نعم — رابطة مكافحة التشهير واجهة سياسية متنكِّرة في زي جهة رقابية التعليم

يصعب تخيل منعطف أكثر غرابة في حملة MAGA ضد «الوعي الاجتماعي» من إعلان مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كاش باتيل أن المكتب يقطع علاقاته مع رابطة مكافحة التشهير (ADL). في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي كتب باتيل أن الوكالة «لن تتعاون مع واجهات سياسية تتخفى في هيئة مرقبات». وجرى هذا القرار بعد رد فعل يميني عنيف جراء إدراج الـADL لمنظمة Turning Point USA وزعيمها الراحل تشارلي كيرك في «مسرد التطرف».

ليس من المستغرب أن المنظمة، التي تعاون معها مكتب التحقيقات لعقود طويلة في ملفات تتعلق بتعقّب معاداة السامية وأشكال التطرف الأخرى، سارعت إلى تسمية كثير من «أبحاثها» بأنها «قديمة» وشرعت في محو مواد على مواقعها تنتقد شخصيات ومنظمات محافظة.

لا يخطئ باتيل حين يصف الـADL بأنها منظمة سياسية بعمق. فقد تأسست عام 1913 «لمنع تشويه سمعة الشعب اليهودي وتأمين العدالة والمعاملة العادلة للجميع»، لكن منذ سبعينيات القرن الماضي تحوّلت تركيزها تدريجياً إلى حماية إسرائيل من النقد. بالتوازي، راقبت أيضاً التطرف العنصري اليمـني والعداء للمثليين والمتحولين جنسيًا لتبقى متماسكة داخل التجمع اليهودي الليبرالي في الولايات المتحدة.

اليوم تدّعي الـADL أنها من المنظمات الرائدة في الولايات المتحدة في مكافحة معاداة السامية وأشكال الكراهية الأخرى. ولكن في الواقع، لا يزال هدفها الأساسي حماية إسرائيل من أي نقد منظم، مستغلة مواردها الكبيرة لضمان تصنيف أي نقد جاد ومنهجي لسياساتها — حتى لو كان من قِبَل يهود — على أنه معاداة للسامية، ومعاقبة الناقدين حينما أمكن ذلك.

كانت الـADL شريكًا مقربًا لإدارة جو بايدن في حملتها ضد تعبئة مؤيدي فلسطين في حرم الجامعات، وحتى الأسبوع الماضي كانت تُعدّ شريكًا مقربًا لإدارة دونالد ترامب أيضًا. وفي ستار «مكافحة معاداة السامية» على الحرم الجامعي ساهمت المنظمة في الهجوم الهائل على حرية المعارضة وحرية الفكر في مؤسسات التعليم العالي الأميركية.

عندما اندلعت تظاهرات مؤيدة لفلسطين في جامعة كولومبيا عام 2024، مما فجّر موجة احتجاجات مماثلة في أنحاء البلاد، تصدّرت الـADL الهجوم على الجامعة، داعية إلى «إجراءات سريعة» ضد «معاداة سامية عنيفة» في الحرم الجامعي. بالنسبة لإدارة بايدن، كان التشدد السريع والحازم في مواجهة احتجاجات الطلاب أمراً بالغ الأهمية لتمكينها من المضيّ في سياستها الداعمة لإسرائيل بلا قيد أو شرط بينما كانت تُصعّد الحملة العسكرية في غزة دون ردّ فعل شعبي كبير.

يقرأ  مظاهرات حاشدة في مانيلا احتجاجاً على فساد مشاريع السيطرة على الفيضاناتأخبار الاحتجاجات

بالنسبة لإدارة ترامب، كانت الـADL ومنظمات يهودية مؤيدة لإسرائيل تؤدي دورًا آخر: التركيز المستمر على ما سُمّي «معاداة السامية الجديدة» التي تداخَلت بسلاسة مع معاداة الصهيونية والتي قيل إنها اخترَت التعليم العالي، كان هراوة مثالية لتأديب الجامعات وإخضاعها.

من خلال تواطؤها الوثيق مع الحكومة، تمكنت الـADL من ممارسة خدعة «مُحرِق الحرائق والإطفائي» الكلاسيكية: تتهم الجامعات في أنحاء البلاد بمعاداة السامية، ثم تعرض نفسها كمنظمة قادرة على إخماد «النار المعادية لليهود».

كيف تعمل الخدعة؟ تصدر الـADL بيانات متواصلة تنتقد الجامعات لتغاضيها أو فشلها في محاربة معاداة السامية داخل الحرم الجامعي. على نحو خاص، بطاقة تقرير معاداة السامية التي تصدرها — والتي تعرّضت لانتقادات شديدة بسبب منهجية معيبة — تمنح تقارير جامعات على أساس مدى انتشار معاداة السامية فيها.

مماثلًا لترتيبات تصنيف الكليات مثل US News، قد تلطّخ «درجة» سيئة تمنحها الـADL سمعة مؤسسة تعليمية لدى شريحة مهمة من الشباب الجامعي. ثم تدفع اتهامات معاداة السامية المتبرعين البارزين للجامعات إلى تهديد سحب دعمهم.

ونظرًا لوصولها إلى مراكز النفوذ السياسي — على الأقل حتى الآن — فقد كانت الـADL في موقع مناسب للتعاون في معالجة ما يُزعم من معاداة السامية على الحرم الجامعي وطمأنة المانحين والحكومة.

وهكذا، على سبيل المثال، أعلنت جامعة كولومبيا في يوليو أنها ستتعاون مع الـADL لإنشاء برامج تهدف إلى مكافحة معاداة السامية.

كم تُدفع للـADL لقاء هذه التعاونات وغيرها؟ لم ترد المنظمة على المكالمات والبريد الإلكتروني لطلب تعليق، لكن من تصريحاتها الذاتية يتضح أن لديها «تعاونات» و«شراكات» مع عدد كبير من الجامعات عبر برامج مختلفة — ولا يوجد رقم دقيق متاح للعامة.

وللتدليل بإحصائية داخلية، تفخّرت الـADL بأنها «أشركت أكثر من 56,000 عضو هيئة تدريس وموظف وإداري وطالب في 900 حرم جامعي عبر البلاد» في برامجها المعروفة بـCampus of Difference، رغم أن البرنامج، على نحو مماثل لـ«مسرد التطرف»، أُزيل من الإنترنت منذ عودة ترامب إلى السلطة، ربما لأنه استعمل مصطلحات مثل «التنوع» و«الشمول».

يقرأ  صور: معاناة العائدين الأفغان في ظل أزمات اقتصادية ومناخية— أخبار اللاجئين

وليس الـADL وحدها من استفاد من إذكاء حملة معاداة السامية في الحرم الجامعي.

جامعة براون، التي أبرمت اتفاقًا مع إدارة ترامب في وقت سابق من هذا العام، التزمت بزيادة التعاون مع Hillel. وكذلك فعلت جامعة بنسلفانيا، التي باتت تتيح التبرعات لـHillel أن تُقدّم مباشرة عبر الجامعة. وما أدهشني بصفتي عضوًا في هيئة التدريس بجامعة كاليفورنيا هو تعهّد UCLA مؤخرًا بمبلغ 2.3 مليون دولار لثماني منظمات «تحارب معاداة السامية»، من بينها الـADL وHillel — وكلها مناصرة لإسرائيل بلا تردّد.

مع كل ذلك، لعبت الـADL، إلى جانب منظمات مؤيدة لإسرائيل أخرى، دورًا محوريًا في الضربة القاضية لحرية الأكاديميا والإدارة المشتركة، مجبرة قيادات الجامعات على الانحراف نحو اليمين للحفاظ على عشرات المليارات من تمويلات البحث العلمي. وقد سهّلت بذلك مشروعًا أوسع لإعادة تشكيل الجامعة كنظام يعيد إنتاج محافظة آليّة في المجتمع.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن مع هذا الهجوم المباشر المفاجئ من مسؤولين كبار في إدارة ترامب وشخصيات محافظة هو: هل هذه المنظمات المؤيدة لإسرائيل، بعد أن أدّت دورها ببراعة مفرطة، باتت لم تعد ضرورية، وسيترك المجال الآن لخطاب معادٍ لإسرائيل — وربما معادٍ لليهود — يتصاعد وسط قاعدة ترامب؟ في ضوء الأحداث، بدا أن دعم الرابطة الأميركية لمناهضة التشهير (ADL) المُتملّق لإيلون ماسك بعد تحيته النازية وتصريحاته المعادية للسامية ينبع من شعور لدى قيادتها بأن موقفها سيكون أضعف أمام ترامب منه أمام بايدن.

دليل آخر على هذا الإدراك يأتي من ادعاء الرابطة في تقرير جديد أنها تهتم بـ«أعضاء هيئة تدريس يهود تحت النار» من زملاء واحتجاجات يصوّون أنفسهم كـ«مناهضين للصهيونية» بينما هم في الواقع معادون للسامية.

مثل هذا النحيب في لحظة حاز فيها التيار المؤيد لإسرائيل دعماً غير مسبوق على أعلى مراتب السلطة يفضح خطاباً يصغّر اليهود ويعاملهم كأطفال — وهو خطاب يدينه الواقع بذاته، لكنه أيضاً مؤشر على انعدام أمن متزايد داخل المؤسسة المؤيدة لإسرائيل. فجأة، انه صار هدف غضب المحافظين، فتحتاج المؤسسة إلى أن يشعر اليهود بخوف أكبر للحفاظ على دعم هش داخل المجتمع.

يقرأ  تحالف الطاقة المتجددة يحشد ٤٫٢ مليار دولار لتمويل مشاريع خضراء في أفريقيا

ومن النتائج غير المقصودة لانقطاع الرابطة عن التيار المؤيد لترامب أن يمنح أعضاء هيئة التدريس والطلاب اليهود مجالاً أوسع للتنفّس ولإدراك امتيازنا النسبي ومسؤوليتنا في الوضع الراهن. هذا الأمر سيكون مرحباً به بالتأكيد.

قبل سبعين عاماً، قُدّمت والدتي منعاً من الالتحاق بكولومبيا بسبب حصص معروفة تستهدف اليهود. وبعد ثلاثين عاماً، عندما درست في جامعة مدينة نيويورك (CUNY)، اختلطت اتهامات بعض أعضاء هيئة التدريس هناك بأن اليهود كانوا غالبية في تجارة الرقيق بحوادث عنف بين السود والحريديم في بروكلين وصعود شعبية «أمة الإسلام» لتكوّن خليطاً سميماً ظاهرياً لطلبة يهود في كلية عامة حضرية.

كانت الرابطة حاضرة آنذاك، لكنها كانت تركز على التجسّس على حركة مناهضة الفصل العنصري — سياسة تواصلها اليوم تجاه ناشطين تقدميين — والدفاع عن إسرائيل أمام الحركات الناشئة ضد الاحتلال. نحن، طلبة الجامعات اليهود، تُركنا إلى حد كبير ولحسن الحظ نعتمد على أنفسنا. مثل كل أقلية أخرى — وأكثر اضطهاداً منّا بكثير — تعلّمنا ما نتجاهله وما نستفاد منه، ومتى نثبت موقفنا أو نتصدى، ومتى نترك الأمور تمضي. بمعنى آخر، تعلّمنا كيف نتعامل مع مزعجات الحياة كراشدين.

قد يفتح صفع MAGA لِـADL مساحة أكبر لانتقادات متنامية لإسرائيل ولأن نتحلّى جميعاً بنضج أكثر قليلاً في مناقشات فلسطين وإسرائيل. أما ما إذا كانت قيادات الجامعات ستغتنم الفرصة لتأكيد استقلالها والدفاع عن الحرية الأكاديمية، أم ستواصل بيع الضمائر والإبلاغ عن الأسماء، فتبقى للأسف مسألة مفتوحة.

الآراء الواردة هنا هي رأي الكاتب وحده ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري للجزيرة.

أضف تعليق