نقص المواهب — المشكلة ليست في الأشخاص بل في المهارات

لماذا أصبحت المهارات أهم من المؤهلات

كان هناك زمن اعتُبرت فيه الشهادات هي المعيار الوحيد. إن امتلاكك لشهادة كان يكفي لفتح أبواب كثيرة: وظيفة، عمل تجاري، ومكانة اجتماعية. لكن ذلك العصر ولى. خلال العقود الماضية تغيّر العالم، وأصبحت المهارات هي الشرط الحقيقي للنجاح. سواء كان الهدف الحصول على وظيفة ذات أجر مرتفع، أو إدارة مشروعك الخاص، أو إنجاز مهام يومية بكفاءة، فالمهارات هي الأساس.

ليس ذلك معناه أن المؤهلات باتت بلا قيمة. الشهادات لا تزال مهمة، لكن المشكلة أن الاعتماد على المؤهل وحده لم يعد كافياً. ما يحدد مستقبل الإنسان اليوم هو قدرته على الجمع بين المؤهل والمعرفة العملية والمهارات المطلوبة في السوق.

المهارات مقابل المؤهلات: ما الفارق؟
المؤهلات هي اعتراف رسمي — شهادات، دبلومات، أو تراخيص تثبت أنك درست مجالاً معيناً. أما المهارات فمتعلّقة بالقدرة على الفعل والعمل، سواء ترافقها شهادة أم لا. تخيّل ميكانيك سيارات تعلم البرمجة بشكل ذاتي بدون شهادة في علوم الحاسب؛ هذا المعرف يصبح جزءاً من مجموعة مهاراته ويمنحه أفضلية كبيرة على من يكتفي بمؤهلاته فقط. المؤهلات تفتح الباب، لكن المهارات توسّع الفرص.

لماذا يفتقر الجيل الجديد للمهارات؟
إذا كانت المهارات بهذه الأهمية، فلماذا يدخل كثير من الشباب سوق العمل دونها؟ تقرير حديث لـ Cengage Group أشار إلى أن 30% فقط من خريجي عام 2025 حصلوا على وظائف بدوام كامل مرتبطة بتخصصهم، بينما شعر نحو 48% بأنهم غير مستعدين حتى للتقدم لوظائف مبتدئة. ودراسة أخرى أظهرت أن 45% من الطلاب عالمياً شعروا بأنهم جاهزون للحياة بعد المدرسة — الفجوات واضحة. الأسباب الرئيسية تشمل:

– الاعتماد على التقنية: اليوم تكاد كل مهمة يُنجزها جهاز أو تطبيق. من طلب قهوة إلى كتابة سيرة ذاتية — تقنيات الذكاء الاصطناعي توفر الوقت لكنها تخلق اعتياداً على تجاوز عمليّة التعلم. إذا قامت التقنية بالمهمة نيابةً عنك، لماذا تسعى لإتقانها بنفسك؟
– فجوة في البرامج التعليمية: لا تزال العديد من المدارس والجامعات تتبع مناهج قديمة تهيئ للامتحان لا لحل مشكلات العالم الحقيقي.
– التعلم السلبي: يستهلك الشباب محتوى كثيراً لكنهم لا يمارسون ما يتعلمون. المعرفة النظرية لا تعني القدرة التطبيقية.

يقرأ  بعد أسبوعين على تولّي ترامب السلطة... هل شهدت واشنطن العاصمة تراجعًا في معدلات الجريمة؟

لهذا تصرخ الشركات اليوم بعجز في المواهب. ليس عجزاً في الأشخاص، بل في الأشخاص الذين يمتلكون المهارات المناسبة.

كيف يؤثر غياب المهارات على المستقبل؟
لنكن صريحين: المهارات لم تعد خياراً. للأطفال، وطلبة الجامعات، والموظفين الجدد، لا بد من تعلم مهارات عملية لتأمين المستقبل. قد تحصل على وظيفتك الأولى بفضل مؤهلاتك، لكن ماذا لو أدخلت شركتك نظام ذكاء اصطناعي أو برنامجاً جديداً؟ إن لم تتكيّف، ستتراجع بسرعة. في بعض القطاعات، موظف ماهر واحد مزوّد بالأدوات المناسبة قد يقوم بعمل عشرة موظفين يعتمدون على أساليب قديمة.

هذا لا يعني أن تحاول تعلم كل شيء؛ الأمر مستحيل. المطلوب هو التركيز على تعلم المهارات الملائمة لمؤهلاتك واهتماماتك واتجاه مهنتك. هذا لا يضمن فقط ثباتك في العمل، بل يبني ثقة واقعية بأدائك.

أين تكسب المهارات؟
الخبر السار أن اكتساب المهارات اليوم أسهل من أي وقت مضى. ليس عليك انتظار برنامج جامعي رسمي. المعرفة في متناول اليد إن رغبت البحث. بعض مصادر البناء الفعّالة:

– منصات التعليم الإلكتروني: مثل Coursera وLinkedIn Learning وUdemy وedX.
– برامج في مكان العمل: كثير من الشركات تستثمر الآن في تطوير موظفيها لتظل قادرة على المنافسة.
– المجتمعات والمصادر غير الرسمية: دروس يوتيوب، منتديات، مدوّنات، ومجموعات نقاش تقدم رؤى عملية قابلة للتطبيق الفوري.
– رؤى التوظيف: وكالات التوظيف المتقدّمة تنشر مدوّنات وموارد حول المهارات المطلوبة الآن، وهي قيّمة لأنها تحدّد ما يبحث عنه أصحاب العمل.

المهم ألا تظل منتظراً. تولّ زمام تعلمك بنفسك، ابدأ بمهارات صغيرة قابلة للإدارة وذات صلة بمجال عملك. مع الوقت سترى كيف يصبح كل مهارة جديدة طبقة حماية لمستقبلك.

خلاصة
عندما نسمع عن نقص المواهب فهو ليس نقصاً في الناس بقدر ما هو نقص في المهارات. الشهادات تبقى جزءاً من المعادلة، لكنها ليست القصة كاملة. الفارق الحقيقي يتحقق بامتلاك المهارات الملائمة التي تمكنك من التكيّف والتطوّر وإثبات قيمتك في سوق العمل.

يقرأ  الجمال في الهاويةفنّ جانيس سونغ

الرسالة للطلاب والموظفين وحتى الشركات واضحة: استثمروا في المهاره الآن، فالوقت لا ينتظر. لم أجد نصاً في رسالتك. هل يمكنك إرسال النص الذي تريد إعادة صياغته وترجمته، من فضلك؟

أضف تعليق