مارك سافاج — مراسل الموسيقى
تايلور سويفت وترافيس كيلسي أعلنا خطوبتهما بعد عامين من المواعدة، ومع نهايةٍ تشبه قصص الخيال تبدأ أسئلة جديدة: ماذا سيعني هذا السعادة المكتشفة حديثاً لمسيرة سويفت الفنية؟
أعظم ما تملك سويفت كشاعرة أغنيات هو قدرتها على نسج سيرتها الذاتية داخل أغانٍ تتوازن فيها التفاصيل الدقيقة مع مواضيع عالمية عن الحب والأمل والانكسار والخيانة. ومنذ بداياتها، شكلت حياتها العاطفية النسيج الرابط لأغلب كتاباتها.
أولى أغنياتها المنفردة «تيم ماكغرو» — التي كتبتها أثناء حصة في مادة الرياضيات — كانت عن صديقها آنذاك، درو دنلاب، وتخرج من التوقّع بأن العلاقة ستنتهي قبيل ذهابه إلى الجامعة. كتبت أغنية تخليداً للرقصات البطيئة تحت ضوء القمر وراديو السيارة: «عندما تتذكر تيم ماكغرو، آمل أن تتذكرني».
هذه الحكاية الخالدة بدأت سرداً امتدّ عبر مهنها: رجال غير متاحين عاطفياً كما في أغنية «أول تو ويل» عن جيك غيلينهال، الانجذاب لصياد المشاكل كما في «آي نيو يو وِر ترابل» المرتبطة بهاري ستايلز، والقصص الانتقالية بعد فراق كما في «جيتواي كار» التي ارتبطت بتوم هيدلستون. وعلى الدوام كانت واعية لمستوى الهوس الإعلامي بعلاقاتها؛ في «شاك إت أوف» سخرت من خطاب الإعلام، وفي «بلانك سبيس» قمعت الشائعات بحسّ ساخر ومبالغ.
سويفت اختارت تحويل الصورة النمطية عنها إلى مادة فنية: بدل أن تكون ضحية للتغطية الصحفية الغريبة، صنعت منها شخصية أدبية قادرة على استغلال السرد لمصلحتها. عادت إلى هذا الموضوع في عملها الأخير حيث قابلت نقد الإنترنت بمقاطع تُجسّد قريّة متشدِّدة بلحمةٍ يهودية — لغة نقدية تصف الهجوم الأخلاقي على خياراتها الشخصية.
لكن من غير العدل اختزال أرشيفها (أكثر من مئتي وأربع وسبعين أغنية حتى الآن) إلى مسلسل عاطفي بحت. كتبت عن الإعلام، عن الصداقات الاحتفالية، وحتى عن الجرائم الخيالية بطريقة ذكية ومرحة. ولهذا استُعرِضَت ألقاب مثل «أعظم يوميات البوب» و«مايسترو الذاكرة».
فماذا سيحصل لو استقرت؟ كما لاحظت صديقتها فلورنس ويلتش، «الرضا يمكن أن يقتل الإبداع». واتفق بعض النقّاد بأن سعادة الزواج والروتين المنزلي قد لا يولدان أغنيات روك مثيرة مثلما تفعل رحلة البحث عن الحب. أمثلة تاريخية كثيرة تُبرز ذلك: بروس سبرينغستين احتفل بصفاء جديد بعد زواجه ثم قدّم ألبومات اعتبرها البعض أقل تأثيراً.
على الجانب الآخر، استثمرت فنانات مثل مادونا وبيونسيه تغيرات حياتهنّ الأمومية والزواجية لصياغة مراحل جديدة في الفن؛ مادونا مع Ray of Light تحولت إلى صوت روحي وتجاربي، وبيونسيه قدّمت تحوّلاً مفصلياً في ألبوم 2013 بعد الإعلان عن حملها في 2011.
سويفت نفسها برهنت أنها قادرة على كتابة أغانٍ مؤثرة من مكان السعادة: علاقة ست سنوات مع جو ألوين أنتجت أغنيات مثل «دليكات» و«لوفر» التي تُعد من أفضل أعمالها. كما كتبت بالفعل عن كيلسي في ألبوم العام الماضي، حيث سردت في «سو هاي سكول» كيف أعاد إليها سلوكه النبيل ثقتها بالرجال («يفتح لي باب السيارة، أليس هذا لطيفاً؟») وفي «ذا الكيمي» احتفلت بلحظة فوزه بالسوبر بول وتفضيله الحضور الَّى جانبها على التقاط الكأس.
أكّدت سويفت أن ألبومها الثاني عشر، «حياة فتاة العرض»، أكثر تفاؤلاً من مواد ألبومها السابق «قسم الشعراء المعذّبين»، وأنه سُجِل أثناء جولة إيراز في أوروبا، أي في المراحل الأولى من علاقتها مع كيلسي. قالت إن الألبوم خرج «من مكان فرحٍ مُعدٍ، بري، ودرامي في حياتي… فظهر هذا الحماس على التسجيل». ووصفها كيلسي مجتمعينها بـ«اثني عشر أغنية مُرشدة» — وصف اعتمده الإعلام كـ«12 بانجر».
هل ستظهر سويفت سعادة الزواج في موسيقاها؟ سيكون أمراً غريباً لو لم يحدث. لكن لا ننسى أن فترة السعادة السابقة مع ألوين دفعتها أيضاً إلى منحى آخر: ألبومات «فولكلور» و«إيفرمور» التي ظهرت أثناء الجائحة تبنّت سرداً خيالياً وروائياً على إيقاعات عضوية واكoustic، وكانت منعطفاً لاستعادة قيمتها الفنية بعد استقبالٍ متباين لألبوم «لوفر».
لو أدّت الحياة الزوجية إلى تحول جديد، فقد تفتح فصلاً آخر كلياً في مسيرتها. كما قالت الكاتبة أوليفيا بيتر على إحدى المنصات: «هناك عالَم كامل من المواد حين تكون متزوجاً أو مستقرّاً. إنها حكاية خيالية من نوع مختلف تدخلها الآن».
البعض لاحظ أن رقمها المفضل هو 13، وأن ألبومهاالثالث عشر سيكون أول عمل يتناول زواجها صراحةً — تفسيرٌ أطلقه السويفتية المولعون بنظريات المؤامرة على أنه مخطط مُسبق. في النهاية، تبدو الحقيقة أبسط: الفنانة التي شدت العالم بمذكراتها الغنائية ربما ستجد في الاستقرار مادةً جديدة، أو ستستغل السكينة لتبتكر طرقاً سردية أخرى؛ وبغض النظر عن المسار، فإن جمهورها يترقب كيف ستحوّل سعادتها الجديدة إلى أغنية.