه قبل وبعد الاستحواذ، لكن زوكربيرغ حاول التقليل من شأنها مشيراً إلى أنها عكست مراحل مبكرة من التفكير حول الصفقة ولا تعبّر عن كامل اهتمامه أو استراتيجيته آنذاك.
تغيّر المشهد التنافسي جذرياً منذ تقديم الشكوى في 2020، كما نوّه القاضي. فكلما نظرت المحكمة إلى تطبيقات ميتا ومنافسيها، كانت ظروف السوق تتبدل. قراران سابقان برفض القضية في 2021 و2022 لم يذكرا منصة الفيديو الاجتماعية الشهيرة تيك توك، التي باتت اليوم في مركز المنافسة وتُعَدّ أشدّ منافسي ميتا. مستشهداً بفيلسوف اليونان القديم هيراقليطس، قال بواسبرغ إنّه «لا يجوز أن يخطو إنسان في نفس النهر مرتين»، وأن ذلك ينطبق أيضاً على عالم وسائل التواصل، إذ تبدلت الحدود بين فئات التطبيقات—مثل شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل التواصل المرئي—حتى تكاد تتداخل تماماً.
توضح الوثائق أن فيسبوك اشترت انستغرام في 2012 حين كان تطبيقاً ناشئاً لمشاركة الصور بلا إعلانات وبقاعدتها الصغيرة من المستخدمين المخلصين، مقابل نحو مليار دولار نقداً وأسهماً، قيمة اعتُبرت آنذاك باهظة ثم صُحّحت إلى نحو 750 مليون دولار بعد هبوط سعر سهم فيسبوك عقب طرحها العام الأولي. كان انستغرام أول استحواذ احتفظت به فيسبوك كتطبيق مستقل، بعد أن كانت تعرف سابقاً بسياسات «الاستحواذ لتوظيف المواهب ثم إغلاق المنتج». بعد عامين كررت الشركة الأمر مع تطبيق المراسلة واتساب مقابل 22 مليار دولار.
ساهمت انستغرام وواتساب في انتقال أعمال فيسبوك من الحواسيب المكتبية إلى الأجهزة المحمولة، وحافظتا على شعبيتها لدى الأجيال الشابة مع بروز منافسين مثل سناب شات—الذي حاولت الشركة الاستحواذ عليه ولم تفشل—وظهور تيك توك لاحقاً. مع ذلك، حددت لجنة التجارة سوق ميتا التنافسي بشكل ضيق مستبعدة منصات مثل تيك توك ويوتيوب وخدمة المراسلة من آبل من أن تُعدّ منافسة لإنستغرام وواتساب.
لم ترد ميتا على طلب للتعقيب فور صدور الحكم.