انتخابات منتصف الولاية في الأرجنتين: استفتاء على برنامج إصلاحي جذري
الناخبون الأرجنتينيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع في انتخابات تشريعية منتصف الولاية تُعد امتحاناً حاسماً لدعم خطة الرئيس خافيير مايلي التحررية اقتصادياً، والتي رافقها إجراءات تقشفية ألقت بثقلها على شريحة واسعة من السكان.
ما يدور على المحك
تُجرى الانتخابات الأحد لملء نصف مقاعد مجلس النواب (127 مقعداً) وثالث مقاعد مجلس الشيوخ (24 مقعداً). النتيجة قد تُقرّر ما إذا كان برنامج مايلي الليبرتاري، القائم على خفض كبير للنفقات العامة وفتح الاقتصاد من لوائح كثيرة، سيستمر أم سيُعاقَب بفقدان القدرة التشريعية.
وضع الحزب والحصص
حزب “لا ليبرتاد أفانزا” الذي قاد صعود مايلي لا يملك سوى 37 نائباً وستة سيناتورات، أي أقل من 15% من مقاعد البرلما. الحزب يهدف إلى رفع هذه الحصة لتصل على الأقل إلى ثلث مقاعد الكونغرس، ما يعزز قدرته على صد محاولات المعارضة لعرقلة أجندته، واستعادة ثقة المستثمرين، والحفاظ على دعم حليف مهم على الساحة الدولية: الرئيس الأمريكي.
المدّ الأمريكي على المحك
في وقت سابق من الشهر الحالي، تعهدت واشنطن بمساعدة محتملة بقيمة 40 مليار دولار، شملت مقايضة عملات بقيمة 20 مليار دولار لتثبيت قيمة البيزو، إضافة إلى منشأة محتملة بقيمة 20 مليار دولار. لكن الرئيس الأمريكي رهن هذا الدعم بأداء مايلي في الانتخابات، محذراً بأنه إذا خسر فلن تُهدر الولايات المتحدة مواردها على مشروع لا يملك فرصة لإعادة الأرجنتين إلى نَهجٍ قوي.
الخطط الأمريكية أثارت سخط مزارعي الصويا في الولايات المتحدة الذين تضرروا من سياسات تجارية سابقة، وتعرضت مسوغات الإغاثة لنقد نيابي وإعلامي، فيما طرح أعضاء في الكونغرس تساؤلات عن منطق إنقاذ سوق أجنبي في الوقت الذي يفقد فيه منتجو الصويا الأمريكيون سوقاً مهمة.
البيئة السياسية الداخلية
حالياً يسيطر على المجلسين في الأرجنتين معارضون من اليسار والوسط، وتبقى الحركة البيرونية أكبر تكتل أقلية في كلا المجلسين. هذا التوازن يجعل من الصعب تمرير مقترحات خصخصة وإصلاحات هيكلية طرحتها رئاسة مايلي.
الإجراءات التقشفية وقصص النجاح والخلل
مايلي، الذي عرّف نفسه علناً بأنه “أناركو‑رأسمالي”، تولى السلطة في ديسمبر 2023 مع وعد بإحياء اقتصاد مزقته الأزمات المتكررة، مستخدماً منشاراً رمزياً للإيحاء بتقليص حجم الدولة. منذ ذلك الحين ألغيت عشرات الآلاف من وظائف القطاع العام، وشُرِدّت ميزانيات التعليم والصحة والمعاشات، وجُمّدت مشاريع البنية التحتية.
اتهم النقاد هذه السياسات بدفع ملايين نحو فقر أعمق، لكنها أدت إلى تباطؤ في وتيرة التضخم الشهري — من 12.8% قبل تنصيبه إلى نحو 2.1% الشهر الماضي — مع تسجيل تباطؤ في النمو الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي. وفي الوقت ذاته، قُيدت معظم مقترحات خصخصة الشركات المملوكة للدولة من قبل الكونغرس.
قضايا السمعة والشرعية
اشتبكت إدارة مايلي أيضاً بسلسلة فضائح متعلقة بمقربين منه، وعلى رأسهم شقيقة تشغل منصب رئيسة مكتبه، ما أضعف رصيده السياسي.
تراجع شعبية وآفاق الانتخابات
مع تراجع نسب التأييد وخسائر حلفائه في انتخابات محلية بارومترية في إقليم بوينس آيرس الشهر الماضي، يتوقع محللون أن الحزب سيواجه صعوبة في بلوغ هدفه بثلث المقاعد المطروحة. موريسيو مونخي، اقتصادي متخصص بأمريكا اللاتينية في مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس، قال إن التعهد الأمريكي لا يكفي لردع الاحتمال المتزايد بأن نتائج الاقتراع ستحول دون استمرار الإصلاحات—مستدركاً بأن دروس التجارب السابقة للتدخلات المالية الدولية في الأرجنتين تُبيّن محدودية أثرها عندما يتلاشى الدعم السياسي.