نمط مقلق قاضٍ أميركي يوبّخ «زلات» في لائحة اتهام جيمس كومي أخبار دونالد ترامب

قاضٍ اتحادي يصدر توبيخاً لاذعاً لإدارة ترامب بشأن لائحة اتهام جيمس كومي

أصدر قاضٍ مُفوَّض بالمحكمة الفيدرالية لانتريدراليا في فرجينيا، ويليام فيتزباتريك، قراراً حازماً ينتقد طريقة تعامل إدارة الرئيس دونالد ترامب مع لائحة اتهام موجهة إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، جيمس كومي.

أمر الاستثنائي وإتاحة المستندات

في قرار غير معتاد صدر يوم الاثنين، قضى فيتزباتريك بإتاحة كل مواد هيئة المحلفين الكبرى المتعلقة باللائحة. لم يجعل القاضي الموادّ متاحة للعامة، بل قرر أنها ستُمنح لفريق دفاع كومي بعدما طلب الأخير إلغاء الاتهام، لكنه اعتبر أن الشفافية الموسعة ضرورية في هذه الحالة.

أساس القرار: شبهة سوء سلوك حكومي

أوضح القاضي أن ثمة “أساساً معقولاً للتشكيك في ما إذا كان سلوك الحكومة متعمداً أو بغضّ النظر الطائش عن القانون”، وأن ذلك يستلزم فحص المستندات. واستعرض في قرار مطول من 24 صفحة عدة مخالفات إجرائية وموضوعية، تتراوح بين طرق الحصول على الأدلة وادعاءات عن تصريحات من النيابة قد تكون أثّرت على هيئة المحلفين الكبرى.

أمثلة على المخالفات

أشار فيتزباتريك إلى وجود ثغرات في السجل القضائي للجلسات وطرح تساؤلات حول اكتمال نسخ محاضر وتسجيلات مداولات هيئة المحلفين الكبرى، خاصة أن الملف الأوّل الذي عرضه الادعاء قوبل بالرفض، ثم في غضون ساعتين تقريباً قدمت له هيئة المحلفين لائحة ثانية أُعلن عنها بسرعة أثارت ريبة القاضي فيما يخص كفاية الوقت لصياغة وتقديم تلك اللائحة وإعطاء التعليمات القانونية المناسبة للمحلفين.

كما تساءل القاضي عن كيفية استخدام محققي الحكومة لأوامر تفتيش أُصدرت في قضية مختلفة، بهدف جمع أدلة لصياغة الاتهام ضد كومي، مع إشارة إلى أن تلك الأوامر كانت مخصّصة في الأصل للتحقيق في دانيال ريتشمان، شريك كومي، في تحقيق يتعلق بسرقة محتملة لممتلكات حكومية وجمع غير قانوني لمعلومات تتعلق بالأمن القومي. لم تُقدَّم لوائح اتهام في ملف ريتشمان، وأُغلقت التحقيقات فيه عام 2021، قبل أن تعاد مراجعة تلك المواد في صيف 2025.

يقرأ  بليز توافق على استضافة طالبي اللجوء المتجهين إلى الولايات المتحدة

المخاوف الدستورية

حذّر فيتزباتريك من أن استخدام الحكومة لتلك الأوامر قد ينتهك التعديل الرابع من الدستور الأمريكي، الذي يحظر التفتيش والمصادرة غير المعقولة، واصفاً تصرفات وزارة العدل بأنها “مستهترة” وبأن لا احتياطات كافية اتُّخذت لحماية معلومات قد تكون محمية بالسرية القانونية أو بالامتياز. وذكر أن النيابة لم تطلب إصدار أمر جديد رغم أن التحقيق لعام 2025 تناول شخصاً ونظرية قانونية ووقائع جنائية مختلفة، وربما كان ذلك لتجنّب وقوع تقادم المدة القانونية.

مزاعم بشأن عرض الأدلة على هيئة المحلفين

نوَّه القاضي كذلك إلى أن بعض التصاريح التي قُدمت إلى هيئة المحلفين الكبرى قد تكون مضللة أو خاضعة للحجب في نص القرار، لكنها وُصفت على أنها “تحريفات أساسية للقانون قد تُضعف سير عمل الهيئة”. من بينها ما قد حمّل كومي عبء الإثبات بطريقة غير لائقة، أو ألمح إلى أن الهيئة ليست مُقيدة بما قد قدِّم أمامها من سجل وأن مزيداً من الأدلة قد يُعرض لاحقاً، مما قد يؤثر على تصور المحلفين لاحتمال وجود سبب محتمل.

خلفية المدعية الفدرالية المؤقتة

تُضاف هذه التطورات إلى موجة تدقيق أصابت المدعية الفيدرالية المؤقتة ليندسي هاليغان، التي كانت محامية خاصة لترامب قبل أن يُعيّنها الأخير في منصب مدعية الولايات المتحدة بالمنطقة الشرقية لفرجينيا. هاليغان، المتخصصة في قانون التأمين والتي لم تملك سابقاً خبرة اتهامية قضائية واسعة، تولّت المنصب في 22 سبتمبر، وبحلول 25 سبتمبر قدّمت أول لائحة اتهام كبرى ضد كومي. تبعتها لوائح أخرى في أكتوبر استهدفت شخصيات بارزة من منتقدي ترامب، بينها المدعية العامة بنيويورك ليتيتيا جيمس ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، وجميعهم نفوا ارتكاب مخالفات وسعوا لرفض الدعاوى، متهمين الرئيس باستخدام النظام القضائي كأداة تصفية سياسية.

يقرأ  ٧ استراتيجيات فعّالة للتسويق عبر النشرات الإخبارية لبرمجيات الشركات

مسألة الشرعية في التعيين

خلال جلسات سابقة طعن كومي وجيمس في مشروعية تعيين هاليغان، وطرحت قاضية الدائرة، كاميرون ماكغووان كوري، تساؤلات عن فراغات في سجل هيئة المحلفين الكبرى عند استعراض لائحة اتهام كومي، بما في ذلك غياب كاتب جلسة في أجزاء معينة من الملف، وهو ما كرره فيتزباتريك في تدقيقه.

قرار استثنائي لكنه مبرر

اعترف القاضي بأن طلب الكشف عن سجلات هيئة المحلفين الكبرى يعد “علاجاً استثنائياً”، لكنه رأى أنه مبرر أمام “احتمال أن تكون سير العملية قد تلوث بسلوك حكومي يرقى إلى سوء تصرف”. كما أشار إلى أن الإنصاف الذي تطلبه هيئة الدفاع نادراً ما يُمنح، مما يبرز استثنائية ما جرى في هذه القضية.

خلاصة الوضع الراهن

القرار يضع وزارة العدل ونائبها المؤقتة تحت مزيد من التدقيق، ويفتح الباب أمام مراجعات موسعة لطريقة جمع الأدلة وتقديمها أمام هيئات التَّحقيق، كما يوفّر لفريق دفاع كومي فرصة للاطلاع على كامل مواد هيئة المحلفين الكبرى التي قد تؤثر على مصير اللائحة المرفوعة ضده. القرار لا يعلن إلغاء الاتهامات لكنه يمنح دفاع كومي أدوات إضافية للطعن في شرعية الإجراءات المتبعة.

أضف تعليق