هل تستطيع أستراليا تلبية حاجة الولايات المتحدة من المعادن النادرة بعد قيود الصين؟ | أخبار الأعمال والاقتصاد

أستراليا تراهن على ثغرة سوقية في المعادن النادرة

قد تكون أستراليا قد رصدت فجوة مربحة في السوق تتعلق بالمعادن النادرة، وهي عناصر حيوية للصناعات الدفاعية ولتصنيع مكونات أساسية لتطوير الذكاء الاصطناعي مثل أشباه الموصلات. الأسبوع الماضي شدّدت الصين، التي تهيمن على إمدادات هذه المعادن الحرجة، إجراءاتها على تصديرها، فباتت تقيّد صادرات 12 من أصل 17 عنصراً نادرَ الأرض في الجدول الدوري. وتُستخرج نحو 70٪ من هذه المعادن في الصين، بينما تُعالج حوالي 90٪ منها داخلها.

الولايات المتحدة وغيرها من الدول تُعاني نقصاً ملحّاً في هذه المواد، ويشير محلّلون إلى أن بكين قد تستغل التحكم في الإمدادات كورقة ضاغطة في مفاوضاتها التجارية مع واشنطن. وجاءت إعلان القيود الجديدة قبل أسابيع من اللقاء المرتقب بين دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ.

خطوة أسترالية لملء الفراغ

لكن يوم الخميس بدا أن أستراليا تسعى لملء هذا الفراغ، عندما صرّح وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز للصحفيين في واشنطن بأن «أستراليا في موقع جيد للغاية» لتلبية الاحتياج العالمي من المعادن النادرة. وأضاف أننا «سنتعاون مع شركائنا لنضمن أن نكون مورداً موثوقاً لتلبية احتياجات المعادن الحرجة للولايات المتحدة والأسواق الأخرى»، وذلك قبيل محادثاته مع كيفن هاسِّت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني الأميركي.

في 24 سبتمبر التقى وزير التجارة الأسترالي دون فاريل بنظيره الأميركي جيمسون غرير في ماليزيا، ووفق تقرير لـ ABC سأل فاريل: «كيف يمكننا مساعدة أميركا على أن تصبح عظيمة مجدداً؟» فكان رد ممثل التجارة الأميركي: «أعطونا معادنكم الحرجة». وبعد وقت قصير أكدت البيت الأبيض أن ترامب سيلتقي رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني آلبانيز في المكتب البيضاوي في 20 أكتوبر. يبدو أن المعادن الحرجة ستتصدر المحادثات.

ما هي المعادن النادرة ولماذا تهمّ؟

يقرأ  مودي يؤكد لشي التزام الهند بتعزيز العلاقات مع الصين قبيل قمة منظمة شنغهاي للتعاون

هناك 17 عنصراً نادراً للأرض: 15 من اللانثانيدات بالإضافة إلى السكانديوم والإيتريوم. تلعب دوراً محورياً في صناعة المغناطيسات المستخدمة في تقنيات متقدمة، من السيارات الكهربائية وأجهزة أشباه الموصلات إلى التجهيزات العسكرية الحديثة.

وصفت هايلي تشانر، المديرة في مركز الدراسات الأميركية في سيدني، لقاء ترامب وآلبانيز بأنه «حاسم». وقالت لـ ABC إن واشنطن كانت قلقة منذ زمن من «مرور المعادن الأسترالية دائماً عبر الصين»؛ فعلى سبيل المثال، تُعالج 90٪ من الليثيوم الأسترالي في الصين. ويرجع ذلك إلى أن الصين بنت تجمعاً واسعاً من الخبرات في الجامعات والمؤسسات المملوكة للدولة لمعالجة هذه المعادن، وشبكات البحث والتطوير فيها متقدمة لسنوات عن بقية الدول.

رد أستراليا كان معلوماً: قبل الانتخابات البرلمانية في مايو الماضي أعلن آلبانيز خطة لإنشاء احتياطي للمعادن الحرجة بقيمة 1.2 مليار دولار لدعم تطوير القطاع الأسترالي، مع تركيز خاص على تقنيات المعالجة.

الموارد والصفقات

تمتلك أستراليا بعض أهم المعادن النادرة عالمياً — مثل النيوديميوم المستخدم في مغناطيسات توربينات الرياح — لكن احتياطياتها من المعادن الحرجة تقدر بنحو سدس احتياطي الصين، وفقاً للمسح الجيولوجي الأميركي. ومع ذلك، جرى توقيع صفقات بالفعل: في 8 أكتوبر دخلت شركة Noveon Magnetics الأميركية في شراكة مع شركة Lynas الأسترالية لتوريد مغناطيسات لشركات الدفاع الأميركية، ما دفع سهم Lynas إلى أعلى مستوى له منذ 14 عاماً.

توسيع القيود الصينية

أضافت الصين الأسبوع الماضي خمسة عناصر جديدة (الهولميوم، الإرْبيوم، الثوليوم، اليوروبيوم والإيتربيوم) إلى قائمة سبعة عناصر كانت بالفعل خاضعة لقيود التصدير، فأصبح العدد الإجمالي 12. وفي المستقبل سيضطرّ الشركات الأجنبية إلى الحصول على موافقات خاصة من وزارة التجارة الصينية قبل شراء مغناطيسات نادرة أو مواد أشباه موصلات تحتوي على 0.1٪ على الأقل من العناصر النادرة الثقيلة، مع مطالبة المتقدّمين بتفصيل الاستخدام المقصود من هذه المواد. وبررت بكين هذه الإجراءات بمسوغات الأمن القومي، قائلة إن «مواد نادرة الأرض لها استخدامات مزدوجة مدنية وعسكرية، وفرض ضوابط تصدير عليها ممارسة دولية».

يقرأ  الصديق المقرب لترامب — السفير الأميركي الجديد لدى الهند

كما فرضت قيوداً على تصدير معدات تكنولوجية متخصّصة لتكرير هذه المعادن، ومن المقرّر أن تدخل معظم هذه الأحكام حيّز التنفيذ في الأول من ديسمبر.

ردّ الولايات المتحدة وتصاعد التوتر

هدّد دونالد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 100٪ على الواردات الصينية اعتباراً من 1 نوفمبر، واعتبر أن قرارَه ردّ على «خطوات عدائية» من بكين. لو نُفّذ هذا القرار سيتصاعد معدل الرسوم الجمركية على العديد من السلع الصينية إلى نحو 130٪، وهو ما يقلّ قليلاً عن مستوى 145٪ الذي فُرض في وقت سابق من العام قبل أن تُخفّف الرسوم في مايو للسماح بمحادثات تجارية. لكن النزاع الأخير حول المعادن النادرة أعاد احتمال إشعال حرب تجارية جديدة بين أقوى اقتصادين في العالم.

وفي مقابلة مع Fox Business قال سكوت بيسّنت، وزير الخزانة الأميركي: «هذا صراع الصين مع العالم. لقد وجّهوا سلاحاً دمارياً لسلاسل الإمداد والقاعدة الصناعية للعالم الحر، ولن نقبل بهذا».

العلاقات الأميركية–الأسترالية

أُنشئ «فريق عمل المعادن الحرجة» بين الولايات المتحدة وأستراليا في عهد بايدن، لكن العلاقات الاقتصادية توتّرت هذا العام عندما فرض ترامب رسوماً عامة بنسبة 10٪ على معظم الصادرات الأسترالية. كما طُرح جدل حول مستوى إنفاق أستراليا في إطار ميثاق أمان ثلاثي مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة (AUKUS)، إذ تنفق كانبرا نحو 2٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو أدنى من هدف 3.5٪ الذي طالب به ترامب من حلفائه. وأطلقت واشنطن مراجعة للميثاق هذا العام يقودها إلبريدج كولبي، مساعد وزير الدفاع لشؤون السياسة، الذي أبدى شكوكاً سابقة تجاه AUKUS.

مع ذلك، تبدو العلاقة الشخصية بين آلبانيز وترامب ودّية؛ بعد فوز آلبانيز في مايو تلقّى مكالمة تهنئة من الرئيس الأميركي ووصفت بأنها «دافئة وبَنّاءة». وعبّر ترامب عن تقديره لآلبانيز قائلاً إنه «لطيف ومحترم» و«صديق».

يقرأ  حزمة مجانية من جداول المشاعر القابلة للطباعة للأطفال

سياق أوسع: محاولات واشنطن لتأمين الإمدادات

منذ عودته إلى البيت الأبيض، سعى ترامب إلى صفقات مع دول عدة لتقليص اعتماد سلاسل الإمداد الأميركية على الصين. ففي أوكرانيا أبرمت واشنطن صفقة «معادن مقابل إعادة إعمار» في أبريل تمنح الشركات الأميركية وصولاً تفضيلياً إلى المعادن والموارد الطاقية مقابل الاستثمار بعد انتهاء الحرب. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية تتركز المحادثات على استخراج الكوبالت والليثيوم مع عروض أميركية بضمانات أمنية مقابل حقوق التعدين. وفي سبتمبر وقّعت باكستان مذكرة تفاهم بقيمة 500 مليون دولار تعهّدت فيها الولايات المتحدة ببناء مصفاة متعددة المعادن وتطوير رواسب المعادن النادرة.

تعكس هذه المبادرات نهج ترامب التبادلي في دبلوماسية الموارد — ربط الأمن والتقنية بالمعادن الاستراتيجية — ويقول محلّلون إن أستراليا قد تكون التالية في قائمة الشركاء.