تصعيد جديد في استخدام القوة الاتحادية
إرسال قوات إلى أوريغن من قِبَل إدارة ترامب يمثل أحدث حلقة في سياسة التدخل الفيدرالي التي يبرّرها الرئيس بوصف المدن التي تديرها أحزاب ديموقراطية بأنها تعج بالجريمة. الحرس الوطني لكاليفورنيا، وفق حاكم الولاية غافن نيوسوم، تم «فدرلته» ووضعه تحت أمر القيادة الرئاسية قبل أشهر، في خطوة أثارت اعتراضات الولاية.
نيوسوم وصف القرار يوم الأحد بأنه «إساءة مدهشة للسلطة والقانون» وتعهد بمقاضاة الإدارة في المحاكم. وأضاف أن استخدام القوات العسكرية الاتحادية كأداة سياسية ضد المواطنين الأميركيين يتطلب ردًّا قانونيًّا وشعبيا.
لم يصدر إعلان رسمي من واشنطن يتضمن تفاصيل نشر القوات، كما حصل سابقًا عندما أعلن حاكم إلينوي عن تنشيط قوات الولاية. وفي ولاية أوريغن أصدرت محكمة اتحادية مؤقتًا قرارًا يمنع نشر الحرس الوطني في بورتلاند لحماية ممتلكات فيدرالية، بعد أن وصف الرئيس المدينة بأنها «مزقت بالحرب».
القاضية الفدرالية كارين إيميرغوت، التي عيّنها ترامب في ولايته الأولى، قالت إن الاحتجاجات المحدودة التي شهدتها المدينة لا تبرر استخدام قوات فدرالية وأن السماح بالنشر قد يضر بسيادة الولاية. وذكرت في قرارها أن للتاريخ الأميركي تقليدًا عريقًا في مقاومة تجاوز الحكومة، خصوصًا عند محاولات التدخل العسكري في الشؤون المدنية، وختمت بأن الأمة قائمة على دستور لا على قانون عسكري.
التدخل الاتحادي آخذ في الانتشار
النشر المحتمل للحرس الوطني في بورتلاند يندرج في إطار تصعيد أوسع لتوظيف التدخل الفيدرالي في مدن تديرها أحزاب معارضة، حيث تحدث الرئيس عن إرسال أو إمكانية إرسال قوات إلى نحو عشر مدن مثل بالتيمور، ممفيس، واشنطن العاصمة، نيو أورلينز، وأوكلاهد، سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس في كاليفورنيا.
في لوس أنجلوس نشر ترامب عناصر من الحرس الوطني ومشاة بحرية نشطة خلال الصيف رغم اعتراضات نيوسوم، الذي رفع دعوى قضائية وحصل على أمر مؤقت بعد أن خلصت محكمة فدرالية إلى أن خطوة النشر قد تكون غير قانونية. وفي واشنطن، بدأت قوات الحرس الوطني بدوريات مسلحة في أغسطس أُخِذ لها تصريح باستخدام القوة «كملاذ أخير».
البيت الأبيض أكّد أن الرئيس فوّض استخدام عناصر الحرس الوطني في إلينوي لحماية ضباط وممتلكات فيدرالية في شيكاغو، مستشهدًا بما وصفته المتحدثة باسم البيت الأبيض بأنه «أعمال شغب عنيفة وفوضى لم ينجح القادة المحليون في احتوائها». وقد وصف ترامب كل من بورتلاند وشيكاغو بأنهما مسرحان للجريمة والاضطراب، ووصف الأولى بأنها «منطقة حرب» واقترح أن القوة الشديدة قد تكون ضرورية لاحتواء الوضع في الأخرى.
الواقع الإجرامي لا يتطابق دائمًا مع الخطاب
ورغم التأكيدات الرئاسية، تظهر بيانات أن معدلات بعض الجرائم في كبريات المدن الأميركية تراجعت مؤخرًا. نيو أورلينز، على سبيل المثال، شهدت انخفاضًا حادًا في 2025 ما يضعها على مسار لتحقيق أدنى عدد وفيات ناجمة عن جرائم قتل خلال أكثر من خمسين عامًا.
النقاش الآن يدور حول مدى شرعية وملاءمة استخدام السلطة الفدرالية في مواجهة احتجاجات مدنية ومحاولات الحفاظ على الممتلكات الفدرالية، والتوازن بين الأمن وحماية سيادة الولايات وحريات المواطنين. السلطات الفدراليه—والمحاكم—ستظل حاسمة في تحديد مَن يملك الكلمة الأخيرة.