الولايات المتحدة تسعى لإبرام ميثاق عدم اعتداء بين إسرائيل وسوريا، لكن بنيامين نتنياهو أظهر استعداداً محدوداً للتنازل.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن التوصل إلى تفاهم مع سوريا ممكن، وحدد توقعاته بأن تنشئ السلطات السورية منطقة عازلة منزوعة السلاح تمتد من دمشق حتى جبل الشهيخ الذي تسيطر إسرائيل عليه حالياً. وجاءت تصريحات نتنياهو يوم الثلاثاء بعد يوم من بيان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعرب فيه عن رغبته بأن “تقيم سوريا وإسرائيل علاقة طويلة ومزدهرة معاً”.
تجري منذ أشهر محادثات حول اتفاق أمني بين البلدين، لكن التقدم بدا ضئيلاً في الأسابيع الأخيرة. سوريا لا تعترف رسمياً بإسرائيل، التي وسعت خلال العام الماضي احتلالها لأراضٍ سورية. إسرائيل احتلت مرتفعات الجولان من سوريا في حرب 1967 ثم ضمتها لاحقاً بشكل اعتُبر غير قانوني؛ اعترفت به الولايات المتحدة بينما رفضته غالبية المجتمع الدولي.
وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر 2024، تخلت إسرائيل عن احترام اتفاق 1974 وتوسعت أكثر في عمق الأراضي السورية، مستحوذة على مناطق منها كامل جبل الشيخ الذي يطل على شمال إسرائيل وجنوب سوريا. خلال العام الماضي شنت إسرائيل هجمات متكررة على أهداف داخل سوريا، رغم تأكيد الحكومة الجديدة في دمشق أنها لا تسعى للقتال؛ وآخرها غارة يوم الجمعة الماضي التي أدت إلى مقتل 13 شخصاً في بلدة بيت جن جنوب غرب دمشق.
قال نتنياهو خلال زيارته لجرحى في وسط إسرائيل: «ما نتوقعه من سوريا هو، بطبيعة الحال، إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح من دمشق إلى منطقة العازل، بما في ذلك المداخل المؤدية إلى جبل هرمون وقمته». وأضاف: «نحافظ على هذه المناطق لضمان أمن مواطني إسرائيل، وهذا ما يلزمنا». وتابع: «بنية حسنة وفهم لهذه المبادئ يجعلان التوصل إلى اتفاق مع السوريين ممكناً، لكننا سنتمسك بمبادئنا في كل الأحوال».
تسعى إدارة ترامب للتوسط في ميثاق عدم اعتداء بين البلدين، وأبدى الرئيس دعمه للرئيس السوري الجديد أحمد الشراا، ممدحاً ما وصفه بالتقدّم المحقّق تحت حكومته الوليدة التي وعدت بتوحيد سوريا بعد سنوات من الحرب الأهلية والانقسامات الطائفية. وكتب ترامب: «الولايات المتحدة راضية جداً عن النتائج التي ظهرت بعمل دؤوب وعزيمة في دولة سوريا. نحن نفعل كل ما في وسعنا لضمان استمرارية الحكومة السورية في ما كان المقصود منها، وهو أمر جوهري لبناء دولة حقيقية ومزدهرة». وأضاف: «رئيس سوريا الجديد، أحمد الشراا، يعمل بجد لضمان أن تسير الأمور نحو الأفضل، وأن تحظى سوريا وإسرائيل بعلاقة طويلة ومزدهرة معاً».
بعد تصريحات ترامب بوقت قصير، أعلن مكتب نتنياهو أن الزعيمين تبادلا اتصالاً هاتفياً. احتدمت التقارير في الإعلام الإسرائيلي أن المفاوضات بشأن تسوية وصلت إلى طريق مسدود، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى رفض نتنياهو التراجع عن احتفاظ إسرائيل بالمناطق التي استولت عليها خلال العام الماضي. كما طالب الجانب الإسرائيلي، بحسب تقارير، بالسماح له بالحفاظ على ممر جوي فوق سوريا يفضي إلى إيران لاستخدامه عند الحاجة في ضربات جوية مستقبلية.